بقلم العميد المتقاعد الدكتور المهندس/ حاكم الفلاحات
نشهد في السنوات الاخيرة تردد كلمات الوطنية والمواطنة والخلط بين المفهومين، حيث هنالك فرق بين الوطنية والمواطنة أي عندما نتحدث عن المواطنة فإننا بالتأكيد نعني بقولنا الحقوق والواجبات المترتبة عليها العلاقة بين المواطن والدولة ودور كل منهما تجاه الآخر.
مصطلح الوطنية يعني "المواطن الفعال" وهو الشخص الذي يشارك في رفع المستوى المجتمعيّ الحضاريّ من خلال العمل الرسمي أو التطوعي الذي ينتمي إليه، ويُعرف كذلك بالفخر القومي، والتعلق العاطفي والولاء والانتساب بصفة خاصة واستثنائية لهذا البلد، والشخص الوطني هو شخص يحب بلده، ويدعم سلطتها ويصون مصالحها. تتضمن الوطنية مجموعة من مفاهيم ومدارك مثل الارتباط بالوطن والانتماء والتضامن من غير تهميش الوطنية الأخلاقية، حيث يمكن التمييز بين خمسة أنواع من الوطنية، ويجب الحكم على كل منها على أساس مزاياها لتحقيق فهم أعمق لمفهومها.
يتم تبني الوطنية المتطرفة في كثير من الأحيان من قبل السياسيين والمواطنين العاديين على حد السواء، عندما يُعتقد أن المصالح العليا لبلدهم على المحك، أما الوطنية القوية فتركّز على أنانية الوطنية تجاه البلد بغض النظر عن أي بلد آخر، ويجب ألّا تتناقض نسبيًا مع الأخلاق، لأن الوطنية فضيلة أخلاقية بالأصل و هي أساس الأخلاق المجتمعية، وتعطي مبررًا أحيانًا للمُغالاة وبالتالي إلى توتر مجتمعي.
الوطنية المعتدلة تُظهِر اهتمام الشخص بوطنه، ولا يمنعه ذلك من إظهار المودة للدول الأخرى وسكانها بما لا يؤثر على مصالح بلده ومواطنيه، بحيث تكون متوافقة مع الإنسانية، وهي غير مشروطة أو أنانية فهي مواطنة متوازنة ذات مصالح مشتركة مجتمعية.
إذا لم تكن الوطنية واجباً أخلاقيًا أو فضيلة، عندها سوف تتضاءل جميع ادّعاءاتها الأخلاقية و هنا يظهر مصطلح الوطنية المنكمشة و التي ليس لها أهمية أخلاقية إيجابية على المجتمع ولا يوجد شيء يمكن قوله عن ذلك من الناحية الأخلاقية.
تسعى جميع الأنواع الأربعة السابقة إلى الدفاع عما يمكن تسميته بالمصالح الآنية، مثل الاستقرار السياسي وغيره، ولكن النوع الأخلاقي المتميّز في أن تحقيق العدالة و احترام الحقوق والتضامن لتجسيد معنى المواطنة.
لنا نقول أن حب الوطن من الإيمان، وهو أعلى درجات المحبة، ونتمنى أن تتجلى الوطنية بقيمها الحقيقة في هذه الأيام بالمحافظة عليه من نشر الوباء الفتاك بحيث يتم الالتزام بكافة التعليمات الصادرة من المعنيين بخصوص حماية الوطن والمواطن بغض النظر عن المصالح الفردية.