في الأخبار الإٍسرائيلية الأسبوع الماضي أن رئيس وزراء الدولة العبرية المكلف بنيامين نتانياهو قد خضع أخيرا الى جلسة تحقيق مطولة في وزارة القضاء استغرقت عشر ساعات متواصلة، ذلك الرئيس «الفاسد» حكم الكيان الإسرائيلي لفترة تشبه حكم العالم الثالث،أربعة عشر عاما خلال فترتين ليسجل أطول فترة يترأسها حاكم إسرائيلي، وخاض خلالها معارك سياسية عنيفة وشن حروبا من طرف واحد ضد الفلسطينيين في الداخل وعمليات خارجية على الأراضي العربية المجاورة،وحققت دولته إنجازات علمية واقتصادية وتكنولوجية وهيمنة دولية في ظل حكمه،وآخر بركاته هي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية للقدس بإعلان الرئيس ترمب، ومع هذا تجلبه الشرطة ويخضعه القضاء للتحقيق.
إحدى التهم الموجهة لنتانياهو هي تلقيه علبة سيجار فاخر وزجاجات شيمبانيا ومجوهرات بقيمة 250 الف دولار لزوجته الثالثة سارة التي كانت مضيفة جوية في شركة العال، وجاء زواجهما بعد فضائح جنسية أطاحت بزوجتيه السابقتين، والتهم الأخرى تتعلق بتقديمه رشى مفترضة لمالكي صحف كبرى في إسرائيل لتلميع صورته امام الجمهور، على طريقة «إدفع ونلمّعك»، الأول موقع «واللا» لصاحبه شاؤول الوفيتش مقابل تأمينه بامتيازات حكومية مكنته من ملايين الدولارات لشركات الإتصال خاصته، والثانية لصحيفة «يديعوت احرنوت» وصاحبها أرنون موزس لتلميع صورة «الرئيس بيبي»،ومع هذا لا يزال العنيد يناطح بقرون من طين لكسب حكومة جديدة على الطريقة العربية.
هناك جهل كبير في أوساط المجتمعات العربية، فهي لا تفرق بين يهودي وبين يهودي صهيوني، وبين رئيس حكومة يأتي على أكتاف الناخبين ورئيس حكومة أو دولة يأتي على جماجم المواطنين،وبين حاكم تقض مضاجع نومه أزمات بلاده الإقتصادية وكوابيس التحديات المستقبلية لبلده وشعبه ويحسب المعادلات السياسية والاقتصادية بميزان الذهب، وبين حكام يرون في موت وقتل أبناء بلادهم قرابين تقربهم الى عالم أفضل، فيغسلون بدماء الأبرياء قاذورات السياسة والنجاسة التي دهورت عالمنا الى الدرك الأسفل في قائمة بلاد العالم،ومع هذا لا يزال المتفلسفون مثلنا ينظرون الى رؤساء دولة الإحتلال على أنهم أبطال يخضعون للقانون ويقاتلون لمصلحة بلادهم التي سرقوها من الشعب العربي الشريف، يا لجهلنا وخيبتنا.
لنعد الى التهم الموجهة لنتاياهو وللسيجار والمجوهرات والشمبانيا، فقد أخبرني موظف في المطار الوحيد لدولة عربية أنه رأى أحد كبار مسؤولي الدولة يأمر مرافقه فيجلب له صندوقا من أفخر أنواع «الويسكي» والعياذ بالله، والفاتورة ترسل الى هناك، ولا نعرف أي جهة هناك،غرب شرق جنوب شمال، أما علب السيجار الفاخر فتوزع كهدايا من الأعلى الى الأدنى على الطريقة العكسية لنتايناهو،أما الأموال فهي تمنح كاش،لو سمحتم،بلا ضريبة ولا وجع راس،واتركوا الباقي علينا.
في عالمنا العربي لو أحصينا المليارات التي تهدر على سلعة اللذة والفساد والقتل وتدمير التنمية،ونحاكم المسؤولين عنها لما وجدنا مسؤولا واحدا يقود سفينة الدولة التي لا تحارب الأعداء.. بصحتكم وعجّ عليها يا نتانياهو ما حدا أحسن من حدا.