جلس رجل مسن على ضفة نهر وفجأة ومن دون أي سابق إنذار لمح قطاً يكادُ يغرق في الماء فذهب إليه الرجل مسرعاً لينقذه، ومد له يده فخمشه القط فسحب الرجل يدهُ صارخاً من شدة الألم، ولم تمضِ سوى بضع دقائق حتى مدّ يده مرةً أخرى لينقذه ولكن خمشه القط فصرخ الرجل.
على مقربةٍ منه كان هناك رجل يراقبه فذهب إليه ليخبره «ألم تتعظ من المرةِ الأولى»، ولكن لم يأبه الرجل وحاول مساعدته حتى تمكن من إنقاذه. مشى الرجل المسن باتجاهه قائلاً «يا بني، من طبع القط أن يخرمش ومن طبعي أن أحن وأساعد، لماذا تريدني أن أسمح لطبع القط بأن يتغلب على طبعي».
فعندما يسيء أحدهم لأي شخص بالقول أو الفعل، يفضّل أن يقابل الشخص الإساءة بالإحسان، فهذا التصرف من الممكن أن يشعِر المسيء بالندم، وبالتالي يستوعب أنه قد ارتكب خطأً كبيراً في حقه. ولتقريب المسافات بين الآخرين لا بد من إظهار التقدير والثقة بهم، وذلك بالتعبير عن السعادة والامتنان تجاه أعمالهم المتميزة، وذلك كفيل أن يحقق التواصل الفعّال وتعزيز العلاقات الإيجابية.
«كن جميل الخُلق تهواك القلوب».
بادر دائماً بالحديث أولاً واكسر الحواجز بينك وبين الآخرين بالكلام الطيب، ولا تخشَ من رفضهم لك لأن هذه المبادرة تلطف العلاقات بين الناس، أما المجاملة بحدود فهي فن وثقافة يجب الإلمام بهمـا ولكن بشكل لا يزعج الآخرين. والحرص على الابتسامة، فهو أقصر طريق للدخول في قلوب الناس لأنها تذيب الجليد بينك وبينهم، والأجمل أن هذه الابتسامة في وجه أخيك التي تأسر القلوب تعد الصدقة التي ترفع الدرجات.
قال خير من وطئت قدماه الثرى، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بُعثتُ لِأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق)، وسُئل عليه الصلاة والسلام عن أكثر ما يُدخِل الناسَ الجنة، فقال (تقْوَى الله، وحُسْن الخلُق).
إذاً عامل الناس بطبعك لا بطبعهم، مهما كانت تصرفاتهم مؤذية وجارحة، ولا تتخلَّ عن صفاتك الإيجابية وأخلاقك لمجرد أن الآخرين لا يستحقون اهتمامك وجمال أخلاقك. ولا تندم على اللحظات التي أسعدت بها أي أحد حتى ولو اكتشفت بعد فترة أنه لم يكن يستحق كل هذا القدر من الاهتمام والوقت، فعندما تكون سبباً بسعادة الآخرين سيبعث الله سبحانه وتعالى من يسعدك، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.