اقترحت عليكم يا دولة الرئيس في المقال السابق, إصدار بيان تشرحون فيه أوضاع بلدنا, لحظةاستلامكم للمسؤوليةليشكل مرجعية للحكم على أداء حكومتكم مستقبلا, وانصافها على إنجازها, وحتى يتم هذا الأنصاف فيجب على الجميع أن يتصفوا بالواقعية، فلا تبالغ الحكومة في وعودها، ولا يبالغ الأردنيين في مطالبهم التي تفوق أحياناً إمكانيات دولتهم, وأن يكون هدفنا الأساسي هو وقف تمدد الأزمات التي تعصف بنا والانهيارات التي بدأت تلوح في بعض جوانب حياتنا.
أن أول انهيار يجب أن نحرص على وقفه هو انهيار الثقة بالمؤسسات العامة، الذي تسعى إلى تكريسه غرف سوداء, تغذي الرأي العام الأردني بالإشاعات وبالكثير من التفسيرات المشبوهة لبعض ما يقع من أحداث حولهم, لذلك لأبد من العمل كثيرا لاستعادة الرأي العام الأردني ولابد من مصارحة الأردنيين بالكثير من حقائق واقعهم مهما كانت هذه الحقائق مؤلمة, لأن هذه المصارحة هي المدخل لقبولهم بالإجراءات المؤلمة, التي قد تضطر حكومتهم إلى إتخاذها.
كما أنه من المهم طمئنت الأردنيين إلى أوضاع قطاعهم الصحي, خاصة بعد سلسلة التحذيرات عبر وسائل الإعلام التي كانت تخوف من انهياره, إن استمر تزايد عدد الاصابات بكورونا, مما يستدعي العمل للحد من هذا التزايد عبر التركيز على بناء وعي المواطن, والتشدد في تطبيق إجراءات الوقاية والسلامة العامة, وتغليظ العقوبات على من يخالفها, فلقد كان التراخي في تطبيق الإجراءات كما حدث على المعابر الحدودية, مدخلاً رئيساً لتفشي الوباء, لذلك من الضروري ضبط الاجراءات والقرارات المتعلقة بهذه الجائحة, وكذلك ضبط التصريحات وتدفق المعلومات حولها, فقد عانى المواطن الكثير من تضاربها في المرحلة السابقة, مما ساهم في زيادة نسبة عدم التقيد بإجراءات السلامة ومن ثم زيادة عدد الاصابات.
وبنفس أهمية منع انهيار قطاعنا الصحي كذلك هو الحال في قطاع التعليم الذي عانى في المرحلة السابقة من ما عانى منه القطاع الصحي من حيث تضارب الاجراءات والتصريحات.
أما الاقتصاد وازمته الدائمة خاصة في جانب المديونية, فيجب أن لا يتوقع الاردنيون من حكومتكم يا دولة الرئيس صناعة معجزة تخرجنا من هذه الازمة, بل على الحكومة أن تصارح الناس بدورهم في صناعة الأزمة, وفي حلها بالتوقف عن السلوك الاستهلاكي وبزيادة نسبة الانتاجية, وبالتخلص من ثقافة العيب فلابد لشبابنا من التوجه للعمل اليدوي والحلول محل العمالة الوافدة, التي تسيطر على قطاعات استراتيجية مهمة في بلدنا, كما تستنزف ملايين من العملات الصعبة, واخطر مافي هذه القضية ان العمالة الوافده قد تستخدم في لحظة معينة كاداة ضغط سياسي, بسحبها مما يهدد بانهيار قطاعات واسعة من قطاعاتنا الاقتصادية في طليعتها قطاع الزراعة.
أحرص يا دولة الرئيس على ان يسجل في التاريخ, أنكم ترأستم حكومة أوقفت الانهيار, فلم تزداد نسبة الفقر, ولا البطالة, ولم ينهار القطاع الصحي ولا التعليمي وهذا يكفي في هذه المرحلة.