أخيراً فرضت الإستحقاقات الدستورية نفسها، حل مجلس النواب والذي يتبعه إستقالة الحكومة، حكومة النهضة والتعديلات والتي اتعبت الأردنيين وأرهقتهم، ولم تنعكس نعومة وهدوء رئيسها على حياة الأردنيين، فقد عبثت بكل شيء ، وتركت عبئاً ثقيلا لا يحسد من سيخلفها عليه.
ملف التعليم العالي وإصلاحاته لم يأخذ الجدية المطلوبة، فقد تراوح فعل الوزير الحالي في جزئيات ولم يدخل الملفات الكبيرة التي تحدث فعل التغيير المطلوب، ولا نُحمل كورونا كل شيء ، فلم يظهر في السنين الماضية نية حقيقية لإصلاح ملف التعليم العالي، والجامعات والإدارات الجامعية، حيث تُركت الأمور لإجتهادات فردية غير مبرمجة وغير مؤثرة.
الحكومة الإنتقالية والتي ستدير الإنتخابات، مطلوب أن يكون وزير التعليم العالي فيها من المخضرمين أكاديميا العميقين فكرياً، اصحاب الرؤيا والحداثة، والديناميكية، لإحداث نقلة نوعية متسارعة في نظامنا التعليمي العالي بالذات، والذي بات بياتا شتويا طويلا، مكرراً ذات الأساليب والأدوات والأخطاء، ووجدنا أنفسنا خلف الركب في السنوات الأخيرة، وقد سبقنا من أسسنا له نظامه، لا نريد وزير تعليم عالي كلاسيكي، يكرر ذات النهج، نريد وزير تعليم عالي لديه رؤيا وهدف ينهض ويصلح، وأن لا تشغله الملفات الجانبية عن الهدف الرئيس، ففي أحاديثنا الجانبية ننقد كل شيء حد جلد الذات، وأمام الملك ووسائل الإعلام نُجمل كل شيء ، والواقع غير ذلك، التعليم العالي بحاجة لثورة بيضاء، تبدأ بالإدارات وكيفية تعيينها وتقييمها ومحاسبتها، ومن ثم السياسات والتشريعات ومتطلبات سوق العمل، وربط البرامج بمتطلبات سوق العمل أيضاً، تحديث وتطوير البنية التحتية، التركيز على التعليم المهني والتقني والتطبيقي، رفع سوية الجامعات بكل مناحيها إلى العالمية، البحث العلمي، التركيز على النوع والجودة مقابل الكم، تحسين أوضاع هيئات التدريس والعاملين، وضع هيئات رقابية فاعلة إدارياً ومالياً على عمل الجامعات مع المحافظة على ألإستقلالية الأكاديمية والعلمية المضبوطة، لأن الإستقلالية تفسر وتحول لدى البعض إلى دكتاتورية وبوليسية، والواقع يحكي ذلك والأمثلة كثيرة، لم تعد الجامعات مناخات علمية راقية تقود البلاد والعباد، في غفلة من أمرنا أصبحت الكثير من جامعاتنا، مجالا خصبا للمشاحنات والمناكفات وتصفية الحسابات، وهذا لا يصنع وطناً ولا يؤسس لجامعات تقود نهضة الأمة، نريد وزيرا واسع الأفق يستوعب محدداتنا ومشاكلنا، ويعمل على معالجتها بالتعاون مع الجميع، نريد وزير تعليم عالي نقول بعد سنوات أنه غير وجه التعليم العالي في بلدنا، ونتذكره بخير… وهذا لا ينتقص من جهود الوزراء السابقين، فكلٌ منهم عمل بقدر معرفته أو ما أتيح له، ونشكر جهودهم، ولكن طموحنا يفرض علينا أن ننشد الأفضل، وأن لا نقبل بالموجود والذي لا يلبي الطموح، في بلدنا طاقات هائلة لكنها لم تأخذ الفرصة، سحر الأسماء الرنانة والمدعومة بعلاتها، أفسد أشياءنا الجميلة، بلدنا يستحق الأفضل… .حمى الله الأردن.