في الملّمات والأزمات عند الأمم يختار الله رجالا لها ، يتصدّون لحماية الناس والأرواح ، ويدافعون عن الدين ، وينافحون عن الشرع الحنيف .. نعم اليوم أنحاز للعالم الجليل الشيخ محمد الخلايلة الذي يتعرض لهجمة شرسة، فقط لأنه إنحاز لشرع الله ، ولرأي الفقهاء والأطباء ، وأخذ برأي دفع الضرر أولى من جلب المنفعة .. يأكلون لحمه ويتهمونه بأبشع التهم والصفات حدّ القذف والتكفير لبعضهم ، فقط لأنه يقول ربي الله ورحمته واسعة، وأن الدّين يُسر وليس عُسر ...
محمد الخلايلة لا يحتاج لمدحي ، ومن مثله نقتدي به ونرفع رأسنا عاليا ، فقد برز في هذه الأزمة وأخذ على عاتقه حمل هذه المسؤولية، ولم يتهرّب منها كالذين جلسوا في بيوتهم، وقذفوه من خلف الشاشات ، الذين يحرضون الناس والعامة ضده ، وهم أنفسهم تجار المنابر ، ومن أدخلوا الدين في السياسة والأحزاب ، وتلاعبوا بعواطف الناس ، وتسلّقوا على ظهورهم نحو مناصبهم وأهدافهم التي لا تنطلي على أحد ..
بدأ حياته ممرضا في الجيش رغم أن معدله يؤهله لدخول الهندسة ، ولكنها قلّة الحيلة ، ولحبّه للشرع الحنيف ولخدمة الإسلام، دخل كلية الأمير حسن للعلوم الشرعية ، وحصل على المركز الأول في المملكة في تخصصه، ليمنح بعثة لجامعة اليرموك لدراسة البكالوريوس في الفقه بأمر من سمو الأمير الحسن بن طلال نظرا لتفوقه، ومن ثم إنضمّ لمديرية الإفتاء في القوات المسلحة برفقة الشيخ نوح القضاة ، إمام مدرسة الإعتدال والتسامح، وواصل دراسة الماجستير والدكتوراه وهو يتنقل بين الكتائب والألوية، إماما وواعظا وطالبا ، يتنقل في السرفيس والباصات لإكمال دراسته على نفقته الخاصة رغم ضيق ذات اليد.
الشيخ محمد الخلايلة هو من مؤسسين دائرة الإفتاء العام إختاره الشيخ الورع التقيّ نوح القضاة ليكون لجانبه في التأسيس هذه الدائرة التي وحدّت الفتوى ضد شيوخ الفتاوي والفضائيات والتكايا وشيوخ الفتنة...
تمتد الأزمة في بلادنا وندعو الله أن يجنّبنا الوباء والبلاء ، وأيلول يعيد فينا أن خريف الأزمات إقترب بإذن الله ، وفي أيلول أيضا أنحاز لشيخنا وعالمنا التقيّ محمد الخلايلة ، وهو من نسل الرجال الذين ما تخلّفوا عن أهلهم ووطنهم ، ولم يسجّل عليهم يوما إلا أنهم بصف الوطن ، وكانوا على الدوام فرسان أهلهم .. ونستذكر ذات أيلول " الشيخ العميم الخلايلة "وهو من أوائل الأئمة وشيوخ الدين من أبناء الخلايلة الذين إنتسبوا لدائرة الإفتاء في الجيش، كان جريئا في قول الحق ، حازما صارما عند محارم الله ، ويسجّل له أنهم إثر أحداث أيلول الأسود حاصروه صبيان المقاومة وحالمي التحرير فدافع دون روحه ودينه ووطنه وسلاحه ولقي الله شهيدا عندما خانت الكثرة الشجاعة .. ونستذكر في أيلول البطل يوسف حمدان الجبر الخلايلة وكان وقتها (رائد ركن) قاد معركة الدبابات بعدما أصيب قائد الفرقة عطالله غاصب السرحان ، عندما إنحازت الرجال وبان من مع الحق ومن مع الباطل ، ووصلت الدبابات السورية الغاشمة مثلث النعيمة فتصدّى لها أشاوس الجيش العربي وردوهم خائبين مهزومين ..
ونستذكر اليوم الشيخ خلف المكيد الخلايلة في " "هيّة الخلايلة" في أوائل الثمانينات ، الذي وقف كالطود يدافع عن عشيرته إبان هجمة مضر بدران للإستيلاء على أراضيهم عنوة وسلبطة ، وقال يومها لن أخرج من السجن ورجال عشيرتي خلفه ، وضرب درسا في الرجولة والإباء والكبرياء، ومن يومها إنتزع بني حسن مقعدا دائما في الحكومات حتى الساعة .
فيا شيخنا لن يطاولوا قامتك العالية ، إمض على بركة الله ، عالما فقيها وداعية لله وللحق ونصيرا لدين الله ، وشيخا وإماما في عشيرتك ، والرياح لا تلامس إلا رؤوس الشجر ، وستبقى ظلاّ ظليلا وارفا، وسيفا مشرعا على كل معتد ، وعاليا عن أحقادهم ولن يطاولوك مهما إرتقوا .