ننتظر رئيس وزراء جديد يظهر في أخبار الثامنة ، سنصفق له ، وستقول الصحافة الورقية التي لا يقرأها أحد أنه : رجل المرحلة وصاحب الثورة البيضاء ... وسيقفز "كاتب" مغمور يتم تحريك قلمه بالريموت : أعطوه فرصة ، أنه دارس إقتصاد وخريج هارفرد وأنه يتكلّم الإنجليزية بطلاقة وأنه يصلّي الجمعة بلا وضوء ، سيناقش برنامج ( ستون دقيقة )مطولا " بيان دولة الرئيس " .. وسيدعى للعشاء مع شخصيات من تيار المدنية والليبرالية والفن التشكيلي ، وسيلقي محاضرة في مؤسسة " شومان" عن خدمة العلم وأزمة التعليم العالي والإنتخابات والعشائرية وسيصفقون له طويلا طويلا .. سيخلع ربطة العنق ويقف على الإشارة الضوئية ويوزع "التمر" ليقول للفقراء أنا أشعر معكم حتى لو أحمل جنسية أجنبية ... سيقول أنه مع الكفاءة ومع الشباب وضد الواسطة ومع توزيع مكاسب التنمية ومع حقوق المرأة، وسيعيّن أصدقاؤه وأنسباؤه وزراء ومدراء، وسيزور ديوان الخدمة المدنية وهيئة مكافحة الفساد ... وسيفتتح ورشة "للريادة" في مدرسة قرية لا يوجد بها كهرباء ولا معلم رياضيات ...
ثم سيغادر رغم أنفه وقد زادت بلادنا فقرا وزادت مديونية وزادت هيئات مستقلة ، سيغادر وهو لا يعرف أسماء القرى لكنه يعرف أسماء الشركات والعطاءات وماركات البدلات .. وسيكتب في مذكراته وهو راكب بالطائرة ؛ لقد مرّ الوطن بمنحنى خطر ولم يقدر تضحياتي، وأنّه سيبقى "جندي" خسر كل معاركه ولم يعد يصدقه أحد ...
سيأتي ويغادر ولا أحد يعرفه من الذين يصطفون على الدور في المستشفى الحكومي وصندوق المعونة وفي مزارع البندورة في الغور ..