مع اشراقة صباح اول شهر محرم من العام الهجري الجديد ، اقول لكم صباح مبارك ببركة هذا العام الذي نرجو الله ان يكون عام خير ومحبة وسلام ، وعام خال من الاوبئة والاسقام ، ونسال الله ان يجنبنا الحروب والكوارث وغضب الله سبحانه وتعالى .
وفي مثل هذا اليوم المبارك هجر رسولنا العظيم أرض النفاق والخلاف والضرر وما عليها من حجر وبشر ، وبحث عن ارض الله التي احتضنته وصحبه الأوفياء الأنقياء ، فاقام بعد الهجرة في بناء دولة الاسلام في حاضرة المدينة ، حيث آخو بين المهاجرين والانصار واقام العدل ورسم وصحبه معالم دولة المستقبل التي عمل على تحقيقها ، من المدينة المنورة مركزا واقامة ، وعبر الهجرة تحررت نفوس الناس الذين ساندوه وآمنوا برسالته من كل الوان القيم والعادات والتقاليد التي لا تتفق وما جاء في آيات الله بعامة وما نزل منها في المدينة بخاصة ، لقد اجرى عمليات لغسل ادمغة الناس واعد لاعدائه ما استطاع من القوة ، ببعديها العسكرية والمدنية السلمية ، وقد اعقل وتوكل، ونصر الله وصحبه فنصرهم الله على الرغم من قلة عددهم ومحدودية عُددهم.
فالهجرة كانت تعني التحرر من الماضي من العناصر الثقافية الجاهلية واحل مكانها قيمًا وعادات وانماط سلًك جديدة جاءت من صناعة الله وبعض ما هو متفق معها مما لدى القبائل العربية التي سارت في ركب الاسلام واحكام الله عزّ وجل.
واذا اردنا الافادة من مناسبة الهجرة وراس السنة الهجرية الجديدة فلابد ان نكون كلنا دعاة تحرر من كل ما يفرقنا من قيم وعناصر ثقافية متناحرة بالية لما لها تاثير في النهوض بحياتنا المتجددة القائمة على العلم والمعرفة والتقانة والاخلاق، والايمان العميق بالله . وما اكثر ما يجب ان نتخلى عنه من قيم وسلوك، فما لنا والعصبية ، والثار والحسد والاعتداء والسرقة بالوانها ، وماذا سوف يضيف لنا عبادة الاشخاص بدلا من عبادة رب الاشخاص، وماذا يفيد التحيز والغاء العدل فيما بيننا ، ولماذا القسوة والعنتريات على حساب التعاون والرحمة والتسامح؟؟ لما الطبقية الاقتصادية ، لما توقيف الزكاة، لما غض النظر عن الفاسدين ؟ لما حجب الافكار وقتل الحريات ! لما لا يجري تنمية قيم العدالة والحرية ، والتشاركية بين ابناء المجتمع الواحد؟ لما لا نتبنى مناهج وتربية نافعة ، تعمل على تقويتنا ، وتقوية بلادنا ، لماذا لا نسهم في تكوين مواطن كفء قوي متسلح بالمعرفة وبالمنطق بدلا من التسلح بالعشيرة والسلاح والفوضى، لماذا نصر ونحن في عصر المعرفة ان نعلم ابناءنا سبل الجهل والخضوع والتبعية !! لما نغرس في ابنائنا بيتك اولا ، ونحن نعلم انه لا يستطيع ان يعيش بسلام بعيدًا عن اهله وجيرانه ومجتمعه الصغير والكبير !! لقد آن الاوان لمراجعة العلوم والمعارف والثقافة، والتاريخ ومصادره ، لانارة عقول الناشئة بالحقائق والمعارف الحديثة وانجازات العلم ، فلعل يا ان يكون هجر مثل هذه المثالب ما يسهم في اعادة تكوين ثقافة متوازنة وسطية تؤمن بالعدل والحق والحرية.
كل عام وأنتم بألف خير وسعادة وسرور ووطننا الحبيب بألف خير ورفعه وتقدم وازدهار...