أما و قد صدرت قائمة القبول في الجامعات ، ونحن على أبواب عام دراسي جديد، فإنني اتوجه إلى أبنائنا الطلبة ،بأن الجامعة مكان لتربية العقول و تهذيب الأخلاق و الطبائع قبل أن تكون مكاناً لتحصيل العلم ، لذا نجد بعض الجامعات مكتوب على أبوابها إرتقِ لتدخل) ، ففي الجامعة تجد أشخاص من جميع الجنسيات و تجتمع مختلف الأعراف و الأديان جمعيهم يسعون لهدف واحد و هو العلم والفكر ، فالعلم طريق نجاة الشعوب من براثين الجهل و السذاجة إلى النور .
في الجامعة ترى عالماً مختلف تماماً عن ذلك العالم الذي تلتقي به في الشارع و الحديقة فأنت تلتقي بالمفكرين و المثقفين و النخب من ابناء المجتمع و هذا يتطلب منا ان نرتقي بلغة الحوار وان نتعلم مواجهة الحجة بالحجة ، وعدم الوقوف في صفوف الحقد و العنصرية والمناطقية والجهل ، بيما شعوب الدول المتقدمة تتسابق بالعلم والمعرفة نجد ان البعض لدينا لا يزال يسألك من أي عشيرة أنت ؟فالعشيرة والثروة في اي بلد لا فائدة منها طالما ان شعوبها مشحونين بالجهل و أكبر دليل على ذلك دولة مثل نيجيريا من أغنى دول العالم بالثروات و المعادن و لكنها غارقة في الجهل والتخلف والقتل حيث ان نسبة التخلف عن الدراسة في هذه الدولة تتجاوز ٣٥٪ ، بينما هنالك دول اخرى مثل سنغافورة كانت تعاني من الجهل والتخلف ،بلد خالي من اي موارد طبيعية حتى شح مياه الشرب و لكنها اتجهت الي العلم و المعرفة حيث اتجهت الى الاستثمار في الانسان السنغافوري من خلال التعلم و تكثيف البعثات العلمية و تطوير المستوى الإنساني و ركزت على بناء المعلم فهو القاعدة الأساسية لبناء الاجيال القادمة و بفضل ذلك أصبحت سنغافورة الان خامس أغنى دول العالم و اصبحت تتقدم على أغنى الدول في مستوى دخل الفرد.
في العصر الحالي الشعوب المتخلفة هي التي ما زالت تعتمد على الثروة الموجودة في باطن الأرض و على قوة العشيرة في حياتها في حين أصبح الاستثمار بالإنسان هو الاستثمار الناجح وأكبر دليل على ذلك انظر الى الهاتف الخلوي فكم يحتاج من الثروة الطبيعية لصناعته ؟سوف تجد انه يحتاج غرامات محدودة من الحديد و قطعة زجاج صغيرة و بعض البلاستيك فتجده لا يكلف دينارا واحدا من الثروة الطبيعية ، و لكنك تشتريه بمئات الدنانير، والسبب انه يحتوي على ثروة فكرية و عقلية ،لذا نجد شخص مثل بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحدة ٢٦٦ دولار ، ونجد شركة سامسونج تربح في العام الواحد ٣٢٧ مليار دولار ، وعليه نجد اليوم ان اثرياء العالم لم يعودو اصحاب ثروات طبيعية و انما اصحاب تطبيقات تكنولوجية بسيطة .
فمن يعتقد ان ثروته تجعله بغنى دون الحاجة الي عقله فهو واهم ، اليابان عندما خسرت بالحرب العالمية الثانية انتقمت من العالم بالعلم و التقنية.
فهذه الكوكبة المتألقة من طلبة العلم تدخل الجامعات لتتسلح بالعلم والمعرفة والمهارة والقدرة على التقدم نحو الأفضل ، وهم املنا في تحقيق التغيير المطلوب في وطننا الحبيب.