جرت يوم أمس في بلدة ساكب التابعة لمحافظة جرش في الاردن انتخابات داخلية لفرز مرشح واحد لتمثيل البلدة الجميلة في انتخابات البرلمان الاردني التي ستجري بشهر تشرين الثاني المقبل. وقد كان لساكب من اسمها نصيب كبير في نجاح هذه التجربة الديمقراطية. فقد سكبت ساكب يوم امس جميع معاني الرجولة والاخوة والاخلاص. وتدفقت على ترابها جميع معاني العزة والشهامة والاصالة والرجولة ليروي عطش جميع من يعشق ساكب.
وقد كانت هذه الانتخابات الداخلية من أنجح الانتخابات التي شهدتها في حياتي. ويعود الفضل في انجاح هذه الانتخابات للتنظيم الرائع المنقطع النظير والنية الصادقة من ابناء البلدة و لهفتهم لرفع اسم بلدتهم عاليا. وقد كانت هذه الانتخابات بحق نموذجا رائعا يدرس وكم أتمنى أن تطبق هذه التجربة الفريدة في بقية مناطق المملكة. وكان أهم مقومات نجاحها اجتماع خبرات الكبار وهمة ونشاط الشباب والروح الصادقة بين الجميع.
ما يهمنا في هذه الانتخابات هو أنها صنعت في الاردن بامتياز ولم تمسها أيادي العابثين ولا المال السياسي القبيح وبتنظيم ذاتي داخلي عفوي لم تشبه اي شائبة ولم يكن القصد الا مرضاة الله وصيانة السلم الداخلي ونشر الحب والوئام بين أفراد البلد الواحد. فعندما تجتمع الارادة والنية الصادقة والخوف على مصلحة البلد وتغلييب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والبعد عن العشائرية والطائفية فالنتيجة سوف تكون بكل تأكيد ناجح بامتياز مع مرتبة الشرف. فقد فازت ساكب يوم امس وفاز الاردن بكل تاكيد فالف مبروك لنا جميعا هذا النجاح وندعو الله عزوجل أن تستمر نجاحات ساكب وأن نرى هذا النموذج الفريد يطبق في كل الاردن.
ان الصوت الوحيد الذي سمعناه يوم أمس هو "عاشت ساكب". ما اروع التفاف جميع الناس حول بلدتهم، لا مصلحة لهم سوى حبهم لتراب وطنهم ورفعة أهله. كل شئ في هذه الانتخابات الداخلية كان رائعا ويدعو للفخر والاعتزاز. من اللجنة التي وضعت نظاما متفقا عليه من قبل جميع أهالي ساكب، للمرشحين الذين ترفع لهم القبعات في احترامهم للجنة واحترامهم وتقديرهم لبعضهم البعض واحترامهم لقانون الانتخاب الداخلي وغيرتهم على اجماع بلدتهم. وأكثر ما شد انتباهي هو أن هذه الانتخابات تمت بتنظيم 100% من قبل الاهالي ولم يكن للحكومة أي شأن بها ولم تكلف الدولة اي تكاليف تذكر. ولم نرى أي رجل أمن ولم نشاهد أي شئ يعكر اجواء هذا العرس الانتخابي. فقد نجحت ساكب حقا بالعلامة الكاملة.
وقد حرصت اللجنة المنظمة للانتخابات الداخلية على السماح ببث جميع وقائع الانتخابات على الهواء مباشرة عبر صحف ومواقع ساكب المختلفة. وشهدنا جميعا كامل وقائع الفرز مباشرة حتى وقت متأخر من صباح هذا اليوم. وتابعنا جميعا احتفالات الاهالي في هذا العرس الديمقراطي الرائع. وقد اعلنت اللجنة المحترمة نتائج الانتخابات بشكل رسمي عبر جميع مواقع ساكب. وبهذا تم منع اي نوع من أنواع التشكيك بنزاهة هذه الانتخابات. وراينا جميعا كيف عبر جميع المرشحين عن تهانيهم للفائز بالانتخابات وهذه هي شيم الفرسان. فمبارك لجميع مرشحي بلدة ساكب نجاحكم جميعا فقد فزتم جميعا.
ولا يفوتنا هنا حرص اللجنة المنظمة على اشراك الشباب بهذه العملية الانتخابية. فقد أكدت اللجنة المنظمة على أهمية نقل تجربتهم وخبراتهم الطويلة بتنظيم الانتخابات للشباب كي يطبقوا هذه التجربة في المستقبل. ورأينا مجموعة كبيرة من المتطوعين تقوم بالتنظيم ولم تفتهم أدق التفاصيل فكل شئ كان مرتبا وكان يسير بدقة متناهية منقطعة النظير.
فهنيئا لكم يا أهل ساكب فقد نجحتم نجاحا يستحق الاحترام. وهنيئا لنا هذه التجربة الاردنية الديمقراطية الفريدة ونتمنى أن تحذوا باقي مناطق المملكة حذو ساكب في انتخاباتها الداخلية ونتمنى على الهيئة المستقلة للانتخابات أن تشارك بالمرات القادمة في انتخابات ساكب لكي تتعلم كيف تدير الانتخابات وكيف تكون الانتخابات نزيهة وكيف تنجح الانتخابات بأقل التكاليف.
وفي ظل غياب أو تغييب الاحزاب السياسية الاردنية، نجح أهلنا في ساكب في اخراج عرس ديمقراطي حقيقي في ظل قانون انتخاب داخلي مميز ومتقدم وضعه ابناء ساكب من ذوي الكفاءات والخبرات العالية. ولو طبق هذا القانون الداخلي في باقي مناطق المملكة فلن نجد أية مشاكل ناتجة عن الانتخابات الداخلية في سائر مناطق المملكة ولنجحت الانتخابات الداخلية بشرط صدق النوايا والحرص على تطوير البلد وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. وأضمن لكم لو طبقنا نموذج ساكب الانتخابي بأنه سوف يكون عندنا مجلس نواب متميز كمجلس عام 1989م ولكان هناك نقله نوعية حقيقة في العملية البرلمانية في الاردن شرط عدم تدخل الدولة بانتخابات المناطق الداخلية وترك الناس يختاروا من يرونه مناسباً. ولذلك أدعو باقي المناطق في أردننا العزيز باتباع نفس منهجية ساكب بتشكيل اللجنة الانتخابية والاطلاع على قانونها الانتخابي المتقدم واعتماده في انتخاباتهم الداخلية.
عاشت ساكب وعاش أهلها عالية رؤوسهم كعلو جبالها الشامخة ولنفخر جميعا في الاردن بهذا النموذج الاردني الأصيل.