شئنا أم أبينا قد تفرض علينا الحياة شروطها ونعيش ظروفاً ليس لنا يد بها ، أو ربما الحياة قرارات واختيارات ..
حياتنا لا يمكن أن تسير بوتيرة واحدة ، ودوام الحال من المحال ، وكما هي فصول الحياة ، هناك فصولآ تزهو بها القلوب ، ولكل فصل جماله ومكانه ووقته حتى الشتاء وهو أقسى الفصول بما يحمله من رعد وبرق وثلوج وعواصف وأتربة وسيول وأمطار وضباب ، لكنه يبقى لنا الرجاء والأمل أن يأتي ليدفء القلوب ويغسل الشجر والحجر ويروي الأرض، وحتى غيومه المبلدة والموشحة باللون الأسود تحمل لنا الخير والنعم. فسلاماً لقلوب تغمرنا بالدفء وسط شتاء الأحاسيس. هكذا حياة الانسان من لحظة ولادته حتى مغادرته الحياة ، محطات وأوقات وأشهر وسنين تمر بحياته ، بعضها الحلو وبعضها المر، وكلاهما من سنن الحياة.
ومن ضمن المحطات المفصلية والهامة التي تمر علينا هو البقاء لوحدنا في منازلنا بعد انهماك أولادنا في أعمالهم وأسرهم، أوسفرهم خارج أوطانهم لطلب الرزق والحياة الكريمة بعد أن ضاقت بهم الأوطان ولكل بيت قصة وحكاية وفي كل ليلة أسرارها وآلامها وآهاتها، إن كانت الوحدة قرارك أم فرضت عليك. فالنتيجة واحدة وهي الوحدة ، وإنما الفارق بينهما كيفة التعايش مع هذه المرحلة التي قد يراها البعض بأنها الأبشع فقراً ، والبعض يراها كقرار السعادة مصدرها أنا وأنت.
فامتحانات الحياة على عكس الامتحانات الأكاديمية لا تقيس الكفاءة الفكرية بقدر ما تقيس الكفاءة العاطفية أوالذكاء العاطفي المبني على أسس جوهرية من قوة الشخصية والبصيرة النافذة، وفي وقتنا الحالي تجتاحنا أسوأ أنواع الوحدة حتى وإن كنا بين أهلنا واسرنا ، فكل منا أصبح في عالمه الخاص والعلاقات الرقمية والصداقات الالكترونية.
لا نريد المساومة ولا نريد إلقاء اللوم ولا نريد تعليق الماضي على شماعة الحاضر لقتله، لا بل علينا التعايش مع واقعنا بكل أيجابية ، الوحدة في الأساس هي اكتشاف ذواتنا وقبولها ، فإما أن تحول بيتك إلى مقبرة وتعيش حياة على ذمة الموت، وتطفىء جميع الأنوار ولم تبق ولو ضوء شمعة ، أو ان يكون بيتك مصدرأ وشعاعاً للفرح والسعادة والصداقة والفكروالثفافة .
وتذكر بأن الأشياء الثمينة والعظيمة دائمأ تكون لوحدها.
فالبقاء مع الذات هو فرصة للتصالح معها ، والوحدة أفضل من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك.
الوقت الذي تشعر به بأنك وحيداً، هو ذلك الوقت الذي تحتاجه لتكون مع نفسك، هذه أقسى مفارقات الحياة. أكثر شيء في حياة الشخص يُشعره بالعزلة هي عندما يشاهد انهيار العالم أجمع، ويقف مكتوف الأيدي بلا حراك. للأسف نعيش حالة من الخداع والكذب والنفاق والفوضى وغياب القيم لا مثيل له ،فالإنسان لا بد أن يتعود على الوحدة حتى لا ينسى حقيقته الأولى التي ولد بها ولا بد أن يرحل معها.
أجعل من العزلة الزاوية التي تقف بها أمام عقلك ، واستخرج طاقاتك الكامنه في أعماقك وامنح لروحك ولنفسك مساحة أكبر للتأمل والحركة والحرية ولسماع أفكارك، فالوحدة ليست عبادة فقط فهي اسلوب حياة لأطلاق العنان للفكر، فهي في هذا الزمن فضيلة.
يبدو أن الوحدة تليق بهذا العنفوان الذي لا أحد يحسه غيري.