2025-12-21 - الأحد
تفسير حلم البكاء الشديد في المنام: دلالات ابن سيرين والنابلسي وابن شاهين nayrouz وفد من البطريركية اللاتينية يزور المستشفى الميداني شمال غزة ويشيد بالدور الإنساني الأردني nayrouz الدوري الالماني: باير يفوز على لايبزيغ ويعادله بالنقاط nayrouz هجن الشيحانية تحقق أول ألقابها في جائزة الملك عبدالعزيز لسباقات الهجن...صور nayrouz وفيات الأردن اليوم الأحد 21-12-2025 nayrouz مصر .. قرار رسمي بعد ضجة فيلم (الست) لأم كلثوم nayrouz الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء العراقي يبحثان هاتفيا تعزيز العلاقات الثنائية nayrouz الأمن السوري يقبض على شبكة تهريب أسلحة في قدسيا nayrouz صهيب الملكاوي… صوت المعادلة الصعبة بين الخبر وتحليله nayrouz الاستشاري محمد الطراونة يوضح حول ما يُسمى بـ"سوبر إنفلونزا" nayrouz مكافآت وحوافز من أمانة عمّان- تفاصيل nayrouz سوريا تسعى لاستعادة بريقها السياحي nayrouz تهنئة للعميد الطبيب محمد الهروط لإعادة انتخابه رئيسًا لجمعيّة الجراحين الأردنيّة للمرة الثانية nayrouz الدوري الايطالي: لاتسيو يتعثر في تعادل سلبي أمام كريمونيزي nayrouz حوار وطني حول تعديلات الضمان قريبا nayrouz وفاة طفل اثناء عبثه بسلاح والده في جرش nayrouz مفتي الأردن : الاثنين أول أيام رجب nayrouz الحوري يكتب :النائب فراس القبلان.. صوت المواطن الحقيقي تحت قبة البرلمان nayrouz "جيوب خاوية وقلوب متعبة".. دراسة تكشف دور الفقر في تسريع شيخوخة القلب nayrouz العدل الأميركية: سنكشف وثائق التحقيق بمحاولة اغتيال ترمب nayrouz
وفيات الأردن اليوم الأحد 21-12-2025 nayrouz رحيل الشاب الفاضل راشد بدر عودة الخريشا: فقدنا مثالًا للأخلاق والنشاط والحيوية nayrouz محمد رداد المعزي الجبور" ابو ثامر" في ذمة الله nayrouz وفاة الشاب راشد بدر عوده الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 nayrouz وداع يليق بمكانته… العبيدات يشيّعون أحد أعمدتهم الاجتماعية " الشيخ سيف الدين عبيدات nayrouz الخريشا تعزي الزميل كميت الجعبري بوفاة والده nayrouz وفاة المرحومة ليلى خالد العشي، زوجة الدكتور حسن صرصور nayrouz وفيات الأردن اليوم الجمعة 19-12-2025 nayrouz وفاة الأستاذ الدكتور خالد يوسف الزعبي عضو هيئة التدريس في جامعة مؤتة nayrouz وفاة لواء مخابرات متقاعد محمد خير العضايلة "ابو الخير" nayrouz وفاة محمد عبدالرحيم "بني مصطفى" والدفن في سوف nayrouz وفاة الحاجه تراكي سليمان "ابو شاكر ام عصام nayrouz ذكرى رحيل المخرج محمد ضاري الخريشا… مسيرة إعلامية حاضرة في الذاكرة nayrouz حزن عميق على وفاة الشاب راكان غازي الحويطات nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 18-12-2025 nayrouz وفاة الشاب محمد علي عويد أبو زيد nayrouz الرمثا تنعى شيخ عشيرة الشبول الحاج محمد عبدالرحمن عوض الشبول nayrouz الحاج صالح اسمير البدر الخريشه في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 17-12-2025 nayrouz

داودية يكتب ذكريات وعـظـات _12_

{clean_title}
نيروز الإخبارية : محمد داودية

تميز جدي مزعل مشري أبو إبراهيم بالهدوء والطيبة والسخاء.
