-انتقلت عمان من العتمة إلى النور بنهاية الثلاثينات من القرن الماضي.
-(الكهرباء) مُنعطفٌ تاريخيٌ في حياة أهالي العاصمة عمان...
الكهرباء تعني الحضارة بكل أبعادها لأن الكهرباء تعني التقدم والتطور واللّحاق بركب المدنيّة...
-الحاج محمد علي بدير هو (أبو الكهرباء)... بينما مطحنة السعودي – بابور السعودي – هي (أم الكهرباء في عمان)...
•قام محمد علي بدير في البداية بإنارة عمان بواسطة موتور الكهرباء من مطحنة السعودي بعد الغروب (بالفترة الليلية) أي بالفترة التي يكون الموتور متوقفاً عن العمل بهذه الفترة.
•عمَّت الفرحة لدى أهالي عمان عندما تم إنارة العاصمة بالكهرباء... يهللو وهتفوا – الكهرباء الكهرباء - ....
•وبعد أن قام بدير بتأسيس شركة الكهرباء الأردنية أقام موتورات الكهرباء التابعة للشركة في منطقة رأس العين حيث كانت تعمل على –الديزل-.
•في عام 1986م قامت أمانة عمان باستملاك الأراضي في منطقة راس العين (حوالي 60 دونم) من أجل إقامة مباني إدارة أمانة عمان عليها بما فيها (مطحنة السعودي)...
•إنتقال عمان من العتمة إلى النور تم بعزيمة عباقرة الإقتصاد الأردني الذين حوّلوا الحلم إلى حقيقة...
•التطور الفعلي في عمان حدث بعد أن تم إنارة العاصمة بالكهرباء...
إعداد/ عُمر العرموطي
تمهيد:
... قصة الكهرباء في العاصمة عمان، وكيف انتقلت عمان من العتمة إلى النور بنهاية الثلاثينات من القرن الماضي حكاية يرددها الأبناء والأحفاد عن الأجداد... وكما روى لي الإقتصادي المعروف "محمد رضوان" زكي محي الدين السعودي/ أحد أحفاد أصحاب مطحنة السعودي... لقد كانت الكهرباء في عمان مُنعطفاً تاريخياً في تاريخ المدينة وأهالي عمان... الكهرباء تعني الحضارة بكل أبعادها... فلا حضارة الآن بدون الكهرباء... لأن الكهرباء تعني الإنارة والصناعة ووصول الماء إلى المنازل والخدمات على اختلاف أنواعها وتعني اللَّحاق بركب المدنية وشعوب العالم المتقدمة التي كانت الكهرباء عاملاً رئيسياً في تقدمها صناعياً وزراعياً وخدماتياً... والكهرباء في عمان القديمة تعني تأسيس منجرة حديثة أو محددة أو البداية بالصناعات الخفيفة...
... في أواخر الثلاثينات كانت بعض العواصم القريبة منا تنعم بالكهرباء مثل بيروت واسطنبول وبغداد.. لكن عمان كانت محرومة من الكهرباء لعدم وجود شركة كهرباء تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية وبعد ذلك تقوم بتوزيع الكهرباء لإنارة الشوارع والمنازل ولاستعمالها في المجالات الصناعية والزراعية وغيرها من المجالات...
... وبما أننا الآن نحتفل بذكرى المئوية / مرور 100 عام على تأسيس الدولة الأردنية الحديثة فإنه لا بُد لنا لتسليط الضوء على قصة الكهرباء في عمان أيام زمان وكيف قام عباقرة الإقتصاد الأردني في عمان القديمة في تحويل الحلم إلى حقيقة... إذ لا يمكن لمجتمع من المجتمعات في القرن العشرين أن يتقدم ويتطور بدون الكهرباء...
... قصة الكهرباء في عمان هي قصة الكفاح والعزم والتصميم من عباقرة الإقتصاد الأردني الذين لا يعرفون المستحيل... فتحية إلى المرحوم الحاج محمد علي بدير (أبو الكهرباء)... وتحية لأل السعودي أصحاب مطحنة السعودي (أم الكهرباء في عمان)...
بابور السعودي (مطحنة السعودي) أم الكهرباء في عمان والأردن.
هذه المطحنة أسَّسها رجل من بيت الصّابر (شامي) ثم قام بشرائها شخص من عائلة علم الدين (لبناني) والحاج صبري الطباع وذلك في بدايات القرن الماضي...
... وبعد ذلك الحاج رُشدي السعودي وإخوانه إستأجروا المطحنة من علم الدين (ضمان)... كانت المطحنة بنفس موقع سقف السيل وهي عبارة عن جزيرة على ثلاث شوارع (سقف السيل والمهاجرين وشارع راس العين)... والآن أُقيم عليها – محطة الباصات المركزية – ومساحتها كانت أربعة دونمات... فالمطحنة كانت على جسر المُهاجرين مُقابل المخفر في نفس موقع ساحة النخيل والنوافير بجانب مبنى أمانة عمان الجديد والمتحف...
