لم يعد المحتالون والنصابون واللصوص والمشعوذون بحاجة إلى الظهور العلني الشخصي الفيزيائي، تحت انظار المارة والتحريين وعدسات كاميرات المحال التجارية والمنازل.
لقد وفر لهم التطور العلمي الهائل، ومواهبهم الشيطانية الشريرة وطمع الزبائن وجشعهم وغباؤهم، فرصا خرافية للعمل السريع المثمر المجزي !!
حمتهم وسائط التواصل الاجتماعي من احتمالات الكشف السريع، وكفتهم مشاق البحث الطويل المضني عن فريسة، وجنبتهم بذل الجهد في المراقبة والمتابعة وترصد الفريسة وشراء ملابس النصب واستئجار سيارة فارهة وسائق أنيق.
لقد أصبح في وسع النصاب واللص والمحتال والمشعوذ، ان يمارس «الشغل» وهو يجلس على مقعد وثير في المنزل او في الحديقة العامة او في الكافيه، وهو يمسك بموبايل ذكي او وهو على شاشة اللابتوب.
لقد دخلت مصطلحات جديدة على قاموس الجرائم الإلكترونية التقليدية المتنوعة الكثيرة، مثل الشعوذة الإلكترونية، حيث يمارس محتال بمعدل ذكاء -IQ- نحو 80 درجة حسب اختبار عالم النفس الشهير ويليام شتيرن، الاحتيال على حامل درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز وبمعدل ذكاء 120 درجة حسب اختبار شتيرن اياه.
وقد حصل في قطر عربي، ان احتال شاب في الثامنة عشرة من عمره، زعم انه «متصل»، على بروفيسورة «قد الدنيا»، طلب منها تزويده بفيديو لها وهي عارية، كي يقرأ عليها ما يشفيها من الحسد والعفاريت، وقد زودته بما طلب، فأصبحت ضحية ابتزازه الدائمة.
ويحصل عندنا ما يماثل تلك الشعوذة وأقوى وأقل.
لقد سهل الجريمة الإلكترونية بأنواعها كافة، ان نسبة استخدام الهاتف الذكي والانترنت اصبحت 89 ٪، اي بملايين المستخدمين.
ولا نندهش اذا علمنا ان عدد القضايا المحولة من النائب العام إلى وحدة الجرائم الإلكترونية لدى ادارة البحث الجنائي كانت 7500 قضية عام 2018 !!
والجرائم والقضايا والاعباء على القضاء وعلى شبابنا في البحث الجنائي والأمن العام، في ازدياد كبير، بسبب ما اسلفت من تطور، وبسبب الثقة بقدرة شبابنا المحترف المحترم، على كشف الجرائم والحفاظ على سرية المعلومات والسرعة والكفاءة والتسهيل على المواطن والعمل على مدار 365/24.
ومعلوم ان الردع الذي يتحقق من وراء منع الجريمة وكشفها وكشف الجناة وإلحاق العقوبة بهم، يمنع أو يحد أو يخفف من تكرارها.