نشرت صحيفة القدس العربي الإلكترونية / لندن يوم الخميس 14 / 1 / 2021 التصريح التالي لمعالي الوزير الأردني الأسبق عدنان أبو عودة :
" سياسي أردني : لولا ( الهاشميين ) لما وافقت مدن فلسطين على وحدة الضفتين. وجاء تحت هذا العنوان المعلومات التالية وأقتبس : أوضح المفكر السياسي الأردني عدنان أبو عودة، وجهة نظره في الظروف الاجتماعية والسياسية، التي أدّت أصلا ( لقرار وحدة الضفتين ) في منتصف القرن الماضي.
وسأل أبو عودة جمهرة من المثقفين والسياسيين والمسؤولين السابقين الأردنيين، عما إذا كانوا يعتقدون بأن المدن الحضارية في الضفة الغربية مثل نابلس برأيهم، كانت تقبل الانضمام تحت لواء إدارة أي من العشائر الأردنية ؟ مشيرا إلى أن أهل الضفة الغربية وعائلاتها، قبلت بالانضمام إلى الدولة الأردنية في قرار وحدة الضفتين، بسبب وجود ( الحكم الهاشمي ).
وسأل أبو عودة أثناء ندوة مصغّرة، في مركز دراسات صحيفة الرأي الحكومية الموجودين : هل تعتقدون أن عائلات نابلس والقدس وغيرهما مثلا، كان يمكن لولا الهاشميين، أن تقبل الانضمام إلى الدولة الأردنية، لو كان يقودها أي شيخ عشائري ؟ ". انتهى الاقتباس.
* * *
وهذا الطرح من معالي الأستاذ عدنان أبو عودة، يدفعني للعودة بالتاريخ إلى مئة سنة سابقة، حيث جاء في كتاب الدكتور عبد الله العسّاف ( ثورة البلقاء ) ما يلي وأقتبس بتصرف : " ذهب الشيخ ماجد العدوان لمقابلة المندوب السامي البريطاني، هربرت صموئيل في القدس. واصطحب معه عددا من رجاله، كان من بينهم بركات الفلاح، صالح الفواز، فاهد الشبيب، بالإضافة إلى إخوة الشيخ ماجد، عبد الحميد ومنصور.
وقبل الاجتماع بالمندوب السامي البريطاني، قابل الشيخ ماجد في القدس كامل الحسيني ( والقيادات الفلسطينية )، الذين أخبروا الشيخ ماجد أن البريطانيين قصدوا من وراء هذا العرض، أن يقيموا وطنا قوميا لليهود في فلسطين، وقالوا له : ( خطيّة الناس برقبتك يا ابن عدوان ).
وهذا ما حدث فعلا في أثناء المقابلة، فقد عرض المندوب السامي على الشيخ ماجد، بأن يكون أميرا على شرقي الأردن، شريطة عدم معارضته لإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين. فاعتذر الشيخ ماجد للمندوب السامي عن قبول هذا العرض، والذي طلب منه أن يفكر بالأمر قبل التسرع في إعطاء الجواب. فرد عليه الشيخ ماجد بأنه سوف يقوم بمشاورة والده في هذا الأمر.
وعند عودته لشرقي الأردن، بين الشيخ ماجد لوالده الشيخ سلطان، أن الإنجليز يعتزمون إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأنهم سيأتون بالأمير عبد الله وينصّبونه أميرا على البلاد، إذا لم يوافق الشيخ ماجد على عرضهم، ولكنه رفض ذلك العرض. وعندما سمع الشيخ سلطان ذلك، شكر ولده على موقفه الوطني الشريف وقال : ( الشريف ولا الإنجليز ) ". انتهى الاقتباس.
لقد أوردتُ هذا الاقتباس التاريخي القصير، لكي أسأل على ضوئه، معالي الأستاذ عدنان أبو عودة ما يلي : لو فرضنا أن الشيخ ماجد العدوان، قَبِلَ بالعرض الذي قدمه هربرت صموئيل حسب شروطه لحكم شرقي الأردن، وحدث ذلك فعلا – لا سمح الله – فهل تعتقد معاليك، أن القيادات الفلسطينية التي قابلت الشيخ العشائري ماجد العدوان في القدس، ترفض الوحدة مع شرقي الأردن، وهي التي وثقتْ به وطلبت منه الحفاظ على مصير الفلسطينيين ؟
والحقيقة التي لا جدال فيها هي، أن الشيخ العشائري ماجد العدوان، هو نموذج لبقية شيوخ العشائر الأردنية الوحدويين، والذي ينكر معاليه على الفلسطينيين القبول بالانضمام لأي منهم لو تولى الحكم، رغم ما بين الطرفين من علاقات ودّية في ذلك الحين.
ختاما أقول : لو صدر هذا التصريح عن كاتب أو سياسي مبتدئ، يبحث عن موقع وظيفي في الدولة لوجدت له العذر. ولكن أن يصدر عن رجل سياسي محترف، مثل معالي الأستاذ عدنان أبو عودة، الذي أشغل العديد من الوظائف الهامة في الدولة الأردنية، والذي أكنّ له كل الاحترام والتقدير، فهو بالنسبة لي على الأقل، أمر مُستغرب وغير مقبول . . !