لا شكّ أن الكورونا غيرت ولا زالت تُغيّر وجه العالم ، لكنها وكما كلّ المِحَن أتت ومعها بعض المِنَح لمن أراد أن يبحث في الجزء الممتلئ من الكأس ، ففي الوقت الذي اختَبرت فيه البشرية على الكوكب حياة الحظر المنزلي ، والإغلاق الكامل الذي أصاب مختلف قطاعات الحياة اليومية بالشلل التام ، فإنّ الكثير من الأفراد ومن مختلف البيئات والثقافات اجتهدوا في البحث عن مخارج تتواءم وإجراءات السلامة التي اُتخذت في أغلب المجتمعات ، وكانت النتيجة مُرضِيَة على صعيد بعض المشاريع الاقتصادية الصغيرة ، والمبادرات الفردية التي تمكنت من التكيّف ورياح الجائحة العاتية ، لتتمكن من البقاء وبشكل مُبدع ، ومما لا اختلاف عليه، أنّ الإنترنت كان الملاذ الأكثر حصانة خلال الجائحة ، وذلك عبر ما قدمه من بدائل للتواصل لمواجهة التباعد المكانيّ .
وكان من بين المبادرات اللافتة في الأردنّ ؛ إطلاق الدورة السابعة لمهرجان" لون . كلمة . نغم " السياحي الدولي إلكترونياً لمواجهة الظروف التي رافقت أزمة الكوفيد – 19 وهو مهرجان يجمع مختلف أقطاب الفنّ ، من شعر و أدب و موسيقى وفن تشكيلي ؛ في تظاهرة تحتفي بالإنسانية في أجمل حالاتها ، والمميز في الدورة الحالية للمهرجان ؛ نجاح الشاعر فادي شاهين مؤسس المهرجان في إضافة فعالية فنية أوبرالية عبر الإنترنت ، حيث يُشارك في هذا الحدث الفني - الأول من نوعه على مستوى العالم - وبشكل تطوّعي عدد من فناني الأوبرا من مختلف الجنسيات ، حيث وجدوا في فكرة فعالية أوبرالية إلكترونيّة فرصة ثمينة ورائدة لتسويق هذا الفن الراقي ، وتوسيع قاعدة متابعيه ، والتعريف به ؛ في حالة تحدٍ فاخرة لظروف الوباء ، فهؤلاء الفنانين تقدموا للمشاركة من دول مختلفة حول العالم ليبثوا للإنسانية رسالة مضمونها " الحُبّ ، والأخوّة ، والسلام " ، متجاوزين كلّ حواجز الحرب ، والرُعب ، والفقر ، والمرض ، ليذكروا البشر بقيم الجمال التي تاهت في زُحام الأزمات التي استوطنت العالم في العقود الأخيرة .
الجدير بالذكر أنّ فعاليات المهرجان انطلقت منذ أسبوعين بمعرض للفن التشكيلي تحت عنوان " حياة " ، وبمشاركة خمسين فناناً تشكيلياً من حول العالم ، ويتم التحضير حالياً لإطلاق الفعالية الأوبرالية العالمية الإلكترونية - بمشاركة خمسة وعشرون مغن أوبرالي يشاركون من خمس عشرة دولة ، وذلك يوم الجمعة القادم الساعة الثامنة مساء بتوقيت عمّان / الخامسة بتوقيت غرينتش ، حيث ساهمت الفنانة الأوبرالية اللبنانية تارا معلوف بجهد دؤوب في الإعداد للفعالية التي تجمع نخبة من روّاد هذا الفن على المسرح الافتراضي للمرة الأولى ، وستتوالى فعاليات المهرجان الأخرى حتى النهاية ، ليُثبت المهرجان بجهود القائمين عليه ، أنّ الإنسان قادر على الوقوف في وجه العاصفة ، فمِنَح الحياة تُعطى لمن يدركون قيم العطاء والجمال والسلام .