وكان اسمه على غير وعلى عكس حقيقته. ولو انيط الأمر بي، لأعدت تسميته بما يتناسب مع شخصيته. لأطلقت عليه اسم مفرّح أو كريم أو نايف أو سعود.
وكما كانت والدتي جظّة الأثيرة عنده من بين بناته حليمة وهدية وسامية، وابنائه ابراهيم ومشري وعبدالحليم، فقد كنت الولد الأثير عنده.
لقد أحببته بدرجة لا توصف وأظن أن حب الجد للحفيد وحب الحفيد للجد، حب متعادل متبادل. واحببت معه شقيقة محسن مشري أبو غضيّان ذئب الشراة.
كنت انتظره وقت أوبته من العمل في شركة ال آي.بي.سي- المفرق، وقت الغروب، فيصطحبني ليشتري لي هريسة ابي جمال اللذيذة.
كان لا يكف عن السؤال عني، إذا لم اكن حوله.
***
كان جدّي مزعل رجلا وافيا، ذا كرش متوسط، يمشي وئيداً، يعاجل من يلقاه بالتحية والابتسامة، ذا بشرة سمراء، مثل معظم اهل معان وموظفي الشركات العاملة في البادية، يضع على بطنه شبرية على عادة الرجال في تلك الأيام.
وكان ذا مرح وفرح، نجم حلقات الدبكة المعانية الحماسية الجميلة كان يتمايل في الدبكة بطريقة لم يقلده فيها احد، فسماه صحبه وهو ما يزال عازبا «أبو جظّة». وقد اطلق اسم جظة على ابنته الأولى، والدتي.
كان يسرح أحيانا وهو يمشي فأظنه قد غفا. فأشدّه من «كِبْرِه»، فينتفض وهو يقول:
انا صاحٍ يا محمد. كنت افكر في حال الدنيا وناسها.
فأسال: ما بها الدنيا وناس الدنيا يا جدي؟
فيفتر ثغره عن ابتسامة تكشف اسنانه الدقيقة وتغلق عينيه الصغيرتين ويقول:
لا تستعجل يا بن بنتي، ستعرف كل ما تريد ان تعرفه، انت نبيه وعقلك كبير.
ثم يكمل: حال الدنيا وناسها متغير. وحال دنياكم ليست كحال دنيانا.
والجدود مدارس كبيرة. وقد أخذ جدي مقام والدي، فكان جدي ووالدي.
***
روت لي امي ان جدي كان صديق والدي الأقرب «كانوا زي الاخوان، صحنهم واحد». وان والدي اسلم الروح بين يديه في المستشفى الطلياني بعمان التي نام فيها 26 يوما، لم يفارقه خلالها يوما واحدا. وروت لي انه كان كل يوم يوصيه بالطفلين، انا وشقيقتي خديجة.
كرّس جدي عندي قواعد واضحة صلبة عديدة، كانت بمثابة البوصلة لي، لم اكف عن استحضارها ومحاولة تطبيقها، كلما أدلهم عالمي وأوشكتُ ان ازوغ عن الطريق.
أتأمل الآن حِكَمَ ذلك الرجل الأمي وانا في تمام الحيرة والدهشة والسؤال الدائم: مِن اين استمد أولئك الرجال والنساء تلك القيم الكبرى، هؤلاء الرجال الذين لم يكونوا بعيدي عهد عن قيم الغزو والسطو والسلب والنهب.
كان يعلمني بالسلوك أحيانا وبالشرح أحيانا اخرى. كأنما يتلو عليّ مزامير داوود ووصايا لقمان، التي حفظتها وتشربتها.
***
خرجت من المنزل على أصوات رجال ولغط نساء. لمحتُ أخي الأصغر احمد يركض بعيدا، ولست اعرف لماذا. كان يبتعد بسرعة غريبة، وسحابةٌ من غبار تتشكل خلفه في ذلك الصباح الصحراوي البارد من صباحات الإجفور (الرويشد حاليا).
ادركت انه لا يركض خلف شيء ما. انه يهرب من شيء ما، فقد كان يتلفت خلفه وهو ما يزال يركض كالظبي الجافل المطارَد.
