بقلم : الدكتور المستشار محمد سلمان المعايعة /أكاديمي وباحث في الشؤون السياسية.
حظيت ثقافة المقاومة بالكثير من الدراسات والكتابات من قبل الباحثين والأكاديمين ممن لديهم الحس الوطني والقومي لمقاومة الظلم والاستبداد والطغيان السياسي بأعتبار ان ثقافة المقاومة تعبر عن حاجة إنسانية وأداة من الأدوات الفاعلة لغرس فكر جديد لثقافة المقاومة التي توقظ الحس الوطني والإنساني، وتنبذ الخنوع والعجز والإحباط، وتسودها ثقافة العقل لتحرير الذات من القهر والظلم والأستبداد والهيمنة، وكذلك نالت حظا وافرا من الباحثين والمثقفين الذين يملكون الرؤية والقدرة على تشخيص حال الأمة العربية والإسلامية وممن لديهم الهمة العالية التي تتوقد وتتوهج بالدعوة لتجذير ثقافة المقاومة في نفوس الأفراد التي هي أحد المتطلبات الرئيسية لنجاح المقاومة في أرض الواقع ، وتتطلب الوقوف معها والسعى إلى نشر ثقافتها وتعبئة المواطنين والأجيال لاحتضانها ودعمها لانتزاع شرعيتها وحماية انتصاراتها...وعليه فقد أبحر هؤلاء الباحثين والأكاديمين المختصين في الشأن السياسي والتاريخ وعلم النفس وعلماء الاجتماع والدراسات الأمنية في جميع التحليلات والمراحل التي شهدها العالم من تحولات نتيجة لهذه المستجدات والمتغيرات لثقافة المقاومة ، فكان الباحثين وأهل الفكر والحكمة حاضرين يصيغون النظريات ويفسرون ويشرحون التحولات ويضعون التجارب التاريخية لأخذ الدروس والعبر...فالمدرسة الفكرية لهؤلاء الباحثين واحدة، والتغذية العقائدية لهم واحدة، والترجيع السياسي الناتج عن العقيدة لم يتغير عبر التاريخ، فالمنبع الذي يرتون منه أفكارهم، ويستلهمون منه سياستهم ما زال على حاله نتيجة وجود الباعث الذي يحرك أفكارهم يتمثل ذلك بوجود الإحتلال الصهيوني أو لطبيعة الاضطهاد الذي يمارس على بعض الشعوب نتيجه الدين أو العرق والعنصرية لطردهم من أراضيهم ومصادرة حقوقهم المشروعة..
فهناك رسائل تربوية وثقافية من هذه الكتابات والبحوث تدعو لتعزيز ثقافة المقاومة بجميع صورها تهدف إلى أن تضع أمام شبابنا الصاعد نماذج من المعارك البطولية لنشر ثقافة المقاومة التي لا بد من زرعها في نفوس أبنائنا بهدف التركيز على صناعة الوعي الذي هو مفتاح التغير وشرارة النهضة السياسية...وفي سياق الحديث عن ثقافة المقاومة لا بد من التطرق الى مفهوم بناء الحضارة والذي انطلق منه الباحثين والأكاديمين إلى محاولات تعريف ثقافة المقاومة وتفسيرها وفهم أسبابها وعوامل نجاحها ... ترتبط المقاومة و قدرتها على التغيير بدرجة احتضان المجتمع لها، وقدرته على استيعاب أهدافها كعامل أساسي في بقائها، فهي الوسيلة الفضلى لإخراج الناس من عزلتهم الى فضاء التفاعل الإنساني ، و بتنوع قدرات البشر و دوافعهم الذاتية حيث تتفاوت ثقافة المقاومة في وظائفها و أهدافها والفكر السياسي الذي تنطلق منه،
فإن ثقافة المقاومة تعني إقامة حرك ثقافي وسياسي يدعو لمقاومة الإحتلال فهي تهدف للحرية والاستقلال وتندرج في الفقه والشرعية الدولية في سياق حق الشعوب بتقرير مصيرها والدفاع عن نفسها، وهي حق مشروع، يستند إلى مبدأ حق تقرير المصير للشعوب، المكرس في ميثاق الأمم المتحدة ، والقرارات الأممية، ومبادئ القانون الدولي وضمنته اتفاقية جنيف ومعاهدة لاهاي للإقليم المحتل الحق بمقاومة الاحتلال العسكري الغير مشروع، وبالتالي يتطلب تفعيل المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بما يتناسب والوضع الإقليمي والدولي وبما عليه وضع الشعب الفلسطيني..
