يعتبر الاعلام في مختلف دول العالم جزءا رئيسا من الحياة اليومية والحلقة الاقوى والاسرع وصولا للمجتمعات بهدف نقل الاخبار والمعلومات , وزدات اهمية الاعلام يوما بعد يوم وصولا الى العصر الرقمي الذي توج فيه الاعلام الوسيلة الاكثر انتشارا ومتابعة بين كافة شرائح المجتمع ومن مختلف الفئات العمرية .
منذ ان خلق الله الانسان وسمة التفاعل والتواصل الوجاهي موجودة بين البشربالفطرة للتعبير عن افكارهم ومشاعرهم , وهي الوسيلة الوحيدة للتواصل والاتصال في تلك الازمنة, وقبل التاريخ الميلادي استخدم الانسان اساليب بسيطة وبدائية للاتصال و التواصل ونقل المعلومات , وكان ابرزها اشعال النار والدخان للدلالة على امور كثيرة متعارف عليها فيما بينهم , ومن ثم استخدم الانسان جلود الحيوانات لكتابة الرسائل وتدوين المعلومات , وحتى بداية التاريخ الميلادي تم اكتشاف الورق واستخدامه لكتابة الرسائل وتدوين المعلومات , وكانت تنقل من خلال الحمام الزاجل والخيالة على الخيل , وكذلك كان للشعراء والباعة الجوالة دور كبير وهام في نقل الاخبار والمعلومات بين المناطق .
في القرن الرابع عشر بدأت طباعة الصحف بشكل دوري وفردي وبكميات قليلة توزع في نطاق محدود , وفي القرن الخامس عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر تم انشاء نظام البريد المحمول حيث تم استخدامه لاغراض عديدة ساهم في زيادة التواصل والاتصال بين شعوب العالم , الى ان جاء القرن التاسع عشر حيث شهد العالم اجمع تطورا كبيرا ونقلة نوعية في ادوات الاتصال والتواصل وتم اختراع التلغراف الالكتروني والهاتف الثابت والراديو والتلفاز والصحف الورقية وصولا الى العصر الرقمي في القرن العشرين حيث تم صناعة الاجهزة الحديثة والهواتف الذكية والكاميرات وغيرها من الادوات التي ساهمت بشكل كبير في حصول ثورة معلوماتية هائلة اجتاحت العالم من خلال الشبكة العنكبوتية " الانترنت " واصبح العالم اشبه ما يكون بقرية صغيرة .
الاعلام الجديد احتل المرتبة الاولى محليا واقليميا وعالميا , متابعة وانتشارا و تاثيرا , حمل اكثر من مسمى , فمنهم من يطلق عليه اسم الاعلام الالكتروني او الرقمي او المجتمعي او الجماهيري , واهم ادواته مواقع التواصل الاجتماعي كـ الفيسبوك وتويتر والانستغرام واليوتيوب والتكتك وغيرها من المواقع الاجتماعية وهو متاح لكافة شرائح المجتمع من مختلف الفئات العمرية , ومن اهم سماته التي تميزه بشكل كبير عن الاعلام التقليدي , التفاعلية والقدرة على صناعة المحتوى الاعلامي ومعالجته وتنسيقه وتخزينه والرجوع اليه في اي مكان وزمان واجراء التعديلات والتحديثات بدون قيود او شروط حدود .
الاعلام الجديد تميز كذلك بسهولة الحصول على المعلومة والاستخدام وتبادل الافكار والمعلومات والاخبار والتواصل والتفاعل بشكل مباشر وغير مباشر واجراء المكالمات والمحادثات وارسال الرسائل والصور والفيديوهات , وبناء علاقات وصداقات مختلفة من مختلف دول العالم والتعرف على ثقافات الدول ومعالمها الطبيعية والسياحية , والاهم من ذلك عدم وجود جهة مسيطرة ومتحكمة تسن التعليمات والتشريعات وتحد من حرية التعبير وحقوق الانسان .
الاعلام الجديد رغم الكثير من الايجابيات التي يمتاز بها , الا ان له اثارا سلبية كثيرة على المجتمعات, حيث ان التدفق الهائل للمعلومات والاخبار , يكون جزء كبير منه في كثير من الاحيان غير صحيح ودقيق ومن مصادر غير موثوقة ويحمل الكثير من التظليل الاعلامي , بالاضافة الى انه مؤثر جدا وله جاذبية كبيرة وتحديدا عن الشباب والاطفال , حيث ان غالبية المواد الاعلامية المنتجة تستهدف الاطفال والشباب وتسيطر على عقولهم وسلوكياتهم وتدفعهم للادمان الالكتروني.
الاعلام الجديد نتج عنه الكثير من الظواهر السلبية التي اثرت على المجتمعات المحلية واهمها الاشاعة التي استحوذت بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي وعملت على اثارة البلبلة واحداث الفتن بين الناس وبين دول وأخرى , وساهم كذلك الاعلام الجديد في زيادة الجريمة المنظمة , والابتعاد عن الدين والعادات والتقاليد ونشر السلوكيات الخاطئة وخطاب الكراهية وانتشار افة المخدرات والتدخين , والطائفية، والتناحر، والتنمر , والعنف الاسري والمجتمعي , والعنف اللفظي والجسدي , والانحرافات في الأقوال والأفعال , والانقسامات السياسية والاقتصادية والثقافية بين المجتمعات وكذلك بين الدول .
نحن اليوم في الاردن وباقي دول العالم بامس الحاجة الى تكاتف كافة المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني التطوعية والخدماتية يدا بيد لنشر ثقافة التربية الاعلامية والمعلوماتية لدى كافة شرائح المجتمع والتاكيد على اهمية وضع خطط وبرامج ممنهجة ومدروسة للتربية الاعلامية بما يراعي القيم الدينية والثوابت الوطنية والاخلاقية , وكذلك العمل الجاد والدؤوب على تعزيز القيم الايجابية والمواطنة الصالحة وحقوق الانسان .