في مثل هذه الليلة، يوم السبت ١١/٢٧ عام ١٩٧١، غادر والدي المرحوم الشيخ سامي عبدالكريم القاضي وكان آنذاك برتبة رائد بالجيش العربي قائد قوة المقاومة في الرمثا وسهل حوران ورفيق دربه الشهيد المرحوم النقيب صالح الخريشا مدير شرطه الرمثا والعم عبد الكريم العودات مدير استخبارات الرمثا آنذاك بجولة تفتيشيه على حدودنا الشمالية وتعرضوا لكمين من خارجين على القانون في سهل حوران.
ادت لاستشهاد العم النقيب صالح الخريشا وجرح والدي بثلاث اوسمة على جبهته الشريفه وقدمه الطاهره بقيت هذه العلامات حتى وفاته رحمه الله . وكل ذلك قبل يوم من استشهاد فارس الاردن الكبير الشهيد البطل وصفي التل
اذكر ذلك وانا ارى وكأنها تحدث الان.. الرمثا وحوران بفرسانها ورجالها و العم المرحوم زيد الفواز الزعبي ومعه نشامى الرمثا وحوران يدلفون الى بيتنا المستأجر في الرمثا، منزل مصطفى الخلف ابو عاقولة حيث اصطحبوني معهم وكنت طفلا في الصف الرابع الابتدائي وأخي سمير الى مستشفى ايدون العسكري لرؤية والدي الجريح ..وعندما وصلنا وجدت اهل الحيزاء بني خالد وأهلنا ال القاضي جدي والاعمام وأبناء العمومة يفترشون المشفى يحملون السلاح ..واضعين أرواحهم للدفاع عن حمى هذا الوطن ..
رحم الله والدي والعم صالح الخريشا وكل شهداء الاردن الاحرار، ومما يحز بالبال ، ولايزال يلوح أمامي ناظري، ذاك التواصل والارتباط الكبير بين الشعب والدولة حيث جاء اتصال رئيس الوزراء وزير الدفاع آنذاك المرحوم البطل وصفي التل من القاهرة للاطمئنان على والدي ورفقاءه ومتابعة أوضاعهم والاهتمام بهم إلى جانب تعزيتهم بالشهيد صالح الخريشا، واذكر ذلك عندما حضر منتصف الليل مجموعة من نشامى ال التل الكرام يتقدمهم العم المرحوم مريود التل إلى المشفى وزيارة والدي وإبلاغه يتحيات وامنيات البطل وصفي التل حيث قال الخال مريود مخاطبا ابي : خالي.. ابو مصطفى يقولك دم صالح ما يروح.. وهذا يا سامي واجبنا تجاه هالوطن مهو هاظ وطنا.. وهاي ضريبة حبنا للوطن..وعندما يرجع الباشا بالسلامة رايح يجيك..
وفي اليوم الثاني الأحد ١١/٢٨ وفي القاهرة، كانت رصاصات الغدر والخيانة، توجه لصدر الفارس المغوار، وصفي التل، شهيد الاردن وفلسطين. وهو الذي لا يهاب المنايا ولا يركع الا لله..
وعندما وصل الخبر لوالدي.. تقاطرت الدمعات كما الرصاص وبقي يردد ما قاله الخال ابو مصطفى هذا الوطن وطنا.. رحم الله شهداء الوطن واهلنا الأوائل واجدادنا وابائنا البناءة، وحمى الوطن وقيادته الراشدة