2025-01-29 - الأربعاء
الخفش تكتب همسات ليل صافية ، وضجيج قد هدأ وصمت nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 29-1-2025 nayrouz وفد من أعضاء مجلس النواب يزور مديرية الإعلام العسكري nayrouz زراعة لواء الطيبة تحتفي بيوم الشجرة nayrouz بلدية إربد تواصل تعزيز خدماتها لذوي الإعاقة وتطوير مشاريع مستقبلية شاملة nayrouz الشاب عمر سلامة ابو عجور الحجايا في ذمة الله nayrouz صدمة في أمريكا.. روسيا تكشف عن كلاب عسكرية روبوتية تشارك في الحروب nayrouz تحدث مع السيسي..ترامب يزعم أن مصر والأردن سيستقبلان فلسطينيي غزة nayrouz تحقيق قضائي مع رئيسة وزراء إيطاليا بعد إطلاق سراح ليبي مطلوب من الجنائية الدولية nayrouz المجالي عنوان عز وفخار nayrouz ”لطيفة الشرع تخطف الأنظار في أول ظهور لها مع زوجها أحمد الشرع(الجولاني)!” nayrouz الكشف عن 10 حقائق صادمة حول ثروات المليارديرات أثرياء العالم في 2024 nayrouz حملة في لواء الوسطية لمكافحة مرض "العفن البني" ببساتين اللوز nayrouz ورشة إقليمية بإربد حول إدارة التدريب في أعمال الألغام nayrouz بحث آليات توفير مادة الإسفلت لمواكبة الطلب المتزايد على المشاريع الحيوية nayrouz ورشة في البحوث الزراعية لتعزيز القيمة المضافة لمنتجات خلية النحل nayrouz الدفاع المدني ينفذ ورشة إسعافات أولية في وزارة الزراعة nayrouz ندوة في الطفيلة حول الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان nayrouz "الخدمة والإدارة العامة" تنظم ورشة حول إدارة القيادات الحكومية nayrouz وزير الخارجية يبحث مع نظيره البلغاري الأوضاع الإقليمية nayrouz
وفيات الأردن اليوم الأربعاء 29-1-2025 nayrouz الشاب عمر سلامة ابو عجور الحجايا في ذمة الله nayrouz رحيل "فارس خشمان الحواتمة"... يملأ القلوب حزناً وألماً nayrouz الحاج عمر علي الحوري " ابو هايل " في ذمة الله nayrouz عشيرة الدعجة تودع اثنين من رجالاتها البارزين nayrouz العميد الركن أحمد السعودي يشارك في تشييع جثمان الشرطي عبد الله العتوم في سوف ...صور nayrouz وفاة العميد المتقاعد المهندس جميل العموش شقيق الرائد القاضي العسكري سلامه nayrouz رحيل مأساوي: وفاة الأستاذ حسن عماد العنزي إثر حادث سير أليم nayrouz رحيل الشاب جمعه الزيود في مقتبل العمر يوجع القلوب nayrouz وفاتان بحوادث دهس في العاصمة والزرقاء nayrouz الحاج محمود عبدالقادر أحمد أبو عواد "ابو عوض" في ذمة الله nayrouz شكر على تعاز من عشائر الجبور بوفاة الحاجة حمدة عقل الغيالين nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 28-1-2025 nayrouz وفاة مفاجئة تُفجع القلوب: الشاب هشام محمد محمود صالح البطيحة في ذمة الله nayrouz وفاة مختار عشيرة العوامله الحاج صالح العوامله "ابو محمد " nayrouz الرقيب مالك بسام العوابدة في ذمة الله nayrouz الخدمات الطبية الملكية تنعى الرقيب مالك بسام العوابدة nayrouz مدير تربية لواء الكورة والأسرة التربوية ينعون والدة المعلمة خلود بني مرعي nayrouz وفاتان وإصابتان خطيرتان بحادث سير مروع في عمان nayrouz المهندس مالك بسام الرحامنه في ذمة الله nayrouz

الفكر الاستراتيجي السياسي للشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى ومفجر رصاصتها الأولى

{clean_title}
نيروز الإخبارية :
دراسات استراتيجية سياسية وعسكرية......

