2025-12-19 - الجمعة
عشرات آلاف المصلين يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى nayrouz الوفاء والتواضع والإخلاص: يوسف العيسوي قريب من الناس دائمًا nayrouz النشامى يعودون إلى الوطن nayrouz الملك : فخورون بالنشامى ومنتخبنا يعكس صورة الأردن الجميلة nayrouz من غرفة العمليات إلى الميدان: أحمد الدهامشة نموذج في خدمة بلدية الجيزة nayrouz لابورتا: علاقتي بميسي قائمة على الاحترام.. وتكريمه حق مشروع في تاريخ برشلونة nayrouz مارسيلو: بيدري خياري الأول من برشلونة.. ورونالدو الأفضل على مرّ التاريخ nayrouz مؤتمر الدول الأطراف يناقش تعزيز الروابط بين مكافحة الفساد وحماية حقوق الإنسان nayrouz سفارات وقنصليات دولة قطر في الخارج تواصل احتفالها باليوم الوطني nayrouz الخريشا تعزي الزميل كميت الجعبري بوفاة والده nayrouz توتر مع سلوت واتفاق غير مكتوب… صلاح يقترب من مغادرة ليفربول nayrouz الوزير العدوان يكتب: الشباب والرياضة في الرؤية الملكية nayrouz نادية درويش: مسيرة قانونية وإنسانية تجمع بين التحكيم الدولي والدفاع عن حقوق الإنسان nayrouz بريطانيا تفرض عقوبات على مرتكبي أعمال عنف بحق المدنيين في سوريا nayrouz رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يشيد بإنحاز منتخب النشامى في كأس العرب nayrouz أفراح الزعبي: زفاف الأستاذ عبادة نجل الشيخ علي فالح الزعبي..."صور وفيديو" nayrouz اقتراض بريطانيا يتجاوز التوقعات في تشرين الثاني وسط ضغوطات مالية nayrouz الأرصاد تكشف موعد بدء فصل الشتاء فلكيًا في الأردن nayrouz اجتماع أميركي قطري مصري وتركي في ميامي بشأن غزة الجمعة nayrouz تدني مدى الرؤية على طريق مطار الملكة علياء الدولي بسبب تشكل الضباب nayrouz
وفيات الأردن اليوم الجمعة 19-12-2025 nayrouz وفاة الأستاذ الدكتور خالد يوسف الزعبي عضو هيئة التدريس في جامعة مؤتة nayrouz وفاة لواء مخابرات متقاعد محمد خير العضايلة "ابو الخير" nayrouz وفاة محمد عبدالرحيم "بني مصطفى" والدفن في سوف nayrouz وفاة الحاجه تراكي سليمان "ابو شاكر ام عصام nayrouz ذكرى رحيل المخرج محمد ضاري الخريشا… مسيرة إعلامية حاضرة في الذاكرة nayrouz حزن عميق على وفاة الشاب راكان غازي الحويطات nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 18-12-2025 nayrouz وفاة الشاب محمد علي عويد أبو زيد nayrouz الرمثا تنعى شيخ عشيرة الشبول الحاج محمد عبدالرحمن عوض الشبول nayrouz الحاج صالح اسمير البدر الخريشه في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 17-12-2025 nayrouz وفاة الأردني الطلافحة صاحب مبادرة كاسة زيت من كل بيت nayrouz وفاة سفير الأغنية السودانية الدكتور عبدالقادر سالم nayrouz ذكرى وفاة الحاجة مريم عشبان المعاويد الحنيطي (أم محمد) nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 16-12-2025 nayrouz وفاة الرائد علي غريزات أثناء أداء واجبه الرسمي في شرطة غرب إربد nayrouz وفاة الحاج سمير توفيق الشاويش مالك مطعم أبو توفيق في سحاب nayrouz الخريشا تعزي أسرة العفيشات والأسرة التربوية بوفاة والد الزميل أحمد العفيشات nayrouz وفيات الاردن ليوم الاثنين الموافق 15-12-2025 nayrouz

نواير مع الجدّة وبيت الطين.. 