طلب مني رجلٌ غريب، كان يلتف حوله عددٌ من الفتية والأقارب أن اركض وراء احمد وأن احضره. شحنني ورشاني بكلمات اطراء مثل: محمد اسرع من احمد. محمد نمر.
حوّل الداهيةُ الأمرَ الى منافسة وسباق.
طاردت اخي احمد وأدركته وسحبته الى تجمع الرجال. نظر الرجل الغريب اليّ وكانت علامات الظفر تنطّ من عينيه. ولما هممت أن أسلّم اخي احمد إليه، امسك الجمعُ بنا، سيطروا علينا وسط دهشتي وندمي وإحساسي بالورطة.
«طهّرونا» معا.
علمتني حادثةُ الطفولة تلك الحذرَ. حذرَ الحسابات وقياس المسافات، الذي لا يتعارض مع المغامرة.
كانت تلك الحادثة درسا بليغا لي في حياتي، اشتققت منها قاعدة: «لا تُسلّم أخاك ولا تخذله ولا تذله.
لقد استخدم المُطهٍّر سكينا واحدة طيّحت دمي ودمَ اخي احمد.
***
عندما سلّمت أخي احمد الى مطهر الأولاد «الشلبي»، ووقعت في قبضته ومبضعه وغرقت في الدم والألم مع احمد، لم يكن جدي مزعل حاضرا.
وعندما عاد من العمل وقت الغروب، عادنا وهو في أعلى درجات الغضب والإستياء والسخط.
سمعته يقول صارخا:
كيف تعلّمون الاخَ ان يُمسكَ أخاه وان يسلمكم إياه !! وقدم لي ولأخي احمد قطعا كبيرة من الهريسة، أنستنا اوجاعنا.
كانت حادثة دامية لا تنسى، فعلاماتها ستظل معي الى الابد. تعلمت من تلك الحادثة، التدقيق والحذر وعدم أخذ الأمور بظاهرها.
***
كان جدي يقول لي او يقول لأخوالي على مسمعي كلاما رشيقا مختصرا: لا تعتدِ. لا تظلم. لا تقسُ.
لكن يجب أن يتكسر ويقع على خشمه من يصطدم بك. ومن يتعرض لك ويسيء اليك. يجب أن يدفع الثمن.
كان والحمد لله من مدرسة «لا تنم ظالما ولا تنم مظلوما».
كان يقترب مني قائلا: أراك مهموما يا ابن بنتي.
فأجيب: فلان يتقوّل عليّ.
فيسأل مبتسما: هل رأيت غبارا مُثارا خلف حمار؟ الحميرُ لا تثير الغبار خلفها، الخيل الاصائل يا ابن بنتي هي فقط التي تثير غبارا خلفها يغشى عيون ملاحقيها.
ويستطرد: لا تلتفت الى الحساد والغيورين. لا تحفل بمن «يراجد» ويجعجع خلفك.
واذكر ان جارنا أبو هاشم دعا جدي ذات يوم الى تناول طعام العشاء بعد صلاة المغرب.
جاء خالد قائلا: عمي ابو ابراهيم. جاءنا ضيف ويطلب والدي ان تشاركنا طعام العشاء.
واضاف صديقي خالد (من عنده): ما تنسى تجيب محمد معك.
وافق جدي.
بحثت عن جدي وقت الغروب فلاحظت انه يتكيء على يمناه والنعس يغشاه. فهززته برفق وقلت له:
جدّي جدّي إنهض. حان وقت العشاء عند أبي هاشم.
قال: انا أتذكر لكنني لن اذهب.
قلت: انت وعدت الرجل بالحضور.
قال: لقد أرسلت جدّتك عصرا لتبلّغ امّ هاشم اعتذاري عن الذهاب.
ثم قال برويّة تدريبية كمن يقصد ان اتشرّب جملته:
اسمع يا ابن بنتي، الرجل الذي يأكل اللحم في بيوت الناس واهل بيته لا يأكلونه، هذا ليس رجلا.