 الحلقة الثانية. الفكر الاستراتيجي السياسي للشريف الحسين بن علي دراسة محكََّمة أعدها اللواء الركن المتقاعد الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق والملحق العسكري الأردني في القاهرة الأسبق ، وشارك فيها الباحث كدراسة محكمة في مؤتمر المئوية الأولى للثورة العربية الكبرى (1916 – 2016 ) 

الذي عقد في رحاب جامعة آل البيت – كلية الآداب والعلوم الإنسانية خلال الفترة من 10 - 11 أيـــار ( مايو ) 2016م ، وستصدر هذه الدراسة ضمن الدراسات التي قُُدِمت للمؤتمر في كتاب محكم عن جامعة آل البيت ، وستنشر وكالة النيروز الإخبارية هذه الدراسة على عدة حلقات تتحدث في كل واحدة منها عن جانب من جوانب الفكر الاستراتيجي السياسي للشريف الحسين بن علي كزعيم للعرب وكقائد للثورة العربيةالكبرى ومفجر رصاصتها الأولى . بحث ودراسة :اللواء الركن المتقاعد د . محمــــــد خلـــف الرقــــــــــــــاد ....مدير التوجيه المعنوي الأسبق الحلقة الثانية الهدف السياسي الأسمى للثورة العربية الكبرى هو حفظ الدين وحرية العرب . الشريف الحسين : "إنني أحب قومي وبلادي وديني أكثر من أي شيء في الوجود، وإننا نحارب من أجل غايتين شريفتين هما: حفظ الدين وحرية العرب". استراتيجية الحسين بن علي . في ضوء المعطيات الآنفة الذكر، بدأ الشريف الحسين بن علي يضع استراتيجيته السياسية بعد العودة إلى مكة المكرمة من غزوة عسير، وبخاصة بعد تكشف الأبعاد السياسية لمواقف الاتحاديين اتجاه إمارة مكة، ولِما رآه من بشاعة التصرفات العسكرية تجاه العرب أثناء غزوة عسير، والتي لم تكن متوازنة، وليس لها أي شكل من أشكال الضرورة العسكرية، فكان التعامل إفراطاً في استخدام القوة ، فعاد مغتاضاً من "أبها" على رأس القوة الهاشمية، وبدأ يرسم تصوراً لاستراتيجيته السياسية. الأهداف السياسية العليا للحسين بن علي . من المتعارف عليه في علم الاستراتيجية بأن القيادة السياسية العليا هي التي تضع الاستراتيجية العليا للبلاد، حيث تقوم بتحديد هدف استراتيجي سياسي أو عدة أهداف استراتيجية سياسية عُليا تمثل مصلحة البلاد العليا، بحيث يحقق هذا الهدف أو هذه الأهداف هذه المصلحة العليا. وبناءً على ذلك تقرأ الدراسة الأهداف الاستراتيجية السياسية العليا للشريف الحسين بن علي من خلال هذا النص حيث يقول: "إنني أحب قومي وبلادي وديني أكثر من كل شيء في الوجود، وإننا نحارب من أجل غايتين شريفتين هما: حفظ الدين وحرية العرب" ( العطار ، 1995 ) . ويمكن للدراسة أن تلخص الأهداف السياسية العليا للثورة العربية الكبرى على الشكل الآتي: أ . الهدف السياسي الأسمى هو حفظ الدين وحرية العرب. ب . ويمكن للدراسة أن تقرأ عدداً من الأهداف السياسية العليا للشريف الحسين بن علي وكما يأتي ( الروسان ، 1986 ): (1) تحقيق الصلة في تاريخ الأمة وإحياء حضارتها وتراثها. (2) تحرير الولايات العربية من نير الظلم والاضطهاد