مع دخول المملكة الاردنية الهاشمية في مئويتها الثانية تكون الدولة الاردنية قد اصبحت واحدة من الدول العميقة بين دول العالم، فالاردن عندما يتخطى المئؤية فانه يدخل في الجيل الرابع من عمر هويته الوطنية بنظامه السياسي، وهو الجيل الذي من المفترض ان لا يحمل تراكمات الماضي بقدر ما يقف على منجزات الدولة ورسالتها بما فيها من حالة مجتمعية وواقع اجتماعي والذي يقوم عليه العقد الاجتماعي بالاطار والمضمون.
وهي الحالة التي منها يمكن ان ننطلق الى منطلقات واعدة تجاه مسيرة الانجاز وتتسارع معها العجلة الاقتصادية وكما نحدد منها الاهداف الاستراتيجية السياسية والتنموية والنمائية والاقتصادية والتي تستهدف بناء منظومة عمل جديد تجاه الاقتصاد الانتاجي بكل مشتملاته وحواضنه الموضوعية والذاتية وننهي عبرها المربع الوظيفي الذي كان نهجا قد خدمنا في مرحلة التكوين والتاسيس والبناء وحتى الجزء الاول من مرحلة التعزيز، لكن للمئوية الثانية مفردة اخرى واستراتيجية عمل ايضا اخرى.
حيث نرنو من خلالها لتحقيق حالة واعدة تعيد توظيف رسالة البناء الوطني بما تشكل العلامة الفارقة الانتاجية، وكما نعيد فيها عبر معادلة التقييم صياغة حالة حداثية متطورة في منظومة العمل التربوي والصحي والثقافي والتنموي وحتى الخدماتي بما يشكل اطار الامان المعيشي ونستهدف اعادة صياغة لكل المفردات في منظومة العمل الاجتماعي.
وفهي مجال الاصلاح السياسي فان العمل على وضع استراتيجية عمل تحقق الرؤية السامية التي جاءت بالاوراق الملكية تعد من الامور الضرورية كونها تحاكي المستقبل برؤية حاضرة كما نقوم عبرها بالعمل على وضع خطة عمل تجاه تحقيق نهج الحكومات البرلمانية الحزبية، على ان ياتي ذلك ضمن سياسة تراكم الانجاز التي تقوم على بناء المنجز فوق المنجز وتبتعد عبرها عن سياسية الفك والتركيب التي تاتي على مقياس تغيير الحكومات وايقاعها، وهذا ما يمكن تحقيقه عند وضع اطار ثابت لسكة الحديد قبل الحديث عن نوع القطار وعدد ركابه، فان بوصلة الاتجاه ورسالة التوجه واليات العمل كما الاهداف والغايات مهم توضيحها لتعزيز مناخات الثقة المستهدف التي تستدعي استكشاف الرؤية والمستقرارات التشريعية.
ولان منهجية الاقتصاد الانتاجي لا تقوم الا بالتوازي مع نهج المواطنة، فان وضع ذلك في اطار الاستراتيجية المئوية يعد من الامور الاساسية لانجاحها، على ان ياتي ذلك عبر برنامج عمل يؤدي الى تعزيز دور الهوية الاردنية الجامعة على حساب اية هويات فرعية كانت قد تشكل منها بيت القرار وروافعه في مرحلة التكوين والتاسيس، وهذا ما يضيف تحديا اخر للاستراتيجية المئوية والتي من المفترض ان تشمل محاور عمل حقيقية تدعم مسيرة البناء الوطني وتقوي اوتادها وتعزز من محتواها القيمي والمنهجي.
ولان هذه العناوين تعتبر محاور عمل بحاجة الى حوار منهجي واطر تفاعلية تدمج ما بين مختلف القطاعات لتوضح بوصلة الاتجاه القادمة لكي تستنبط منها عناوينها، فان الدعوة لمؤتمر وطني يحمل اسم مئوية الدولة ستكون مفيدة بعد حوصلة كورونا ورياحها، على ان يتم عبر هذا المؤتمر الوطني الجامع اصدار وثيقة تكون بمثابة بوصلة اتجاه تعرف باسم وثيقة المئوية، نؤكد فيها على الثوابت وتقدم فيها الرؤية والرسالة كما محاور استراتيجية العمل، وهو ما سيشكل العنوان العريض لانطلاقة اردنية جديدة