المتابع للشأن التنموي الأردني خلال العقد الأخير، يجد أن نموه كان متباطئا، وثماره يصعب جنيها، إما لعدم نضوجها، أو موتها وهي على أغصان تصريحاتها وتنفيذها.
لكننا بتنا الآن نستطعم ثمارا طازجة، زُرعت في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز، الذي عبّر عن حقبة إصلاحات اقتصادية وتنموية حقيقية، بعيدة عن الشعارات، والتصريحات، وتجاوزتها إلى التطبيق الحقيقي.
وكان لقاء رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز مع وكالة أنباء بلومبيرغ الدولية قبل أيام نافذة للعالم للتأكيد على ولادة إصلاحات حقيقية في الأردن، ورغم كافة الإيموجيات المحيطة التي تنوعت بين صراعات سياسية، واقتصادية، وحتى عسكرية.
إن ما يجعلك متفائلا بتصريحات الرزاز هو جملة الإسقاطات العملية التي تمت على تلك التصريحات، من تنفيذ حزم الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، التي تم إنجازها بالفعل نهاية العام الماضي، بدءا بدعم الأسر الفقيرة، مرورا بمشاريع تمكين الشباب، وانتهاء بالإصلاحات الإدارية التي تتم حاليا، لمعالجة التشوه في بعض مفاصل الجسم الحكومي.
قد لا يلفت انتباهنا اللغة السياسية القوية التي كان يحاور بها الرزاز المذيعة، ولا سطوته على اللقاء الذي تحقق بهدوئه، وإيماءات جسده واثقة الخطى، ولكن قدرته على تحليل الواقع السياسي الإقليمي لدول الجوار والتي تنقل دوره من رئيس وزراء يدير شؤون السلطة التنفيذية في الأردن، إلى رجل يفكر، ويحلل، ومدرك لكافة المصفوفات المحلية والعالمية.
يمكن أن نكون أمام حكومة قد نختلف معها في مسمى وظيفتها المتخم بالتشاؤم الشعبي، والسقطات التنفيذية بسبب حكومات ماضية، لكنها تحمل برنامجا إصلاحيا وطنيا قد يكون الأول من نوعه في الأردن خلال العشرين عام السابقة.
ومن الصحي جدا أن يُحارب كل مشروع قد يخالف مصالح قوى الشد العكسي، أو قد لا يحقق منافع شخصية قد اعتاد عليها بعض الذين كانوا قريبين من عتبة الرابع، فأصبحوا معارضين للرزاز وحكومته رغم إثباته صدق تصريحاته الإصلاحية.