شهدت لبنان في الأيام القليلة الماضية مظاهرات شعبية حاشدة احتجاجا على فرض السلطات الحاكمة ضرائب على بعض وسائل التواصل الاجتماعي مما أثار غضب الشعب اللبناني الذي استهجن وبشدة هذه القرارات وقرر النزول الى الشارع واعلان حالة الفوضى العارمة التي جالت شوارع بيروت وسط حالة من الذعر المجتمعي الذي انقسم ما بين مؤيد للحراك العشبي وآخر رافض، ومما يلفت الانتباه في هذه المظاهرات الشعبية انضمام عدد كبير من الناشطين والفنانين وآخرها اعلان الجيش اللبناني انضمامه الذي رأى فيه استجابة حقيقية لمطالبه المدفونة من عقود كانت تتخفى تحت ضغط حكومي ظالم حتى انفجر الشعب والجيش معا منادين بشعارات صريحة تطالب باسقاط الحكومة دون تراجع .
وفي محاولة لتفادي الأزمة حاول الرئيس اللبناني منح حكومة" الوحدة الوطنية " مهلة اثنان وسبعون ساعة، ولكن مع الأسف لم يكن يعلم أن الحرائق التي شهدتها المنطقة قبل أسابيع وما كشفته من الفساد الاداري والمحلي والاقتصادي كانت القنبلة التي أشعلت غضب الشعب خصوصا بعد اتباعها بفرض ضرائب غير مرغوب بها مبررة لأسباب العجز والمديونية وغيرها من الذرائغ غير المقبولة شعبيا فكانت الكارثة خروج أعداد هائلة من الللبنانين في حميع محافظات الجمهورية، ومن المثير للدهشة والاستغراب الذي انتقده الكثيرون من الشعوب الأخرى طريقة التظاهر التي كانت في بعض مواقفها غير مرحب بها ، ولكن ما يهم في هذا الصدد هو الثوران الشعبي ومطالبه الشرعية التي تعالت في الشوراع و أثبت قوة وصلابة الشعب الثائر وخوفه بأن تنجرف البلاد الى الافلاس .
ولكن يبقى السؤال ذاته المطروح هل اذا سقطت تلك الحكومة ستأتي أخرى وتتبع نفس النهج والسياسات السابقة في ابقاء السلطة الحاكمة كما كنا في العصور المظلمة تأكل الأخصر واليابس! ويضيع المواطن بين غيابات الجوع والحرمان والفقر والتسول والانتحار الذي يراه مخرج من ظروف معيشية محكومة بيد فئة تملك حتى التحكم بالهواء الذي يتنفسونه!.