{clean_title}
نيروز الإخبارية : كتبت جميلة عويصي السرحان.. مع ترويحة الوداع الأخير للفجر تطل ‏الشمس على ‏استحياء ‏فتخرج ببطء شديد عبر رموش الغيم المسهّد من حكايات الوجود ، ليهلّ شعاعها برفق على خدّ قرية أم محمد الطينية . ‏تنهض الجدة أم محمد ‏سيّدة الخبز في ذاك الحي ‏الطيني المنازل ‏، فحملت معجنها وأخذت تضع الزبل في فرن الطابون ثم أشعلت النار فيه ، فافترشت الارض ‏ورمت عن أكتافها دامراً يقيها من برودة الصباح الباكر ، ثم شدّت محزمها ‏وأخذت تعدّ أقراص العجين حينًا وحينًا ‏بعصاها الطويلة تُحرّك نار الفرن ليزداد توهجها وتصبح جمرًا ، ثم تشرع بالخبز ‏. وإذا برائحة خبز الجدّة يعبق بالدار فتنهض نواير وإخوتها ويتحلّقون حول الموقد كفراشات ، فتأخذ وتقسم لهم الجدّة من أرغفة ‏الخبز الساخن فيأخذونه بأيديهم الصغيرة ‏وينفخون عليه لعلّه يبرد قليلًا ، وهي تنظر إليهم بفرحٍ كبير وتقول: (كلّ يا ابني ‏وهو ساخن خليه يدفي قلبك) ، ‏لم تعلم نواير حينها أن بداخل ذلك الخبز حنانٌ كبير يدفئ القلوب فتستكين . ‏ذاك الحب الذي لا ينصب ‏كجدول يفيض كلّ شروق كانت بروحٍ جميلة ‏وذات جديلة عربية كخيلٍ ‏أصيلة وجهها بلون قمح بلادي ، وبإبتسامة ‏دفء وحنان تنظر إلى شقوقٍ ‏أحدثها ‏الصيف في منزلهم الطيني ‏وهي ‏ ‏تدعي أدعية ‏تدخل القلب لتزداد البركة في كلّ شيء ، وما أن تنتهي الجدّة عملية ‏الخبز فتنادي على نواير وعمتها ليذهبن إلى المحفرة ‏ليحضرن ‏كمية من التراب الأسود الصالح لتطيين البيت وإصلاح تلك الشقوق قبل الشتاء. فتسير الجدّة أم محمد ووراءها نواير وعمتها وسط صياح ديكة القرية وذاك الراعي يقود قطيع غنمه ، وجارهم أبو سالم يعلف بقرته شيئاً من التبن والقش فتسلّم على هذا وتدعو لذاك بالبركة الى أن تصل إلى المحفرة. والتي كان بالقرب منها حجارة سوداء وبيوت قديمة جداً، قد تدحرجت حجاراتها هنا وهناك و(صيرٍ) بسناسلها وحجارتها السوداء ، وجدّة نواير تحمل وعاءًا كبيرًا صُنع من (الكاووتش) وعمتها حملت مجرفة، أمّا نواير فأخذت تتقافز وراءهن وبيدها كسرةً من الخبز ، فتارةً تقضمها وأخرى تجلس تلعب بتلك الحجارة السوداء فتنادي عليها جدتها بصوت عالٍ (هيا يا نواير اكربي حالك يمه). والجدّة تسير ويديها وراء ظهرها وتتفحص الأرض والتربة فتمسكها مرة بيديها ومرة تفركها لترى جودتها ومتانتها وهل تصلح للتطيين أم لا. ثم تأخذ الجدّة بالحفر بالقرب من المحفرة في تلك المنطقة المرتفعة قليلاً فتأخذ منها التراب الأسود الذي رأت أنه المناسب ، ثم تنخلّه بالغربال لتنقيه من الحجارة. وبينما هي منشغلة واذا بنساء الحي قد تجمعن وجئنها ، ونواير فرحة بصويحباتها ،جئن باثوابهن وكلّ قد تحزمت بوسطها بشماغ أو (شبنر) أو منديل ، فيحملن التراب أمام البيت الطيني وهناك يخلطن التراب الذي هو أصل الخليقة مع التبن ويجبلنه مع الماء . وكانت نواير وبنات الحي لعبتهن جبلة الطين هذه فيدعسنه بأرجلهن وهن يتضاحكن وكأنهن في مدينة للألعاب ليس لها مثيل في الأكوان. حتى يصبح طيناً كأنّه الباطون ، فيقطعن منه قطعاً مثل الكرات وبحجم قبضه اليدين ، تقوم الأولى برميها إلى واحدة تقف على وسط السلم فترميها هي الأخرى على من تقف على السقف وتناولها للمختصة بفرد الطين على السطح ودلكه (بالمدلك) ، ولمن لا يعرفه فهو عبارة عن حجر أملس من حجارة الوادي بحجم الكف يقوم مقام (المسطرين) بأيامنا هذه . وصيانة السطح والجدران هذه وتطيينها قبل فصل الشتاء خوفاً عليها من التلف ، إذ كانت تأخذ وقتاً طويلاً من الطيّانات ، وكان عملاً شاقاً . فكن مع الجدّة ام محمد يلجأن للغناء والزغاريد