يشهد العالم هذه الايام ظروفاً صحيةً صعبةً وضاغطةً جداً في ظل تفشي واسع النطاق لفيروس كورونا وتزايد عدد الاصابات والوفيات وتأخر البحوث العلمية لإيجاد اللقاح والعلاج المناسب لهذا الوباء ، يرافق تحديات المشهد الصحي العالمي حالة من الانكفاء الدولي بين دول العالم نحو الداخل لتأمين مستلزماتها الضرورية المختلفة وتراجع التعاون الدولي في بعض المجالات .
الاردن على موعد استحقاق دستوري باجراء انتخابات نيابية لمجلس النواب في العاشر من تشرين الثاني القادم ، فيما نشهد هذه الايام ارتفاع وتيرة الاصابات بفيروس كورونا ووصولها الى ارقام تجاوزت الالفين اصابة يوميا بالرغم من اجراءات السلامة المكثفة والمتبعة حالياً من اجراءات عزل وحظر وإغلاق للمناطق والاماكن التي تنتشر فيها الاصابات للحد من الاختلاط ومحاولة للتقليل من عدد الاصابات.
ان مقارنة العملية الانتخابية الاردنية بدءً من الترشيح والشروع بالحملات الانتخابية والاقتراع والتصويت والفرز وانتهاءاً باعلان النتائج مع دول متقدمة كالولايات المتحدة والتي هي أيضاً على موعد قريب من انتخابات رئاسية يتبين ان الولايات المتحدة تقوم بالعملية الانتخابية وتنفذها الكترونيا عبر شبكات الانترنت المخصصة في معظم مراحلها وخاصة عمليات الاقتراع والتصويت والفرز وبذلك فأن التنفيذ الالكتروني يقلل من فرص الاختلاط والحشود والاصابة وانتقال الفيروس.
ما يدعي للقلق في الحالة الاردنية أن معظم هذه الاجراءات يتم تنفيذها بصورة تقليدية تستدعي التواجد الشخصي في معظم مراحل العملية الانتخابية كما ان العادات الاردنية الاصيله المرافقة للانتخابات في مراحلها المختلفة والمتسمه بالمرؤة والحمية والحماس والنخوة تتطلب التواجد والحضور والتجمهر والتحشد وستزيد هذه العادات حتماً وبدون قصد من الاختلاط والاكتظاظ وبصورة عفوية احياناً وعلى غرار ما كان يجري في الانتخابات السابقة.
والاسئلة المطروحة في هذه المرحلة .... ما مدى ومستوى الاختلاط المتوقع قبيل واثناء وبعد الانتخابات؟ هل سيزيد مستوى الاختلاط من عدد الاصابات بعد اسبوع او اسبوعين من الانتخابات؟ هل ستقفز اعداد الاصابات الى نسب أعلى من ماهي عليه الان؟ هل نحن على موعد مع الموجه الثالثة لانتشار فيروس كورونا في الاردن؟ هل ستؤثر الزيادة في عدد الاصابات والحالات لاسمح اللة على صمود القطاع الطبي الاردني؟ هل ستكون الدولة امام تحدي لاغلاق واسع وكامل في تلك الفترة ؟ هل ستكون نهاية سنه مالية صعبة؟ هل ستؤثر الاغلاقات على عملية اعداد الموازنة العامة للدولة ؟ هل سيتم اللجوء الى مزيد من الضرائب؟
لا شك ان الاجابة على هذه الاسئلة تستوجب التأمل قليلاً منا جميعاً اذ لا يمكن الاجابة عنها بشكل دقيق إلا من خلال وعي المواطنين الصحي والعقلاني والمنطقي ، فالمطلوب منهم هذا العام عملاً استثنائياً من حيث ضرورة المشاركة في الانتخابات بكل همة ومعنوية وممارسة الحق الدستوري في انتخاب من يمثلك للمجلس القادم ، لكن الامر يقتضي ان يتم ذلك في الحد الادنى من الاختلاط وفرض اجراءات تباعد اجتماعي مناسبة والالتزام بأعلى معايير السلامة ، ان السادة المرشحين مطلوب منهم أكثر من غيرهم وبصورة او اخرى عمل ما يلزم لتقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة من خلال نشرات توعوية في هذا الخصوص سواء من خلال نشر مواد اعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي او مادة مكتوبة للمحافظة على سلامة ناخبيهم .
أن البيئة الصحية الاردنية افضل بكثير من بعض دول العالم لكن النجاح يستدعي مزيد من الاجراءات الوطنية سواء الحكومية او الاهلية على حدٍ سواء ، فهل الاجراءات الحكومية تأخذ في الحسبان مستوى الاختلاط المتوقع اثناء الانتخابات ، وما مدى تأثير ذلك على ادارة ازمة كورونا ، وهل المواطن على وعي تام بخطورة التجمع والاختلاط والتجمهر وادارة الحملات الانتخابية للمرشحين ، انني اقول بمزيد من الوعي من كافة اطراف العملية الانتخابية نستطيع ان نتفادى الموجه الثالثة لإنتشار فيروس كورونا
ارجو ان لا يفهم من المقال أنه دعوة للاحجام عن ممارسة الحق الدستوري في الاقتراع بل انني اؤكد على ضرورة المشاركة بفاعلية في الانتخابات وفرز من يكون اهلاً وقادراً على التخطيط للدولة الاردنية لإربع سنوات قادمة ويشرع القوانين ويراقب ويحاسب ويكون اهلاً لمسؤولية كبيرة تساعد في رسم المستقبل في ظل ظروف محلية واقليمية ودولية صعبة ، لكنني وبنفس الوقت اطالب بحملة توعية صحية واسعة لمراعاة قواعد السلامة أكثر من أي وقت مضى في هذه المرحلة
أن الاجراءات التي اناشد الالتزام بها وتطبيقها سيكون لها حتماً انعكاسات ايجابية في المجال الصحي والاقتصادي والاجتماعي اذا ما طُبقت ، وان التهاون بها سيجعلنا حتما على موعد مع موجة ثالثة لإنتشار فيروس كورونا لا سمح الله .
حفظ الله الجميع من هذا الوباء ومن كل مكروه حفظ الله الأردن عزيزاً منيعاً وأُمتنا العربيه والانسانية وحفظ قيادتنا الهاشمية ونحو غد مشرق ومستقبل واعد وقادم بأذن الله ...