بعد نجاح التجربة الاولى للأردن في التعامل مع جائحة كورونا منذ بداية الازمة , و قد حقق انتصارا في معركته ضد فيروس كورونا الذي اجتاح العالم مطلع عام 2020 , كان له اجمل الاثر في نفوس الاردنيين , بعدما أعلنت الحكومة عودة الحياة العامة الى طبيعتها ، والتخفيف من اجراءات حظر التجول الشامل و ضمن شروط وضوابط صحية في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد " كوفيد-19 ".
الاردن كان من الدول الاكثر امانا في العالم بفضل الاجراءات التي اتخذتها ادارة الازمة , لكن بعض الجهات والمؤسسات تراخت في تطبيق التعليمات الصحية المتعلقة بالجائحة بالإضافة لوجود اعداد كبيرة من المشككين والمستهترين بالمرض , بتجاوزهم الضوابط الصحية شكل دعما مباشرا للفيروس على الانتشار , حيث وصلت أرقام الاصابات إلى مستويات مقلقة في كل يوم مما يؤشر الى وجود كارثة انسانية .
المواطن استبشر خيرا من نجاعة مطعوم فيروس كورونا الا ان الكميات الواردة للأردن غير كافية نهائيا , وتزامن توزيع اللقاحات لكبار السن فوق 60 عام والكوادر الطبية , ظهور كورونا المتحور سريع الانتشار والاكثر فتكا بالبشر مما شكل حالة من الرعب لدى الأجهزة المعنية في الاردن والمجتمع على العموم . ومع بداية شهر شباط 2021 بدأت الموجة الثالثة لفيروس كورونا تأتي أكلها نتيجة التراخي لدى المواطن الاردني بالتقيد بالبرتوكول الصحي في معظم المؤسسات والاماكن العامة , واصبح الخطر يهدد الجميع والخوف من جديد من العودة الى الاغلاقات وحظر التجول .
المطالبات اصبحت ملحة على مواقع التواصل الاجتماعي لفرض حظر التجول مع ارتفاع اعداد الاصابات بشكل كبير وسريع و ظهور السلالة الجديدة للفيروس . ولكن هناك العديد من المواطنين الذين يدركون جيدا ان حظر التجول الشامل او الجزئي لن يجدي نفعا في حال لم يتم الالتزام التام بتعليمات الوقاية الصحية , وله اثار سلبية كبيرة على كافة القطاعات تنعكس بشكل مباشر على المواطن في كافة مناحي الحياة مما يزيد في تفاقم المشكلة والتحديات التي تواجه الدولة الاردنية وعدم الوصول الى حلول جذرية في القضاء او منع انتشار المرض , وفي حال تم السيطرة على انتشار الوباء سيكون لفترة قصيرة كما حصل في بداية الجائحة وسيعود المرض من جديد , وبذلك يكون حظر التجوال الشامل بمثابة ابرة مسكنة للتخفيف من اعراض المرض وليس الحل المناسب له .
لكن عندما يدرك ويعي جيدا المواطن ان الالتزام التام بتطبيق اجراءات السلامة العامة والوقاية الصحية هو الحل الانسب لمنع انتشار هذا الوباء , سنجتاز هذه الجائحة بكل سهولة ويسر وباقل الاضرار وتحديدا الاقتصادية منها , ووفق وزارة الصحة الاردنية فان الالتزام التام بارتداء الكمامة يمنع انتشار الفيروس ويحمي من الاصابة بنسبة عالية جدا , وهناك تجارب لدول متقدمة نجحت في التوعية والارشاد وابطاء معدل انتشار الفيروس من خلال حث مواطنيها على الالتزام التام بارتداء الكمامات وتحديدا في الاماكن العامة .
ان التوعية والارشاد لجميع الفئات والاعمار لنشر الثقافة الصحية هي مسؤولية وطنية تقع على عاتق كافة الافراد والمؤسسات لحث الجميع على ارتداء الكمامات , والجميع معني بتوجيه وتوعية الأفراد غير الملتزمين وعدم التعامل معهم والابتعاد والابلاغ عنهم مباشرة للجهات المعنية , وهذه الفئة من المشككين والمستهترين بالمرض حيث اللامبالاة في تصرفاتهم داخل المنزل وخارجه وفي الاماكن العامة , هم مصدر خطر حقيقي على صحة وسلامة الانسان و وسبب رئيسي لاستدامة الفيروس وانتشاره .
ان مسؤولية محاربة الفيروس مشتركة لا تستثني احدا ، واننا امام فيروس غير مرئي خطير جدا ومتحور, سريع الانتشار , وقد يفرض علينا الوضع ضرورة التعايش مع المرض في حال لم يتم اكتشاف علاج ولقاح ناجع له , وبالتالي ان التقيد التام بالتعليمات و الوقاية الصحية و تطبيق اجراءات السلامة العامة , واهمها النظافة الشخصية والتباعد الجسدي وارتداء الكمامات بالأشكل الامثل والحجر الصحي للمشتبه بهم و التعامل مع المصابين بحذر , هي افضل وسيلة للحفاظ على الصحة العامة ومنع انتشاره في الوقت الحالي ولضمان استمرارية الاعمال والخدمات و حرية الحركة والتنقل .
ان ما نحتاجه في هذه المرحلة بكل امانة ومسؤولية من الجميع هو الالتزام التام بتعليمات الوقاية الصحية وعدم التهاون مع اي شخص او جهة في ذلك ، فهذا واجب وطني وديني واخلاقي وانساني ودليل على الوعي الفكري والتضامن، و الانتماء للوطن ، فالالتزام هو العلاج واللقاح الناجع من مرض فيروس كورونا الذي نحتاجه في هذا الوقت .