في ظل الاحداث والمجريات المتعلقة بقضية اضراب المعلمين، وخاصة قرار المحكمة الإدارية الأخير، والقاضي بضرورة وقف الإضراب، فإننا نؤكد على أمر في غاية الأهمية، وهو ان زج القضاء في موضوع المعلمين يعتبر أمر خطير، ويحمل في نفس الوقت شبهة قانونية .. فمن جهة، فهو يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء، والذي يحتم أن يكون عمل القضاء محايدا ومستقلا، ومن جهة اخرى، يشكل مثل هذا التصرف اعتداء واضحا على احد الحقوق المكفولة بموجب نصوص الدستور؛ وهو الحق في الإضراب، فاستنادا إلى مبدأ المشروعية، فان أي تشريع أو قرار يخالف أحكام الدستور أو يمس حقا من حقوقه يعتبر غير دستوري، ويستوجب البطلان ..
الأمر الذي يدعو إلى التساؤل : هل يعتبر قرار المحكمة الإدارية - الذي يلزم المعلمين بوقف اضرابهم - متفقاً وصحيح القانون ؟؟!! خاصة وأن المحكمة استندت في حكمها إلى حالة الاستعجال أو الضرورة، حيث قامت بإسقاط شروط حالة الاستعجال والضرورة على موضوع اضراب المعلمين لتمنح نفسها صفة القضاء المستعجل، وتقوم بدورها بإصدار مثل هذا القرار، وقد جاء في قرارها : ( .. ولتوافر شروط القضاء المستعجل من حيث وجود خطر والذي يستلزم درؤه بسرعة دون تأخير أو تأجيل، وأن يؤدي تنفيذ القرار المطعون فيه إلى نتائج يصعب تداركها، وألا يمس القرار المستعجل موضوع الدعوى؛ فقد قررت المحكمة وقف تنفيذ قرار إعلان الإضراب المفتوح مؤقتا إلى حين البت في الدعوى ) ..
وبالتدقيق في الشروط التي استندت اليها المحكمة الإدارية في حارها اعلاه، ندرك يقينا بأن القرار الذي اتخذته لم يحمل في طياته طابعا قضائيا بحتاً، وإنما جاء بنغمة سياسية، الهدف من ورائه كسر الاضراب وإعطاء الحكومة غطاءً قانونيا لتبرير تصرفاتها أو إجراءاتها التي قد تتخذها بحق نقابة المعلمين مستقبلا، والتي قد تصل الى حد وقف عمل النقابة الى حين صدور قرار من المحكمة، وصدور مثل هذا القرار قد يستغرق عدة أشهر أو ربما عدة سنوات !!!
ومن هنا ادعو النقابة إلى مراجعة موقفها جيدا من موضوع الإضراب، والخروج بصيغة توافقية مع الحكومة حول مطالبها، وذلك حتى لا تقع فريسة لعبة تديرها الاخيرة، والتي قد تفقد النقابة شرعيتها، وتحت غطاء القانون ..