ولعل هذا الانتفاضة الملكية التى قام بها الملك والاردن نيابة عن المجتمع الدولى ستحمل ابعادا سياسية كبيرة على صعيد اعادة الحقوق العربية ضمن اطار الشرعية الدولية باعتبارها تشكل المرجعية الاممية، وستعمل ايضا على حفظ درجة التوازن الاقليمي من مغبة الانجرار الى ميادين التطرف والصدام، وكما ستعيد الثقل العربي الى ذلك الوازن الذى يحفظ للدور العربي حضوره الاقليمي ومكانته الدولية، وذلك ضمن خطوط متسقة تقوم على الندية مع ميزان المصالح الاقليمية والتى مازالت قواها المركزية تعمل للتمدد العامودي والتغلغل الافقي وإن كانت وفق اوجه مختلفة لكنها تحمل توجهات واحدة.
فان اسطنبول وتل ابيب وطهران تحمل ذات التوجه وتسعى الى تحقيق ذات الاهداف وإن تباينت الإيديولوجية التوسعية التى تقف عليها العثمانية التركية والعقدة الامنية الاسرائيلية وولاية الفقية الفارسية، فان الوطن العربي مستهدف والثروات والموارد العربية البشرية والطبيعية محط مطمع هذه الدول التوسعية، وامل ورجاء الامة يكمن في المحافظة على وجودها الجيوسياسي ومكانتها فى المنطقة باعتبارها تشكل محور ند وليست قطعة مبعثرة يقوم على أجزائها هذا الطرف وتستبيح ثرواتها تلك الجهة، فان الحق العربي سيغيب ان غاب دور الامة والمكانة العربية ستتلاشى ان لم تنتفض على ذاتها.
من هنا تأتي اهمية الانتفاضة الملكية من اجل الدور العربي وقضاياه، ومن اجل حفظ التوازن الاقليمي ورسالته، ومن اجل احترام الشرعية الدولية ومكانتها، محاولا استدراك المشهد الاقليمي الذى تشير قراءته الى دخول المنطقة على ميادين تصادم وصدام فى ظل تغول القوى الاقليمية على فرض ايقاعها على الثروات الطبيعية كما فى البحر المتوسط والخليج العربي وعلى الاماكن الاستراتيجية فى مضيق هرمز ومضيق باب المندب اضافة الى ميادين التسابق على بسط النفوذ الذى يمكن مشاهدته بوضوح في فلسطين وسوريا ولبنان وليبيا والعراق واليمن والسودان.
ان انتفاضة الملك والاردن تأتي فى محطة تاريخية مفصلية ستحمل نتائجها الامة العربية الى سنوات عديدة قادمة، هل تلتقط هذه الانتفاضة الملكية فى استنهاض أمة لتعود على العمل المشترك من خلال دعوة عربية صادقة نحافظ فيها على الدور والرسالة، فهل سيقوم العرب بوقف تمزيق بلاد الرافدين ووقف نزيف اهل الشام وينتصروا لصوت الانتفاضة الملكية من عمان, فانه مخطئ من ظن يوما ان للثعلب دينا.