فقد شهد مفهوم ثقافة المقاومة في الفكر السياسي في فترات لاحقه تباين في وجهات النظر نظرا لتعدد المدراس الفكريه والاتجاهات السياسية لدى بعض القاده، اختلافاً وتمايزاً في التفسير والتحليل لمفهوم المقاومة وفقاً لاختلاف وتمايز آراء الباحثين والمهتمين عبر الزمان والمكان، فلكلِ زمانٍ خصوصيته ولكل مكانٍ حدوده وميزاته، وعليه فقد تمايزت الأفكار والنظريات التي تناولت مفهوم ثقافة المقاومة حسب طبيعة البيئات والظروف التي يتأثر بها أصحاب الفكر السياسي، ولعلَّ سبب هذا الاختلاف والتعدد يعود إلى عاملين أساسيين: أولهما، تعدد الاتجاهات الفكرية، وثانيهما، اختلاف الفترات الزمنية والأحداث الدولية التي شهدت هذه الصراعات والأزمات، خاصة وأن عصرنا الحالي يُعرف بعصر الأزمات والنزاعات، لذلك فقد تأثر الفكر السياسي العربي بالأحداث التي مرت بها المنطقة والإقليم من حروب وصراعات وتغير في موازين القوى وتغير في الاتجاهات والتحالفات والتي أثرت على إستقرار وآمن المنطقة العربية، وولد معها مدارس فكرية ذات بعد قومي يدعو إلى مواجهة الإحتلال أينما كان وجودة في الأراضي العربية..
وشكلت الثقافة العربية فيما بعد بمحاورها المتعددة مرآة حقيقية لحاجات المجتمع و قضاياه في كل زمان ومكان ، وهي ثقافة متجدده خلاقه تنتقل من جيل الى آخر وتوسع رقعتها و تنضج ببطئ عبر مراحل عدة، من التربية النفسية الى السياسية الى التدريب العسكري حتى تكون قادرة على الصمود و التصدي و التجدد والتفاعل مع الواقع، فجاء الفكر السياسي متأثراً بهذة الأحداث والمتغيرات الدولية والإقليمية.
ومن هذا المنطلق لا بدّ من إبراز الاضاءات والمنطلقات الفكرية والمحركات لصناعة ثقافة المقاومة في الفكر السياسي العربي والإسلامي، حيث يعد الفكر السياسي من أهم الجوانب التي تتضمن مجموعة من النظريات التي عن طريقها يتم تعيين سلوك الحكومات، وهو أحد المكونات المتعلقة بتنسيق الحياة البشرية وذلك برسم الحدود والقوانين والأنظمة التي تمنع طرف واحد من التعدي على الآخر في طليعة هذا العلم.. ففي الثقافة السياسية العربية، يحتل مفهوم ثقافة المقاومة موقعاً مركزياً، إذ يحاط هذا المفهوم بقدر هائل من هالة التبجيل في الحيز العام من دون إخضاعه لنقاش عقلاني لتعريفه على نحو دقيق وتحديد مقدار انطباقه في السياقات الكثيرة التي يُستدعى فيها لتبرير مواقف سياسية وثقافية وشخصية مختلفة، لذلك علينا أن نجعل من فكرة المقاومة رافعة للحرية والعدالة والتنوير والمواطنة والتنمية والإبداع، والسلم المجتمعي..
في الحقيقة ان أدبيات المقاومة تاريخياً بكل أشكالها تعطي المساحة الأكبر للمقاومة للشعب الذي يتعرض للاحتلال ليقرر مشروع المقاومة العسكرية والسياسية الذي يناسبه بجانب الدعم القادم من خطوط المقاومة الأخرى المرتبطة بقضايا بعض الدول سواء الإقليمية أو العالمية...
والمقاومة في مفهومها العام، هي ردة فعل مجتمعية واعية، ضد واقع مرفوض، أو غير مشروع، أو لمواجهة استبداد، أو استعباد أو ظلم أو تمييز أو احتلال....
تقوم ثقافة المقاومة على مجموعة من الاسس، فهي ثقافة نضالية و ليست عدوانية او ارهابية ، لا تنشر قيم الكراهية في المجتمع ولا تخاصمه او تتهمه بالخيانة، كما انها تفرق بين السلام و الاستسلام ، و تتمسك بالثوابت الوطنية ، لا تفرط بها و لا تساوم عليه. لذلك فأن المقاومة ترتبط بفكر سياسي يتناسب مع اهدافها و مبادئها وقادر على قيادة النضال داخليا ضد الاستبداد و الفساد و خارجيا ضد العدو، وهناك من يتعامل معها، كظاهرة سياسية، مرتبطة بالحكم والسيادة وحق تقرير المصير، كما أن هناك من يتعامل معها، كعملية تغيير اجتماعي وثقافي، وتستلزم تعبئة شعبية لفترة طويلة..فالمقاومة عمل موجه ضد عدو، وهذه المقاومة للعدو لا تعني بأي شكل من الأشكال أن المقاوم يقتل شعبه وأهله، المواطن والمجتمع ليسوا أعداء، ومن لم يعرف طريقه وسلوكه وعدوه ومن لم يفرق بين العدو والصديق لا علاقة له بالمقاومة، ولا يحدد كل هذه المسارات سوى الثقافة...
