أن يأتي الربيع في موعده وأزهاره ووروده في الثاني عشر من ربيع الأول في كل عام يحمل وينشر عطره في جنبات الكون وتسبح الكائنات والمخلوقات وجميع ما خلق الله في آلائها وكونها وأجرامها والسماء وأبراجها والأرض وسهولها ومروجها وأوديتها كلها تردد قول الحق {{...مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّه...}}
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم....هذه أعظم وأرفع وأجل منزلة أن يوصف بها رسولنا الكريم مقرونا باسم رب العالمين .
علمنا ربنا جلاله كيفية الصلاة على رسوله الكريم وصلاة ملائكته عليه والمؤمنين
قال الله تعالى :-{{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ
أنه لشرف عظيم ومقام كريم وصلاة تشريف وتعظيم من الله وملائكته، ونداء جليل موجه من رب العالمين لكل المؤمنين بالدعاء والثناء والبركة للنبي الكريم ،مقابل الأجر الكبير من الله العليم ،
يقول صلى الله عليه وسلم {{من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرًا}}}
إذن يحق أن يكون مولده ربيعا دائما مخضرا على البشرية جمعاء بما نالها من ولادته وبعتثه
قال تعالى {{...وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ...}} رحمة في رسالته فقد أنقذ بها البشرية من الضلال إلى الهداية وأخرجهم من الظلمات إلى النور ومازال نور الهداية قائم بإذن الله .
هذا الربيع هو الذي حمل البشرى بأنواعها وألوانها إلى الناس كافة
قال الله تعالى :-{{..وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}} مبشرا برسالة ربه الكريم ومنذرا كل معرض وعنيد عن رسالة التوحيد.
ربيع دائم الخضرة والنضرة والهواء العليل والنسيم اللطيف الخفيف يجذب اليه كل الأنفس الرضية بحسن أخلاقه وطيب كلامه ومزاجه ولا ينكر ذلك أحد فقد أخبر عنه رب البشر البشر بالذات إلى الممات...
قال الله تعالى :- {{...فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ...}}
عاد الربيع مع الرحمة مرة ومرات بعدد من الصفات منها اللين واللطف والقلب الرحيم والشفافية والشفقة على كل المؤمنين......
قال الله تعالى :- {{...حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ...}}
جاء الربيع بما فيه من الخيرات والشمائل والصفات والحسنات مرات عديدة وتميز عن كل الفصول ربيعا بزهره وورده الذي أختاره رب العالمين مولد أمة لم يكن لها وجود فظهر اسمها في الكون وميزها ربها على كل الوجود
قال الله تعالى :- {{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...}}
فهو ربيع من أفضلكم وأكرمكم فجَوْهَر معدِنه نَفِيسٌ، معروف شريف مشهور بين قومه بالصادق الأمين.... قال الله تعالى :- {{... قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ...}}.
وصفه أقرب الناس اليه عند مبعثه بأحسن الصفات في كلمات موجزات ذات معاني ودلالات لا توجد إلا فيه بالذات
خلوقا صلى الله عليه وسلم فلم يكن طعانا ولا لعانا ولا فاحشا ولا متفحشا، محبا للخير وأهله والبشرية كافة من أجل الهداية ،
تحمل من أجل الرسالة المصاعب والمشاق، فقد ذهب يوما نحو الطائف يدعوهم لدين الله فرده أهلها وأغروا به سفائهم وأسالوا الدم من قدميه الشريفتين ومع هذا كان ودودا رحيما لا يحمل في قلبه إلا الرحمة والدعوة لهم والشفقة عليهم وأعذرهم لأن صاحب رسالة وهذا التصرف الحكيم أكبر دليل وعلامة وقد اوصى أصحابه بهذا
{{ قَالَ النَّبيَّ ﷺ لِعَليًّ رضي الله عنه فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم}}
ومع هذا كانت دعوته صلى الله عليه وسلم مستجابة فجعلها في الخير وخص بها قومه
ومن رحمته وحبه وحسن عفوه ولطفه ففي فتح مكة المكرمة أكرم قومه رغم تمكنه من رقابهم فالعفو عند المقدرة....{{قال ابن هشام حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:...: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تُرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاء}}
وقد شهد له الواح الأحد في سورة القلم وما خطت الآيات القرآنية إلا اليه بأمر رب العالمين
قال الله تعالى :-{{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }} وتميز في صفاته وحسن كلامه ومعاملته مع كل البشر حتى باقي المخلوقات فقد شكى له الجمل وبكى بين يديه فعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ قَالَ: فَدَخَلَ أي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطًا (بُسْتَانًا) لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ...}}
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال دعوت الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الخندق..... {{قالت:-"أي زوجة جابر" عندي شعير وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأكافي قد كادت أن تنضج،
فقلت: طعيمٌ لي؛ فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان،
قال: كم هو؟ فذكرت له.
قال: كثير طيب!
قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي...
فقال: قوموا. فقام المهجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته
قال: ويحك! جاء النبي صلى الله عليه وسلم، والمهاجرون والأنصار معه،
قالت: هل سألك؟ قلت: نعم.
فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا، فجعل يقسم الخبز ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذوا منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية.
قال: كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة}}
هذه من بركة من بركاته عليه الصلاة والسلام فقد أطعم جيشا كثيرا خرج في سبيل الله ببركته.
وقال عليه الصلاة والسلام في ختام القصة للمرأة: كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة، قالت: فلم نزل نأكل ونهدي يومنا أجمع}} ما شاء الله.
ومن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم نبع الماء من بين أصابعه {{ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا «عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ يَتَوَضَّأُ مِنْهَا فَجَهَشَ النَّاسُ...