التركي. (3) تحقيق الوحدة والحرية والاستقلال للأمة العربية. (4) إنشاء الدولة العربية المستقلة. وسائل استراتيجية الحسين بن علي السياسية . من خلال قراءة البيئة السياسية التي كانت سائدة على الصعد المحلية والإقليمية والدولية في مطلع القرن العشرين وقبيل الحرب العالمية الأولي وقبيل إعلان الثورة العربية الكبرى، ترى الدراسة أن الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى قد انتهج لتنفيذ استراتيجية التي رسمها عدة وسائل أهمها: ‌أ. بناء قاعدة اجتماعية في مكة وبلاد الشام: والهدف من هذه القاعدة الاجتماعية إسناد قراره السياسي، وقد تمثل ذلك في تمتين وتعزيز العلاقة مع زعماء القبائل العربية في جزيرة العرب ومع أحرار العرب ومفكريهم في بلاد الشام، وكان قد عمل على بناء هذه القاعدة الاجتماعية لسنوات خلت قبل تسلمه منصب إمارة مكة، وعلى فترات زمنية مختلفة منها: حينما كان يعيش في كنف عمه بعد وفاة والده ، ثم طور هذه العلاقات خلال وجوده في المنفى في الأستانة، حيث كان بيته ملتقى للأشراف ولأحرار العرب الذين كانوا يتطلعون للحسين بن علي كشخصية عربية إسلامية، لها مكانتها الدينية والاجتماعية، ويمكنه قيادة الأمة والنهوض بها إلى بر الأمان والاستقلال والاستقرار. ويتمكن القارئ المتعمق لأحداث وتاريخ الثورة العربية الكبرى أن يستشف ذلك من خلال أكثر من موقف شعبي عكس قوة هذه القاعدة الاجتماعية الشعبية لقائد الثورة العربية الكبرى، ومن هذه المواقف: (1) الاستقبال الذي جرى للشريف الحسين بن علي حين وصوله إلى ميناء جدة، وكيف كانت السنابك الشراعية تقبل نحو السفينة التي كانت تقل الشريف الحسين، وفيها مئات الرجال من شرفاء وعظماء ومشايخ عربان، وأخذوا يدخلون على الشريف وكلهم دامع العين شوقاً وسروراً ( عبدالله بن الحسين ، 1984 ) ، وقد كان في استقبال الشريف الحسين بن علي بالإضافة للأشراف من ذوي الحسين حوالي عشرين شريفاً يمثلون الأشراف الهاشميين، مما يشكل دعماً سياسياً واجتماعياً للفكر السياسي لدى الشريف، كما استقبله مشايخ قبائل حرب وهذيل، والكثير من علماء الدين يتقدمهم مفتي مكة المكرمة الشيخ عبدالله سراج ( عبدالله بن الحسين ، 1984 ) . (2) أنواع التمارين على ظهور الخيول التي أظهرها المستقبلون مثنى وجماعات، الذين رسموا صورة من المراسم لا تصح إلا للملوك، مما يعكس متانة هذه القاعدة المجتمعية الشعبية ( عبدالله بن الحسين ، 1984 ) . (3) توثيق عرى التعامل والتواصل مع القبائل العربية في شرق الأردن من خلال أبنائه الأميرين فيصل وعبدالله، مثل قبائل الحويطات وبني صخر والبلقاوية وبني حسن، بالإضافة للعشائر الأردنية في جنوب ووسط وشمال الأردن. (4) انضواء معظم القبائل العربية في الجزيرة العربية تحت لواء الثورة العربية الكبرى باستثناء شيوخ آل رشيد الذين كانوا حلفاء للأتراك ، ومن القبائل التي انضمت للشريف الحسين بن علي قبائل حرب وعتيبة