... قديماً وفي البداية كانت المطحنة تشتغل على الماء...
... ثم إشترى (آل السعودي) الحصص من علم الدين والطباع وأحضروا ماتور جديد يعمل على الكهرباء تم شراؤه من فلسطين... وهذا الماتور كان يقوم بتشغيل المطحنة حتى غروب الشمس أي حتى الساعة (5-6 مساءً)... ومكتوب عليه باللغة الإنجليزية ما يلي:
Made by the Palestine ivon Company Jaffa Palestine 1890
... ومن الجدير بالذكر أن السيد (بهجت صادق محي الدين السعودي) – أبو خلدون - كان يقوم بإنارة عمان بفوانيس الكاز على (القناديل) بالتعاون مع بلدية عمان قبل الحاج محمد علي بدير كمتعهد فوانيس عمان وذلك بالثلاثينات من القرن الماضي... فقد أخذ تعهد من شركة الكهرباء وبلدية عمان من أجل إنارة عمان القديمة بالفوانيس والتي كانت تُضاء ليلاً حيث كان وقود هذه الفوانيس (الكاز)، وقد توفي المرحوم (أبو خلدون) بالثمانينات من القرن الماضي... لكن عندما جاء محمد علي بدير إلى عمان بدأ يعمل بالأساسيات لذلك قام بشراء رخصة الكهرباء من (بهجت صادق محي الدين السعودي) فاشترى هذه الرخصة بمبلغ 100 جنيه فلسطيني حتى يُضيء عمان...
... وفيما بعد صار الإتفاق بأن تعهَّد محمد علي بدير بإضاءة عمان وأسَّس شركة الكهرباء الأردنية... وفي البداية حصل بدير على الكهرباء من مطحنة السعودي وذلك خلال الفترة الليلية عندما يكون موتور الكهرباء في مطحنة السعودي مُتوقفاً عن العمل بعد الغروب أثناء الليل وحتى صباح اليوم التالي.
... وفيما بعد، وبعد أن قام الحاج محمد علي بدير بتأسيس شركة الكهرباء الأردنية قام بشراء قطعة أرض في منطقة راس العين حيث أحضر موتورات لتوليد الكهرباء على (الديزل) - مولِّدات الكهرباء – بدلاً من توليد الكهرباء من موتور (مطحنة السعودي) خلال الفترة المسائية وظلَّت مولّدات الكهرباء في راس العين التابعة لشركة الكهرباء الأردنية تعمل حتى سنة 1979م، وفي هذه السنة أصبحت سُلطة الكهرباء الأردنية تقوم بتوليد الكهرباء بواسطة محطة الحسين الحرارية بالزرقاء، وبعد ذلك تقوم ببيع الكهرباء وتوزيعها على شركات الكهرباء... علماً بأن موقع موّلدات الكهرباء برأس العين إستملكته أمانة عمان وأصبح يُعرف بـ (جاليري أمانة عمان) حيث تُقام به – الآن - المعارض الثقافية والعروض الفنية...
... وقد استملكت أمانة عمان مطحنة السعودي عام 1986م وتم استملاك الأراضي في كل منطقة رأس العين (حوالي 60 دونم) من أجل بناء مباني إدارة أمانة عمان الجديدة ومواقف السيارات والحدائق المُلحقة بالمبنى...
الخُلاصة:
... إن انتقال عمان من العتمة إلى النور تم بعزيمة وإصرار وإبداع عباقرة الإقتصاد الأردني الذين استطاعوا تحويل الحلم إلى حقيقة... (الكهرباء) كانت منعطفاً تاريخياً في حياة أهالي العاصمة عمان... الكهرباء تعني الحضارة بكل أبعادها لأن الكهرباء تعني التقدم والتطوُّر واللَّحاق بركب المدنية، كما أنها تعني الأمن والأمان من خلال إنارة شوارع وبيوت عمان القديمة... ولقد عمَّت الفرحة لدى أهالي عمان عندما تم إنارة العاصمة بالكهرباء... يهللون وهتفوا – الكهرباء.... الكهرباء - ... نعم الكهرباء في عمان هي حكاية يرددها الأبناء والأحفاد... وبوصول الكهرباء لعمان أصبحت عمان مدينة حديثة وعصرية...
المصادر:
1.موسوعة عمان أيام زمان/ 10 أجزاء/ إعداد: عمر محمد نزال العرموطي.
2.كتاب (أبو الكهرباء) محمد علي بدير/ إعداد وتأليف: عمر محمد نزال العرموطي.
3.حقبة من تاريخ الأردن/ مذاكرات اللواء حكمت مهيار (مدير الأمن العام الأسبق)