في محاولة قتل الوقت ونسيان التعب وبث الروح المعنوية في نفوسهن وتشجيعهن. (ياطالعه ع السلالم والهوا غربي.. قربت الشتويه قربت ي خوف قلبي.. يا طالعه ع السلالم والهوا نسايم.. بالله بالطينه ردي حطينا المايل.. ) وكانت تتم هذه العملية عادة بعد المطرة الأولى التي تعتبر بداية الموسم الفلاحي ، فتنتشر رائحة الحارات الترابية وأدخنة أفران الزبل ورائحة خبز القمح الشهي ، فهذه الشتوة الخفيفة تحذر النساء اللواتي تأخرن للبدء بتطيين بيوتهن فيبدأن بسدّ الثقوب وتمليس الواجهات وكذا الجدران الخارجية ويفتشن جيداً لسدّ الشقوق ومن هنا جاء المثل ( مثل المطينات ). أما آخر مراحل التطيين تكون بدمغ بعض الواجهات والمدخل بالصلصال الأزرق للزينة ، مستخدمين فيه فراشات نباتات (الطيّون) ويقال أن الطيون كان اسمه (طيوب) تطيب رائحته الكافورية ، لكنّ الفلاحين سمّوه طيّوناً لأنه يستخدم في عملية تطيين البيوت . بعد انتهاء العمل مع الجدّة أم محمد تقوم كنتها بعمل الطبخة الريفية المعروفة وتسمى (طبيخ الطيانات) وهي (برغل ،عدس،سمنه،زيت زيتون، والى جانبها اللبن ) وتؤكل مع الفجل والبصل الأخضر ويتناولونه بكل سرور وقبول وانبساط وهن يتجاذبن أطراف الحديث . فتنظر نواير الى النسوه وقد تمرّغت أثوابهن (بالحور والتبن) وجلسن جزلات يتضاحكن لشرب الشاي غير آبهات بذلك الطين الذي علق بأثوابهن وأيديهن وأرجلهن ووجوه وشعر أطفالهن ، فأمر العمل لديهن أكبر وأهم وكلّه لديهن بقليلٍ من الماء يُغسل . وهنا تتراكض نواير وصويحباتها إلى الجدّة بطلب المال لشراء الحلوى من الدكّان المقابل والذي وضع صاحبه كرسياً من القش أعلى درجاته الحجرية ، وجلس يترقب الصغار ويحل مشاكلهم بالمناداه عليهم ، إثر انشغال الأمهات عنهم بالتطيين ، فتعطيها جدّتها قروشاً حمراً وقرطات (القرطة بمقدار قرشين ونصف ) فتتراكض نواير وصويحباتها إلى الدكّان وقد أمسكت جيداً بالقروش ، وما أن وصلت فتحرر القروش من يدها وقد تعرقت وصار لها كرائحة الحديد الصدء وهي تلهث وتقول ل أبو سالم : اعطني (كعيكبان) فتأخذها وتعطي صويحباتها كل واحدة قطعة، وتقول ل أبو سالم : رجع لي الباقي. فيعطيها حبة علكة فتقفز من أعلى الدرجات وهي تصرخ ( ضحكت على أبو سالم ) اعطاني علكة . وهي تسمع قهقهته وراءها ، لكنها تلك البنت القوية التي لا تهاب أحدًا ، وما أن تصل جدّتها فتنهرها وتقول : (ايش هذا يا نواير كوني البنت العاقلة يمه ). وفي تلك الجلسة مع النسوه تقول الجدّة أم محمد لهن: غداً ننتقل لبيت أم سالم وبعدها بيت أم صالح ربي يعافيكن يا طيبات يا نشميات. فتأخذ كل واحدة منهن أطفالها وتذهب لبيتها الطيني، وهناك في زاوية حوش البيت تغسل أيديهم ووجوههم من ابريق الوضوء ، ثم يأوون الى داخل بيتهم الدافئ بالحنان. أما نواير فتسرع لمساعدة أمها في الفراش لإخوتها ، وهناك في المجلس تجمع الرجال بعد عمل يوم شاق وقد أعدت الجدّة قلية القمح (البكيله) والشاي على الجمر مع القهوة السمراء ، في حين جلب بعضهم البلوط للشوي وهم يتبادلون اطراف الحديث عن حياة فلان وأيام الثلجة الكبيرة ويستمعون تارة للراديو واذاعة لندن ، وضحكات وصوت يخترق مسامع نواير وإخوتها وهم ينصتون لحكايات واساطير قرية الطين ، والجدة تتمتم وتلهج بالدعوات كثيراً بأن يحميهم ويحمي جميع الخلائق ، فتضع مسبحتها بجانب وسادتها وتستكين ، ولم تعلم نواير بأنها المرة الأخيرة لسماع تلك التمتمات ، فتسلم روحها الى بارئها وهي مبتسمة ، وإلى النور ذهبت وذهب معها رائحة أحلامنا ودفئ بيوتنا وعبق ضحكاتنا ، إلا أن رائحة الجدّة باقية في قلب نواير لا تنساها ابداً.