وفي التجارب التاريخية للمقاومة لنا وقفه التي تدعو إلى تجديد ثقافة المقاومة في الفكر السياسي لدى أفراد الشعب المضطهد والمحروم من حقوقه لتحقيق النهضة والتنمية ومواجهة التحديات لاسترداد حقوقهم حيث أن مفهوم المقاومة يرتبط بالجهد وبذل الطاقة ومرتبط بالسلوك وبالحكمة وبالعمل..
أدت الهزائم المتعددة في الستينات و السبعينيات في المنطقة العربية الى تشكيل تيارين متضادين احدهما ينادي بالسلام و ثقافة الحياة بشكلها الانهزامي الاستسلامي وآخر ينادي بالمقاومة المسلحة لمحاربة المحتل الذي يغتصب الأرض ويصادر الحقوق ويمتهن الكرامة الإنسانية.
فقد مرّت ثقافة المقاومة بمجموعة من المحطّات البارزة التي عملت على تطويرها وتحريكها، ومن ثمّ تكريسها كعقيدة وحيدة جديرة بالوقوف أمام مخطّطات الأعداء، والانتصار عليهم. لقد ولدت تلك الثقافة في أواخر السّتّينيّات من القرن العشرين من رحم المقاومة العربية ضد الاستعمار، حيث يعلمنا التاريخ، الكثير من دروس وتجارب المقاومة؛ فالمقاومة العربية لحركة التتريك العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين، وثورات الشعوب العربية من أجل التحرر والاستقلال. وتحريض جمال الدين الأفغاني لمعاصريه من المسلمين، ضد الإمبريالية الأوروبية، لأن دفاع الناس عن أوطانهم يمثل روح المقامة التي ستبقى أكبر قيمة، لأنها تعني الدفاع عن الحياة والأوطان التي تعادل الأرواح ..
وفي تجربة استقلال الجزائر، كانت فكرة مقاومة المحتل الفرنسي، هي الأكثر مشروعية وفاعلية حيث سطر الشعب الجزائري في عبقريته وتضحياته الفريدة في ثورته التحررية بقدرتها على التعبير عن طموحاته و تناقضاته و اشكالاته الاجتماعية و الثقافية و السياسية والاقتصادية وقيمه الوطنية والعربية و الاسلامية و تقاليده النضالية، ثم أن هناك المقاومة المسلحة الفلسطينية للشعب الفلسطيني، التي ما لبثت أن تعمّقت في الوجدان الجماهيري مع تفجّر الانتفاضتين الفلسطينيّتين الأولى والثّانية
وهكذا فلم تكن صدفة أن تشيع ثقافة المقاومة في العصر الحديث بكلّ ما فيها من تجلّيات، على يديّ شعبين حضاريّين شقيقين هما الشعب اللبناني والشعب الفلسطيني.
تعتمد ثقافة المقاومة في تشكلها على العقل قبل اليد ، و الروح قبل الرصاصة، فالمقاومة، مفهوم إنساني، وحق مشروع، معروف في القوانين الدولية، والأعراف الإنسانية، وله ضوابطه وروابطه وآدابه وثقافته وأخلاقه.
فالطريق للحقوق والحرية والاستقلال، ما زال بعيداً، مديداً ومريراً، وهو بحاجة لأدوات كفاحية تعتمد على ثقافة المقاومة والصبر الاستراتيجي والمثابرة والنفس الطويل..
وباعتبار أن الفكر السياسي وليد البيئات المحيطة بالأحداث والظروف القاسية التي يتولد عنها فكر لصناعة الوعي لتحريك المقاومة ضد الاحتلال والأضطهاد والقهر، لذلك فقد تنوعت صور المقاومة سواء بعنف أو بدون عنف، وأصبح لكل مقاومة خصوصياتها الوطنية والتاريخية، والتي تنبع من واقع مجتمعها، والسياقات الاجتماعية والسياسية التي تحيط بها، وطبيعة نشاطها وعملياتها، والنتائج المترتبة عليها ؛ حيث أن الثقافة بمحاورها جميعا تشكل الحامل الفكري و الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي والإعلامي والتقني الذي يميز كل مجتمع عن غيره وحسب درجة تعايشه مع ظروف الحياة...
المقاومة ليست هدفا في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق أهداف المجتمعات وتطلعاتها إلى الاستقلال والتقدم والإصلاح، ذلك أن مقاومة الاحتلال لا تكون ولا تنجح إلا في حالة ثقافية عامة قائمة على الحرية والاستقلال...