وأضاف: لمّا قلت انني سأحضر عشاء ابي هاشم، كنت اعتقد ان في البيت نقودا تكفي لشراء اللحم للعائلة، لكنني اكتشفت ان جدتك قد اشترت بما معنا قماش مدرقتين، لها ولأمك.
وقال: يا ابن بنتي، غماسك من غماس ناسك.
**
ومثلما لعب جدي دور والدي، فقد كان علي ان العب هذا الدور.
كنت والدَ نفسي !
كنت اعامل نفسي كانها إبن نهم يحتاج الى التهذيب والتأنيب والتشجيع والاطراء والمحاسبة القاسية العنيدة.
وايضا كان يجب ان اوطّن نفسي على التعلم والتنظيم والدقة والترتيب وسرعة اتخاذ القرار واختصار الجهد والمسافة.
كنت اقول لنفسي، ان بوسعي أن ابذل وقتا أطول واقوم بجهد اضافي أكبر. واحقق المزيد و أحمل أثقل وأن اصعد أعلى واتحمل اكثر.
وسأظل اقول ان الطليعي الذي يزعم انه يستنهض المجتمع، يجب اولا ان يستنهض نفسه.
**
اختزنت في ذاكرتي، تفاصيلَ تجارب متنوعة، أسردها هنا لعل فيها بعض ما يفيد اجيالنا الجديدة، فأبناء جيلي ليس فقط يعرفونها، بل عاشوها وصنعوها.
وبالطبع فإنني لست مضطرا الى اختلاق شخصيات والى تخليق احداث كي اكتب مادة تتيح اشتقاق بعض العبر من حياتي الصاخبة، الزاخرة بالإخفاق والإختراق، بالتحدي والاستجابة.
واعتقد ان هذه السردية تكتسب قيمة اضافية من العفوية والتلقائية. وستتخفف هذه السردية من النقص الذي يشوبها، بعد ان تمت مشاركة التفاصيل والتواريخ والأحدات والأمكنة، وهو ما كان سخيا فيه الصديق عبدالمهدي التميمي ذو الذاكرة الفوتوغرافية الحادة.
فقد نشأنا معا وخضنا نفس مخاضات الضنك وتحدياته. دايتنا واحدة. حارتنا واحدة. خصاصنا واحد.
**
يجدر ان اذكر مكونات طعامنا ايام زمان واقصد الخمسينات والستينات، فقبل وجود القصابين والملاحم ونتافات الدجاج، كان اللحم موسميا.
وكانت العائلات في انتظار الشاة الوقيعة التي توشك على الهلاك.
او كانت عدة عائلات تتشارك وتشتري شاة فيتم ذبحها وتقطيعها الى اكوام بعدد المشترين.
وتتم دعوة احد الأولاد فيقف وظهره الى اكوام اللحم والشركاء. فيؤشر الكبير على احد الأكوام ويسأل الولدَ:
لمن هذا الكوم؟
فيذكر الولد اسما وهكذا الى ان تنتهي القسمة العادلة التي تزيد فيها احدى الحصص زيادة طفيفة لا تتعدى الاوقية.
لاحقا فتحت الملاحمُ بلا ثلاجات فكانت اوقية لحم الخروف الذكر المجرومة بخمسة عشر قرشا. وتصبح بعشرة قروش بعد الظهر خشية التلف لعدم وجود ثلاجات.
ما عدا تلك «الحفلة» كان الإفطار «خبز وشاي». وكان الغداء مذبّلة (وهي قلاية بلا لحمة).
واحتلت وجبات الرز الحامض والمجللة والملفوف عرش الأطعمة عقودا.
كانت الكفتة ترفا.
وكانت العائلات تجمع بيض الدجاج لتبيعه وتشتري بثمنه سكرا وشايا !!
وما كان في البيوت صنابير ماء.
كانت الحارة أيام زمان، كيانا. وتنظيما. وانتماء وقبيلة. فحين كان احد يسألك: من وين انت يا ولد؟.
كانت الإجابة: من حارة المعانية او من حارة العبيديين او من حارة الخوالدة او من حي الطفايلة او من حارة العليمات او من حارة السبعاوية.
whatsApp
مدينة عمان