هناك حقائق دامغة لا بد من سردها للإجابة عن هذا السؤال وهي كالتالي:
إضراب المعلمين العصّي على الكسر بهذه الطريقة وهذا الأسلوب وبإجماع التزامهم مع مع مطالب نقابتهم وبالمدة الزمنية التي استغرقها حتى الآن وعدم انجرارهم نحو الاشتباك والعنف مع (المراسيل) الذين أُرسلوا الى المدارس لإختراق الإضراب ودفاعهم الراقي عن قضيتهم وإيمانهم بعدالتها وشجاعتهم في الإصرار على تحقيق مطالبهم يعتبر عملاً فريداً وغير مسبوق وفعلاً نقابياً ناجحاً ، حيث استطاع المعلمون كسب تأييد الشعب الاردني لأنهم شكلوا حالة معارضة مهنية قانونية ودستورية ناجحة وناصعة كبيرة ومنظمة وقوية مطالبة بتحقيق العدالة ورفع الظلم وعدم السكوت عن الحق.
في إضرابهم كان المعلمون نواب الشعب الذين حازوا على ثقته وصاروا صوته الشجاع المجلجل القوي والجريء والمسموع الذي صدح بالحق عالياً وعرّى الباطل وحارب الفساد وأهله وأقض مضاجعه وأقلق راحة المفسدين في بلادنا ،واوضح الحقائق وكشف الزيف والتضليل والخداع .
المعلمون حتى لو فكوا إضرابهم ولم يحصلوا على مطالبهم الآن فقد حصلوا على محبة وإحترام الاردنيين وهي الأثمن وسيحصلون وقريباً بحكمتهم وحُسن إدارتهم وقوة إرادتهم وبإصرارهم وعزمهم الذي لا يلين على مطالبهم العادلة.
المعلمون وإن استجابوا اليوم لقرار المحكمة الإدارية العليا الذي حاول إعادة بعض ماء الوجه للحكومة فإنهم يكسبون جولة جديدة لإنصياعهم للقانون وقد فازوا قبلها وانتصروا للشعب وانتصر معهم الوطن وخسرت الحكومة.
المعلمون بعد الإضراب عليهم مسؤوليات كبيرة، سيضاعفون عطاءهم ، وسيرفعون كفاءاتهم وكفاياتهم وقدراتهم ، وسيعوضون على الطلبة كل ما فاتهم، وسيتحدوّن كل ظروفهم من اجل مزيد من النجاح، وسيثبتون انهم اهلّ لثقة واحترام الاردنيين الذين وقفوا معهم واسندوهم وحموا ظهورهم لنجاح مسعاهم.
إضراب المعلمين هزم النفاق وأهله،
وأيقظ النيام الذي استمرأوا الذل والهوان وسكتوا على الظلم والضيم وضياع الحقوق ونهب الوطن.
إضراب المعلمين زلزال اجتماعي وحّدَ الاردنيين ، ورص صفوفهم وفتّح عيونهم وقوّى عزائمهم ،وشحذ هممهم ، ورفع اصواتهم (أن كفى) لن نسكت عن ضياع الاردن بعد اليوم، وبث فيهم الأمل ان هناك اردن جديد غير الذي كان قبل الإضراب.