كانت تركيبة حكومة دولة د. بشر الخصاونة متزنة إلى حد ما، وضمت عددا جيدا من الشخصيات ذوي الخبرة والإطلاع ومعرفة في التخطيط، وقوة في التنفيذ والمتابعة، ويحسب ذلك للرجل كأول نجاح في عهد حكومته، إضافة لكسب تأييد الشارع ولو نسبيا.
الرئيس رجل صاحب خبرة ودراية بالشؤون السياسية، ويجيد المفاوضات والمناورة، ويعلم جيدا تحديات المرحلة.
الرئيس وفريقه -بجانب ملفي صحة المواطنين/كورونا وملف الإنتخابات البرلمانية- سيقومون بوضع الأمور في الميزان؛ تحديات، أولويات، فرص، تمويل، إيرادات/نفقات... إلخ.
وبالتأكيد فإن الملفات التي ستنتج كثيرة، وسيجدون حلا جذريا لكل تحدي، وفي آخر كل ملف التكلفة المالية، والتي لا تتوفر للأسف أمام موازنة أربعة أخماسها رواتب وكلف ونفقات جارية مختلفة.
سيعود هنا كل وزير مع حلوله من مجلس الوزراء لوزارته، ويراكم الملفات التي يحملها بحلولها فوق ملفات الوزير السابق.
المشكلة إذن مالية، والتحديات متعددة وبعضها صعب وحساس ومصيري، ومداخلات جراحية دقيقة وصعبة للغاية مطلوبة، وإلا فستمر الحكومة حديثة التشكيل بمعيقات، ويثقل عليها كثيرا إعلاميا وشعبيا، وقد تقع بمطبات تجبرها على التعديل، وقد تكون لا قدر الله تعالى حادة فتجبرها على الرحيل.
ما هي المداخلات الجراحية الدقيقة المطلوبة؟
يعلم دولة الرئيس كثيرا بحكم عمله السابق وخبراته هذه الأولويات، ويعلم الوصفات العلاجية، وإن كان بعضها يرتقي لمستوى مداخلات جراحية، وأغلبها ما أن يقترب منها إلا وينبش عش الدبابير، وسيجيشون الإعلام المضاد معهم، والإشاعات وعاطفة الشارع الذي يقرأ العناوين غالبا ويترك التفاصيل.
بما أن معضلتنا إقتصادية بحتة، فهل الخوض بملفات حساسة وحلها سيحقق التوازن والإنتعاش المالي للبلد؟
بالتأكيد نعم، فغالبية الملفات تحتاج جراحة لتحويل المسارات بالطريق الصحيح أو لنقل الأصح، وحينها سنجد الطريق سالكا نحو إقتصاد أقوى.
ما هي هذه الملفات؟
أعطي أمثلة ولا أحصرها،،، مثل:
ملف صنع في الأردن/الحد من الإستيراد خارج إتفاقيات التبادل التجارية لصالح منتجنا الوطني، والإعتراف بأننا بلغنا عشرة ملايين نسمة، ونحن بحد ذاتنا سوق إستهلاكية كبيرة جدا، مقابل ملف تعزيز جودة ومنافسية الصناعات المحلية وتمكينها، وكذلك ملف تعزيز الإنتاج الزراعي وطنيا، من أجل الإكتفاء الذاتي والامن الغذائي، وهنا وبالمقابل سنشهد النهضة المنشودة، وستتوفر تلقائيا عشرات آلاف فرص العمل بكل المجالات لأبنائنا...
ملف الإستثمار لصالح الدولة بأراضي الخزينة/المدينة الحديثة شرق عمان مثالا
ملف الإقتصاد التعاوني الوطني
ملف جودة خدمات النقل
ملف مستقبل الدولة المائي
ملف مستقبل الطاقة الوطني
ما هو العمق الذي قصدته في عنوان مقالي؟
العمق الذي قصدته يكمن بالفكر النهضوي الملكي الذي يجب على الرئيس بحثه مع فريقه، وإيمان الفريق ذاته بذلك، وإشتقاق طرح الحكومة وخططها وبرامجها من هذا الفكر، مقابل قوة بالطرح والتنفيذ والمتابعة، مغطاة بخطاب حكومي أسبوعي موجه على لسان الرئيس للجمهور، وعلى أساس من المصارحة والمكاشفة والموضوعية والشفافية.
جلالة الملك يريد دولة مدنية، ويسعى في يوم ما لحكومات برلمانية، ويريد دولة إنتاج وإكتفاء ذاتي، ويريد دخول المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية بفكر نهضوي، ومشروع يحقق طموح الشعب وآماله، بينما يعمل عليه الجميع.
دولة الرئيس لا شك بأنه يدرك ذلك تماما، بل ويقع على عاتقه ذلك، وكان الملك قد نثر كنانته ورآه السهم الأقوى والأصلح للهدف، ونثق نحن كثيرا بإختيار الرامي.