وجهينة، وعشائر النمور والوفدان وثمالة والرقعة والحرة وسبيع والبقوم بني الحارث والحوازى والتربة وغيرهم كثيرون ،( الشريقي، 1984 ) . (5) أما الزعامات العربية الخمس الموجودة في الجزيرة العربية وهم : ابن سعود والإدريسي والإمام يحيى وابن رشيد والشيخ مبارك الصباح فكانوا يختلفون من حيث تحالفهم وأهواؤهم ، ( طلاس ، 1987 ) . ب . التواصل مع أحرار العرب ومفكريهم السياسيين . وكان من أهم مواقف الشريف الحسين مع هؤلاء الاستجابة لمطالبهم، فحينما طلب الباب العالي من الشريف حسين بن علي إعلان الجهاد المقدس، وإرسال المتطوعين العرب إلى سوريا، وضع الشريف شروطاً لتنفيذ ذلك ، جاء على رأسها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين العرب، ومنح سوريا إدارة مركزية، والاعتراف لشرافة مكة بحقها الموروث منذ زمن السلطان سليم الأول ،( الشريقي ، 1984)،( شهاب ، 1995) . كما استجاب الشريف الحسين لنداءات رجال الفكر السياسي والمتنورين من أحرار العرب ، وتفاعل مع البرقيات والرسائل التي كانت ترده من دمشق وبيروت والقدس ، يناشد فيها رجال الدين والوجهاء وشيوخ العشائر الشريف الهاشمي للتدخل لدى السلطان محمد رشاد الخامس للإفراج عن المعتقلين الوطنيين، ورفع القيود الصارمة التي كان يفرضها جمال باشا السفاح على البلاد العربية ، (الشريقي ، 1984). ومن هذا التواصل مع أصحاب الفكر السياسي من العرب في بلاد الشام إرساله ابنه الأمير فيصل الذي انخرط في الجمعية العربية الفتاة وأصبح عضواً فيها بعد أن حلف اليمين الدستورية، وأخذ يتباحث مع أعضاء الجمعية، وما هي مطالبهم السياسية، وانتهت المباحثات في حمل رسالة سياسية كبيرة من متنوري العرب يطلبون فيها من الشريف الحسين أن يتزعم ثورة عربية على الأتراك تحقق حلمهم في إنشاء دولتهم العربية المستقلة، وقد حددوا حدودها بموجب الرسالة التي سلمها الأمير فيصل إلى والده، والمتعارف عليها سياسياً في تاريخ الثورة العربية الكبرى بـ "ميثاق دمشق" ( طلاس ، 1987) ، وتعهد ستة من الزعماء الرئيسيين بعد أن أقسموا يمين الولاء بأن يعتبروا الشريف الحسين هو ممثل الشعب العربي، وكتأكيد لهذا العهد أعطى الشيخ بدر الدين الحسيني أكبر علماء دمشق خاتمه إلى الأمير فيصل لكي يسلمه إلى الشريف حسين كرمز لثقة أهل الشام به ، ( طلاس ، 1987) . ونتيجة لعدم استجابة الصدر الأعظم للمطالب السياسية للشريف بالعفو عن المعتقلين العرب وإطلاق سراحهم، وقيام جمال باشا السفاح بتنفيذ وجبة إعدامات لهؤلاء الأحرار في دمشق وبيروت في 16 أيار/مايو 1916م، قام الشريف الحسين بن علي بقطع العلاقات مع الباب العالي في الأستانة، وكانت هذه الإعدامات بمثابة الشرارة التي أشعلت نار الثورة العربية الكبرى، حيث وجًّه الشريف الحسين إنذاراً عن طريق الأميرين علي وفيصل إلى جمال باشا السفاح في 9 حزيران 1916م الموافق 8 شعبان 1334ه خلاصته : أنه إذا لم تتم استجابة