أما وقد أسدلت الستارة على أزمة المعلمين وحصول تفاهمات وإتفاق بين الحكومة ونقابة المعلمين؛ فقد حقق الوطن بكل مكوناته إنتصاراً وطنياً على كل الأصعدة في المواطنة والتعبير عن الرأي والحوار والمطالبية والحقوق والواجبات والحضارية وسيادة القانون وغيرها؛ وخرج الأردن أقوى وأصلب في حالة وطنية أساسها ديمقراطي مؤمن بإحترام الرأي والرأي الآخر وحضارية التعبير عن الرأي:
1. مكانة المعلم رسمياً وشعبياً فيها سمو وإحترام وتقدير ولم لن تتغير لأنهم البناة الحقيقيون للأجيال وصنّاع المستقبل والمستثمرون في القوى البشرية المؤهلة والكفؤة؛ فالمعلمون قدّموا عصارة جهودهم وفكرهم لتنشئة كل الأجيال ولولاهم ما كان الجميع في مكانتهم الحالية.
2. سنضع خلفنا كل التجاذبات التي آلت لإضراب المعلمين لمدة أربع أسابيع ونتحدث في النتائج التي كانت لصالح الجميع؛ فلا غالب ولا مغلوب؛ فالنتيجة كانت لصالح المعلمين والطلبة والحكومة والنقابة والأهل والمواطنين الأردنيين كافة؛ حيث الكل مستفيد والكل في خندق الوطن.
3. جاء إعتذار دولة رئيس الوزراء للمعلمين الشعرة التي قصمت ظهر البعير وهدّأت فتيل الأزمة لا بل أطفأتها؛ وكانت المقدمة لإتفاق الحكومة ونقابة المعلمين؛ كمؤشر إلى أن كرامة المعلمين كانت هي الطلب الأسمى للمعلمين بغض النظر عن ما تحقق من مطالب مادية أخرى.
4. دروس عدّة إستفدناها من أزمة المعلمين أساسها أهمية عامل الوقت في إدارة الأزمات؛ وضرورة أن ينبري صوت الحكمة والعقل دوماً دون تطرّف في الرأي؛ وضرورة أن تسود لغة الحوار الوطني المسؤول للوصول لحلول توافقية دون تخندق؛ وضرورة أن يكون إعلامنا إعلام وطن وأن نمتلك سياسات إعلامية تعزز المصالح العامة؛ وضرورة أن يخلق الإعلام رأياً عاماً؛ وضرورة إستغلال وسائل التواصل الإجتماعي إيجاباً لا سلباً؛ والكثير من الدروس.
5. أجزم بأن أخواتنا المعلمات وإخواننا المعلمين سيعوّضوا للطلبة ما فاتهم من دروس بشكل إفتراضي وتلقائي لأنهم خير من يدركوا المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم في هذا الصدد؛ كما أجزم بأن المعلمين سيحاولوا جهودهم لتجويد التعليم لينعكس هذا الإتفاق التاريخي على مخرجات التعليم العام لغايات تحسين العملية التربوية وخلق ثورة بيضاء لإصلاح التعليم.
6. اليوم سيكون فعلياً هو اليوم الأول للدراسة في هذا العام؛ فمطلوب من الطلبة التوجه لمدارسهم بروحية الإندفاع والشوق للدراسة وإحترام معلميهم؛ ومطلوب من الأهل تفهّم واقع الحال فيما جرى في الشهر الماضي والتطلع للأمام؛ ومطلوب من المعلمين مضاعفة العطاء والإيمان المطلق بأنهم ينالون إحترام كل مكونات المجتمع وكرامتهم من كرامة الجميع.
7. لغة الحوار كقيمة وطنية والتي طغت على اللقاءات الحكومية والنقابة وطفت على السطح خلال أزمة المعلمين تؤكد بأننا وإن إختلفنا بآرائنا تجاه أي أزمة لكننا لن ولا نختلف على الوطن وثوابته ومصالحه العليا؛ لأن الوطن هو القاسم المشترك الأعظم للجميع.
8. الأردن يؤكد خلال كل أزمة بأنه يستطيع تجاوز كل الأزمات والتحديات أنّى كانت؛ وذلك لأن هذا الوطن لديه من الرجال المخلصين والشرفاء الكثير الكثير ووقت الأزمات يكون الكل في خندق الوطن؛ فالأزمة التي لا تكسر الظهر تقوّيه!
9. إشتقنا والله لفلذات أكبادنا ليملأوا المدارس بالبهجة والفرح؛ ولنرى الإبتسامة على محيّاهم جميعاً؛ ولنسمع ترنيمة السلام الملكي تصدح كل صباح في بيئتنا المدرسية؛ وأصوات المعلمين في قاعات الصف؛ وإشتقنا لأزمات السير أمام المدارس؛ وإشتقنا لعطاء الجميع في سبيل رفعة الوطن.
10. والأهم من ذلك مطلوب أن نستفيد من الدروس المستفادة من هذه الأزمة كي نمنع تكرارها وأي أزمة مستقبلية على شاكلتها لا سمح الله تعالى؛ فإدارة الأزمات وعامل الوقت فيها والبدائل والحوار والتفاوض كلها عوامل يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار.
11. شكر للجميع على جهودهم الوطنية المخلصة إبّان الأزمة للحفاظ على الأمن والإستقرار؛ الأجهزة الأمنية والمواطنون والمعلمون والطلبة والأهالي والحكومة والجميع؛ أرجو الله مخلصاً أن يكون ذلك في ميزان حسناتهم.
بصراحة: حل أزمة المعلمين شكّلت فرحة وطن حقيقية لكل عناصر البيئة التعليمية من طلبة ومعلمين وأهل ومجتمع محلي ووزارة تربية وتعليم وحكومة؛ كما شكّلت إنتصاراً للوطن بكل مكوناته؛ واليوم عيد بعيدين للمعلمين؛ ومطلوب الإستفادة من كل الدروس المستفادة من هذه الأزمة لتجذير لغة الحوار وإحترام الرأي الآخر ومهارات الإنصات والتفاوض وإنخاذ القرار وغيرها ليصبّ ذلك كله في خندق الوطن الأشم؛ وكل عام والطلبة والمعلمين والأهل والوزارة والوطن وأجهزتنا الأمنية وقائد الوطن بألف خير.