مخطئ من يرفع أو يكتب على حائط سجن شعار السجن إصلاح وتهذيب، لأن هناك حالات عديدة ظهر فيها العكس وتبين أن من يدخل السجن لا يخرج منه بشهادة حسن السيرة والسلوك بل يخرج ب »دبلوم» في الانحراف، بعد أن يجد التربة الخصبة ويختلط بشتى انواع المجرمين.
الحكايات والروايات متعددة ومحاضر الشرطة وقضايا المحاكم مليئة بشهادات لمجرمين تحدثوا من خلالها عن كيفية تلقيهم دروس في الانحراف داخل السجن، وكيف ابتداوا مسارهم بسيطا، وغالبا ينتهي بتحولهم إلى مجرمين محترفين شرسين.
يتلقى السجين، أول درس في اليوم الأول لدخوله السجن، مفاده أن السجين يجب أن «يلعب مع الكبار»، بمعنى أن تكون «الهمزة» كبيرة حتى لا يجد نفسه مسجونا من أجل بضعة دنانير.
أحس السجين بالغبن، وبأن مستقبله ضاع من أجل فعل تافه،
وساهم الفراغ داخل السجن، وغياب التأطير، في سقوطه في فخ شبكة كانت تتشكل داخل السجن، فعرض عليه أن يساهم بدور بسيط يتمثل في المشاركة في جريمة سرقة بسيطة ثم سطو ثم فرض الاتاوات والاعتداء على أعراض ودماء الآخرين بحماية مقنعه من المجرمين (الكبار) الذين يمثلون عصابة لايقوى على مقاومتها أشخاص عاديين لأن لديهم المال والأشخاص والسلاح والسطوة والعلم بمعظم بنود القوانين فيرتكبون جرائمهم بتفنن ومكر ومهنية إجرامية للافلات من العقاب .....
استغل أفراد الشبكة الاجرامية مظهر الشاب الذي لا يوحي بأنه مجرم، وبمجرد أن غادروا المعتقل بدؤوا في تنفيذ ما خططوا له داخله، وتوالت العمليات التي كانت تتم بنجاح قبل أن يسقطوا في قبضة الشرطة.
حالة وحيدة من عشرات الحالات التي كان السجن سببا في انحرافها، وهو ما يطرح سؤالا عن مكامن الخلل، وعن السبب الذي يدفع الإدارة إلى وضع سجين مبتدئ مدان من أجل إصدار شيك بدون رصيد أو ضرب وجرح او حادث سير مع آخر له سجل حافل من الجرائم....
منا هنا ومن هذا المنبر اتمنى ان يتم إعادة تاهيل مركز اصلاح وتأهيل الجفر ويتم تخصيصه للمجرمين أصحاب السوابق الإجرامية المعروفين لدى الشرطة لقطع دابر كل مجرم وسفاح..
اذا لم يتم معالجة نقاط الخلل وتقويمها لن يكون السجن إصلاح وتهذيب، بل فضاء لصقل مواهب بعض السجناء.