الباب العالي والصدر الأعظم للمطالب العربية وتنفيذ الشروط التي عرضها لإعلان الجهاد المقدس، فإن العلاقات بين الأمة العربية والأمة التركية ستقطع ، وأمهلا جمال باشا لمدة أربع وعشرين ساعة، وإلا فإن الحرب ستكون قائمة بين العرب والدولة العثمانية، لكن جمال باشا استبد بشكل أكثر شراسة ، مما أدى إلى قيام الثورة العربية الكبرى وتحركها لتنفيذ استراتيجيها السياسية والعسكرية، منطلقة من منطقة "بئر الماشي" على طريق مكة، وتم إعلان الثورة يوم 9 شعبان 1334 هـ الموافق 10 حزيران 1916، حيث بدأ المثقفون العرب الذي نجوا من معتقلات جمال باشا يبثون الروح الوطنية سراً في أوساط الجماهير ويعدون تشكيلات من المقاومة لمساندة الثورة ( الشريقي ، 1984) . وبعد تحرير الحجاز باستثناء المدينة المنورة بحوالي أربعة أشهر ونصف أستقر الرأي السياسي العربي على إعلان الاستقلال، وتمت مبايعة الشريف حسين ملكاً على العرب في الأول من محرم 1335 ه الموافق 29 تشرين أول 1916، وتمت البيعة في المسجد الحرام، وحضرت هذه المبايعة وجوه عربية كثيرة من بلاد الشام، وكانت المبايعة عامة وعلنية ، وكانت الأولى منذ قرون ( الشريقي ، 1984 ) . ج . الدبلوماسية والمناورة السياسية والتشدد في بعض المواقف . تقرأ الدراسة هذه الوسيلة السياسية للشريف الحسين بن علي من خلال النصوص المتبادلة بين الصدر الأعظم والشريف الحسين بن علي، حيث بعث الشريف برقية إلى الصدر الأعظم رداً على طلبه من الشريف إعلان الجهاد المقدس، وقد قدم الشريف نصحاً للسلطان العثماني، وتقدم ببعض المطالب السياسية واستحلفه بالله بأن لا يدخل هذه الحرب إلى جانب ألمانيا، ولكن جاء الرد من الصدر الأعظم على الشكل الآتي: "إن التحدث في مثل ما بينتموه عن الحرب والعرب ليس من حقوقكم، وإن من بالشام من المجرمين سينالون الجزاء العادل، وإن مابينتموه لا تكون نتيجته بحقكم سارة، وعليه فسوف لا ترون نجلكم فيصل مرة أخرى قبل أن تبعثوا بالمجاهدين إلى الجبهة كما وعدتم، وإذا لم تنفذوا هذا، فالنتيجة بحقكم لا تكون خيراً " ، ( عبدالله بن الحسين ، 1984) . من خلال قراءة النص تتضح الفضاضة السياسية في التعامل ، وتبرز الفوقية السياسية المصحوبة بالتهديد والوعيد، فلا نيّة للإفراج عن المعتقلين السياسيين باعتبارهم مجرمين سياسيين، واعتبار مطالب الشريف غير محِقة، إضافة إلى التهديد باعتقال مبعوث الشريف الشخصي وهو الأمير فيصل. لقد طبق الشريف دبلوماسية في التعامل من خلال إبراقه للسلطان العثماني ناصحاً، ومن ثم لجأ للمناورة السياسية ، ورأى بأن يستغل الظرف لتحقيق بعض المطالب السياسية، وحتى لا يستجيب إلى طلب الباب العالي بإعلان الجهاد المقدس، لكن وإزاء الأسلوب التركي في الرد على برقيته، كان لا بد للدبلوماسية أن تأخذ منحنى أشد قوة، حيث جاء في رد الشريف علي الصدر الأعظم ما يأت:" ليس ما أقوله سوى النصيحة الأخيرة في برقيتي، وبها ضمان انحياز