قبل سبع سنوات على ما أذكر بينما كنت جالسة قرب النافذة أحتسي قهوتي المرة وأقرأ كتاباً عنوانه ( لماذا من حولك أغبياء )، أيقظني صوت حاد وجعلني أدرك مغزى المؤلف حتى قبل أن أنهي قراءته، وهذا ما لا يحصل عادةً، كيف لكتاب أن يلقنك درساً حتى قبل أن تكمل قرأته؟! كنت مذهولة بحق، وانا في قمة تركيزي وإذ بالصوت يعود مجدداً وبوقعٍ أقوى من ذي قبل (مفكره كل الناس غبيه وانت الذكية؟!)
كيف؟! ماذا؟! انا؟! من؟! لماذا؟
يا للهول! ما هذا ؟! كم تمنيت حينها أن أكون في حلمٍ.. وأستيقظ منه .. أو التفت لأجد غريب من قام بإصدار هذا الصوت.!
أيعقل أن أتهم أنا بدلاً من الكاتب.! أهو المسؤول أم أنا؟! حتى تجذب القراء أوبخ أنا بهذه الطريقة؟! أم لأنني اخترت كتابك تريد تأنيب ضميري، كنت قد أدركت مرادك يا هذا من العنوان، وما ذنبي إن لم يفهمه الجميع..
كان ردي بأن أكملت قراءتي دون أن أتفوه بأي حرف، حتى من أغلفة الكتب ندرك أننا مختلفون بأبسط الأشياء، فمنا من يحكم عليك من غلاف كتاب؛ حتى وإن لم أكن مؤلفه، ومنا من يقرأ ويتمعن حتى يدرك ما يريد فهمه.
و يكمل الكتاب ويقول من المثير أن أقرب الناس إليك لديهم في الكثير من الأحيان آراء مختلفة عنك وهو ما يصيبك بالإرتباك .. لماذا تسير الأمور بهذا الشكل؟ لو كانوا يفكرون مثلنا لكانت الحياة أفضل.
ومن البديهي أن يختلف الناس عنك حتى هذا الشخص الغريب تربى تربية مختلفة، وتعليم مختلف، وقد مر بتجارب مختلفه، صنعت شخصيته وتعرض لظروف مختلفه مع أناس مختلفين.
ومن الغريب جداً حتى مع التوائم الملتصقة تبين أن لكل منهم شخصيه مستقله عن الآخر رغم أنهم حرفياً يعيشون معاً في كل لحظه، يأكلون ويشربون معاً، ينامون ويستيقظون معاً، يقضون كل حياتهم معاً ولم يفترقوا ابداً وبالرغم من ذلك يختلفون.!
أدركت حينها أنه الإختلاف، حياتنا هكذا لن يفهموك لأنهم لا يشبهوك، وكلٌ منا يرى جزء من الصوره، الجزء الخاص به، ولو نظرنا للصورة بشكل كامل لتفهمنا تصرف كل شخص وإختلافه لنفس الموقف، فمثلاً جارك يعزف على آلته الموسيقية المفضلة بصوت مرتفع فلن يفهم عندما تقول له: أنت شخص مزعج وأناني، لأنه ببساطه يرى أنه يفعل شيء جميل يشعره بالسعادة ويعتبر الجميع مثله، ليست كما لو أنك قلت له أنت شخص مبدع- كما يرى نفسه- ويوجد رجل مسن ومريض يحتاج النوم، سيتفهم وتلقى قبول لديه، وهذا لا يعني أنه على صواب أم لا، لكن عليك أن تفهم انه صواب بالنسبه له وعلينا أن لا نحكم على معنى تصرفاتهم بالنسبه لنا بل بالنسبه لهم، والمخطيء على الأغلب لا يرى انه مخطىء ودائماً يجد المبررات الكافيه لنفسه وأن كل شيء على مايرام.
من هنا ندرك أننا لسنا على صواب دائماً وهذه حقيقة، والآخرين ليسوا أشراراً ونياتهم ليست سيئة بالضروره، نحن غالباً نحكم على الناس من تصرفاتهم وعلى أنفسنا من نوايانا، ضع نفسك مكانهم، هذا ما سيجعلك قادر على تفهمهم ومسامحتهم.
وحتى نعرف ما بداخلهم وجدت حكمة سماوية عظيمة في أن يكون لنا أُذنان وفم واحد؛ وهي أن نستمع أكثر مما نتكلم، وفي الحقيقه لا يتمتع الجميع بمهارة الإستماع الفعال، عليك أن تبذل جهداً وصبراً واهتماماً حتى تصل لهذه المرحله.
ليس عليك أن تقبل الإساءة، لا تكن ساذج، لكن وجب عليك أن تعرف ما تقبله وما ترفضه في علاقاتك، وتضع الخطوط الحمراء وتمنع تجاوزها حتى تستمر أي علاقة.
وتذكر دائما أن لا تكره الأشخاص بل صفاتهم وستجد أن علاقاتك وحياتك أصبحت أكثر سهولة مما مضى.