المقصود بالاصلاح هنا تجاوز الاخطاء مهما كانت معقدة وصعبة بتغييرها سواءً كانت بالتشريعات التي استغلها اصحاب النفوس المريضة للاثراء على حساب الوطن أو إذا كانت قديمة وغير صالحة ولا تحقق الشفافية ولا تلبي الطموح نحو الافضل، وهذا واضح في المكافآت والسفرات والمياومات والضيافة التي تُصرف لكبار مسؤولي الدولة، مما خلق طبقة أثرياء بسبب الوظيفة العامة فامتلكوا العقارات والقصور والفلل والاراضي والسيارات، وهذا بدوره خلق حالة من الحقد الطبقي بين الناس وأصبحت الوظيفة العامة يتولاها أصحاب النفوذ والواسطات لتحقيق مصالحهم وتكديس ثرواتهم، أما التغيير فنقصد به الثبات والتكيف والثبات يعني استمرار النظام بشكله المعهود، ورفض كل الدعوات التي نسمعها بين الحين والاخر على لسان نفرِ من الناس باسقاطه،اما التكيف فيعني الاستجابة لمتطلبات التغيير بسبب الضغوط التي تحملها رياح التغيير التي تهب على المنطقة وعنوانها اجتثاث الفساد ومحاسبة القائمين عليه، ورغبة الناس بتحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة التي افترسها الفاسدون على مدى عقود مضت وزينوا أعمالهم ودافعوا عن فسادهم بحجج عديدة وواهية. الجميل في الموضوع ان نظامنا السياسي مرن ولا يوجد لديه مشكلة بالاصلاح على كل المستويات وقد سمعت ذلك من جلالة الملك بشكل مباشر وفي كل تصريحاته وهو يريد دولة يسودها القانون وتتحقق فيها العدالة الاجتماعية وهذا يغيظ قوى شد العكسي التي تعمل جاهدة لاخفاق أي تحرك بهذا الاتجاه، خوفا على مكتسباتها ومحاسبتها بالمستقبل، وكان جلالة الملك قد طلب من الشباب الضغط من القاعدة لاحداث التغيير وقد ضغط جلالته من فوق عندما سمع أنين الطبقة الكادحة التي تطالب بتحسين اوضاعها المعيشية وقد أمر الحكومة بتلبية احتياجات الطبقة الفقيرة على الفور وتحسين ظروفها المعيشية ومنحهم الزيادات التي توفر لهم الحد الادنى من الحفاظ على كرامتهم بعيش كريم، وهي الحكومة نفسها التي تباكي رئيسُها من الطفر، وكان يبحث عن تامين زيادة رواتب المعلمين بالاقتراض من الخارج علماً بانه يمتلك الحل بين يديه بصفته الوظيفية وصاحب الولاية. هذه الحكومة تهدر مليارات الدولارات سنويا على الهيئات المستقلة والسفارات والملحقيات بالخارج والمشروع النووي الفاشل والاعطيات للمسؤولين الذين يقدمون الوهم بانهم صمام امان المجتمع.. وهم على العكس من ذلك فقد زادوا حدة الانقسام الطبقي واستغلوا نفوذهم بشكل عير طبيعي وتضخمت ثرواتهم ولم يُقدم أحداً منهم في إطار قانون الكسب غير المشروع الذي شرعته الحكومة؛ الى التحقيق لإثبات مصادر ثرواتهم.. ونحن نشاهد هذا الترف الذي أصبح على لسان كل مواطن.. وهنا اتساءل كيف يمتلك أبناء هؤلاء سيارات تقدر كلفة الواحدة بنصف مليون دينار ولم يعمل احدهم يوما بالتجارة او بالصناعة او الزراعة. الاصلاح يعني تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاسبة كل من تطاول على المال العام واسترجاع الاموال التي حصلوا عليها باستغلالهم الثغرات القانونية وتحت غطاء القانون. لا نريد من أي شخص رفع شعار اسقاط النظام بل نريد رفع شعار معاونة النظام لاسترداد الدولة الى حالتها الطبيعية يسودها القانون لتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاسبة كل من تجاوز القانون بغض النظر عن مكانته وموقعه أو الإدعاء بأي حماية لانه لا يصح الا الصحيح والدولة أهم من الاشخاص. حمى الله الوطن والشعب وحمى الله قيادته صمام امان واستقرار للجميع.