العرب إلى صفوفكم بقلوبهم ، أما إبني فيصل فأعتقد إني أراه مرة أخرى ، فافعلوا ماشئتم" ، (عبدالله بن الحسين ، 1984). وهنا يدرك الصدر الأعظم قوة موقف الشريف وإصراره على موقفه، فيجنح إلى التهدئة، وبعد يومين يرسل برقية يشكر فيها الشريف على إجاباته، وهذا نصها: "بعد التأمل رأينا شكر سيادتكم على أجوبتكم، فإذا بعثتم بالمجاهدين إلى الشام، فقد أشعرنا جمال باشا ليذاكر نجلكم الشريف فيصل بيك فيما يتعلق بالمجرمين السياسيين". وفي هذا المقام يلجأ الشريف إلى المناورة السياسية في رده على برقية الصدر الأعظم بجواب هذا نصه:" إنني ممتن على تلطفكم بالجواب، أما المجاهدون فقد أصرّوا على عدم السفر إلا إذا حضر فيصل ليأخذهم، فإن كانت الرغبة حقيقية، فابعثوا به ليستصحبهم"،(عبدالله بن الحسين) وتُلاحظ هنا الحصافة السياسية التي تحلى بها الشريف، فقد عمد إلى رمي عصفورين بسهم واحد، حيث عمد إلى حشر سياسة الصدر الأعظم في زاوية ضيقة، فإما أن يوافق على إرسال الأمير فيصل لاصطحاب القوة، وبذلك يضمن سلامة ولده وعودته سالماً إلى مكة، وإما أن يرفض، فيظهر سياسته الحمقاء في التعامل مع الحلفاء، لكن الرد أتى فوراً بالموافقة، وهنا يمكن أن تفسر الموافقة التركية السريعة على موقف الشريف باتجاهين : الأول : بالسذاجة السياسية ، ولا تعتقد الدراسة ذلك ، نظراً إلى ما وصلت إليه السياسة التركية من مستويات آنئذ ، والاتجاه الثاني : ربما كانت الموافقة مناورة سياسية مقابل مناورة الشريف السياسية من أجل الموافقة على إرسال المتطوعين والاستجابة لإعلان الجهاد المقدس ، وقد رد الصدر الأعظم ببرقية هذا نصها: " سيتوجه الشريف فيصل بيك إلى المدينة ليصطحب المجاهدين ويعود بهم إلى الشام، ونرجو أن تسترجعوا نجلكم الشريف علي بيك من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة لعدم انسجامه مع المحافظ" ، وقد رد الشريف بالبرقية الآتية التي لا تخلو أيضاً من المناورة السياسية: "عند وصول الشريف فيصل بيك سيترك الشريف علي بيك المدينة المنورة ". وفي الثامن من شعبان 1334ه الموافق 9 حزيران 1916م، وبعد وصول الأمير فيصل إلى المدينة، وجّه الشريف الحسين بن علي بوساطة ولديه الأميرين علي وفيصل إنذاراً إلى جمال باشا، وأمهلاه 24 ساعة للرد على مطالب الشريف حسين، وإلا ستكون حالة الحرب قائمة بين الأمتين العربية والتركية" ( عبدالله بن الحسين ، 1984) . ولمَّا لم يأت الرد خلال المهلة المحددة، وبعد مضي عدة ساعات على انتهاء المهلة كان المتطوعون يهاجمون الخط الحديدي بين الشام وبين المدينة ويقلعونه ، بدلاً من استصحاب الأمير فيصل لهم إلى بلاد الشام، وابتدأت الأمة العربية تتحمل مسؤولياتها بنفسها، وتسعى لانتزاع حريتها واستقلالها بسلاحها وجهاد أبنائها،( عبدالله بن الحسين ، 1984) . يتبع في الحلقة الثالثةصورة الكاتب اللواء الركن م الدكتور محمد خلف الرقاد.
whatsApp
مدينة عمان