بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو في ظل هذه الظروف والتحديات الجسيمة المتمثلة بصفقة القرن وتداعياتها على المنطقة يجتهد بعض من اصحاب القامات العلمية والخبرات الطويلة، ويطرحون تصورات يعتقدون انها الطريقة الوحيدة لمواجهة صفقة القرن جاء ذلك على لسان معالي الاستاذ الدكتور كامل ابوجابر وزير الخارجية الاسبق ورئيس الوفد الاردني الفلسطيني المشترك في مفاوضات مؤتمر مدريد 1991. جاء الطرح في مقابلة على تلفزيون A1TV اجراها الاستاذ رجا طلب وقال فيها لا يمكن ان نواجه صفقة القرن الا بوحدة أردنية فلسطينية تحت قيادة الملك عبدالله حيث ستقلب هذه الوحدة الامور رأسا على عقب وستجهض المشروع الصهيوامريكي المتمثل بصفقة القرن. هذه الطرح نستشف منه التالي: إما ان يكون شخصي واجتهاد من الدكتور ابوجابر صاحب الخبرة الطويلة كمفكر واكاديمي وسياسي عريق ويتكلم من زاوية معينة، وإما ان يكون الطرح مبني على مشاهدات وتحليلات يراها ابوجابر وغير واضحة للاخرين. على العموم اعتقد ان التنسيق السياسي بين السلطة الوطنية الفلسطينة والحكومة الاردنية موجود ولا يمكن ان تتصرف السلطة دون وضع الاردن بصورة مايجري وما تتخذه من إجراءات وذلك من باب التنسيق , وهذا نصت عليه اتفاقية السلام عند الحل النهائي وحل قضية اللاجئين، على الرغم من بعض الاشكاليات او الاختلافات في وجهات النظر، التي تبرز بين الحين والاخر ولكن سرعان ما يتم تجاوزها. الاردن بطبيعته وتركيبته السكانية وطبيعة نظامه العروبي يسعى الى الوحدة والتنسيق مع جميع العرب ولم يتأخر يوما عن قضية عربية إلا ووقف الى جانبها بامكانياته المتاحة على كل الاصعدة. اما بخصوص الوحدة التي تحدث عنها معالي ابو جابر فلم يفسر آليتها هل هي التراجع عن فك الارتباط وحل السلطة وتسليم مفاتيح حل القضية الفلسطينية للملك؟ فلو افترضنا أن هذا ما ذهب اليه السيد ابو جابر فإن محاذير كبيرة ستقع وستضر بالقضية اكثر من تقديم النفع ..اولها اتاحة الفرصة لليمين الاسرائيلي للاسراع بإعلان ضم غور الاردن ومناطق "ج" في الضفة الغربية وسيتبنى نتنياهو هذا الخيار. كما سيسهم هذا الطرح بتسهيل مهمة الادارة الامريكية في تقديم الدعم لنتنياهو لتحقيق الامر الواقع في ضم هذه الاراضي واتاحة الفرصة امام حزب الليكود للفوز بالانتخابات القادمة ضد منافسه حزب ازرق ابيض وسيتراجع السفير الامريكي في الكيان الاسرائيلي "فريدمان" عن تحذيراته لحكومة نتنياهو بعدم التسرع باعلان ضم غور الاردن دون موافقة امريكية التي دعته للتريث. ايضا هذا الطرح سيساعد بتسهيل عملية الترانسفير للمواطنين في الضفة الغربية من خلال سياسات التضييق التي تستخدمها اسرائيل ، كما سيسهم في حرمان اللاجئين من المطالبة بحقوقهم بالتعويض وحق العودة. هذا التوجه سيكون له أثر خطير بخلق مصاعب ومتاهات امام الحكومة الاردنية امام الرأي العام العربي وامام الفصائل الفلسطينية التي عملت على مدى سنوات للوصول الى تمثيل الشعب الفلسطيني وتقرير مصيره، إن في هذا الطرح خلط للاوراق من جديد وخلق ازمة سياسية داخلية في الاردن تُحمل الحكومة الاردنية ضياع ما تبقى من فلسطين. هذه النتائج المتوقع لمثل هذا الطروحات يتناقض مع رؤية قائد الوطن الذي أكد أكثر من مرة ان الحديث عن كونفدرالية او فدرالية هو مضيعة للوقت وانتكاسة في مسيرة النضال الفلسطيني وحديث سابق لاوانه، ويفتح باب التكهنات والتحليلات التي تحاول النيل من الموقف الاردني، وان الحديث في هذه الامور يمكن قبوله بعد تحقق الارادة السياسية للشعب الفلسطيني على أرضه وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. إن الوضع الراهن يشجع على تقديم التكنهات وطرح الاراء ولكن أي رأي لا يخدم توجهات الاردن السياسية وحق الشعب الفلسطيني سيكون له تداعيات غير محمودة.