فثقافة المقاومة في الفكر السياسي العربي هي المحرك الفاعل والأساسي لمواجهة الإحتلال الصهيوني
ولابد من الإشارة إلى أن المقاومة التي تستمر وفقاً لمبادئ أساسية ثابتة وقوية يتم ترسيخها في عقول الأجيال لا يمكن أن تنهزم أبداً مهما بدت ضعيفة وتتلقى الكثير من الهزائم، لأن طبيعة المقاومة أكثر رسوخاً في العقول والأرواح من القوة المفرطة التي تستخدم من قبل المحتلين وفي القضية الفلسطينية تتجدد منهجيات المقاومة وطرقها لتحقق منعطفات تاريخية إيجابية في المقاومة.
ومن أسباب ظهور هذا المفهوم لثقافة المقاومة، كانت هناك قبل هذا التاريخ إشارات متناثرة عنه ومتخصصة ومعزولة عموماً، لهذا المعنى السياسي لمصطلح ثقافة المقاومة والذي يعود الى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وبعد الحرب العالمية الثانية وبدء تفكك الهيمنة الإستعمارية الغربية في العالم وبروز حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا والتي لعبت دوراً مهماً في عملية التفكيك هذه، حيث برز مصطلح ثقافة المقاومة في وصف الجهود الشعبية التي قامت عليها حركات التحرر لنيل الاستقلال وتقرير المصير، والمصطلح ترجم معناه وفحواه في الفكر السياسي العربي على أرض الواقع تمثل ذلك في عمليات الكفاح في مقاومة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ومقاومة الاستعمار الإيطالي في ليبيا، ومقاومة الاستعمار البريطاني في مصر.. فليست ثقافة المقاومة حالة تستدعيها المجتمعات والشعوب في ظل الاحتلال فقط، إنما هي حالة اجتماعية ثقافية، تتعامل مع جميع شؤون الحياة والمواقف؛ وهي مورد اجتماعي بالغ الثراء تحافظ به المجتمعات على حريتها وحقوقها العامة، وتحمي بها العدالة والإصلاح، وتقاوم الفساد والاستبداد، فبكل تأكيد لا سبيل للخروج من هذا الواقع إلا بالمقاومة وإشاعة روح وثقافة المقاومة وبناء حواضن لها لكي تستمر وتعيش في إذهان الشباب المتحمسين لمقاومة الظلم والاستبداد والطغيان السياسي و التهميش..
في العالم العربي، ارتبط مفهوم المقاومة بالنضال الفلسطيني ضد إسرائيل الذي اتخذ طابعا تنظيميا مسلحاً ورسمياً بعد إعلان تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في 1964، وتشكيل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في بداية العام التالي، 1965، التي قررت اتخاذ الكفاح المسلح سبيلاً لتحرير فلسطين، ليترسخ عبره مفهوم المقاومة في الخطاب السياسي والثقافي العربي.
مفهوم المقاومة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الدولة الحديثة، أو الدولة الوطنية، لأن المقاومة تعني الدفاع عن الأرض، فهي تنشأ نتيجة حصول احتلال لأرضها حصراً، ولا تنشأ لأسباب دينية أو اثنية أو عرقية أو قبلية، كون الانتماء والهوية في العصر الحديث مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالأرض، فكلّ خسارة للأرض تعني خسارة هوية أصحاب الأرض، لذلك لو استطاعت إسرائيل أن تستولي على كل أرض فلسطين، كما تحاول أن تفعل، سيستتبع ذلك حتمية إلغاء الهوية الفلسطينية، لأن الهوية في الدولة الحديثة لا تقوم على النسب أو علاقات الدم أو الاثنية، بل على امتلاك الأرض، وبالتالي يُجبَر الفلسطيني على تبنّي هوية الدولة التي يقيم في أرضها بشكل دائم.
وهناك من الأسباب أيضا الظروف والبيئات التي ساعدت على نشوء أفكار المقاومة نتيجة لسوء الظروف على الساحة العربية التي بحاجة لكثير من الأفكار التي تدعم الصمود و الكفاح في وجه المحتل فكانت الطريقة التي احتلت بها إسرائيل أرض فلسطين جاءت بعد حدثين دوليين هما سقوط الدولة العثمانية وتقسيم العالم العربي في المعاهدة الشهيرة (سايكس بيكوا) واستمرار فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي سهل بشكل كبير قيام دولة إسرائيل، هذه الأحداث ساهمت في تشكيل منهجية لمشروع المقاومة فلقد كان الترتيب العالمي لقيام دولة إسرائيل يقوم على فرض هذه الدولة وزراعتها في فلسطين كدولة كاملة بكل تجهيزاتها السياسية والعسكرية وفرضها بسرعة هائلة على الواقع الجغرافي.نفس الأمر في فلسطين حيث ارتبط اسم المقاومة بداية بالعمل الفدائي أو الجهادي لتحرير فلسطين، وكل الأحزاب الفلسطينية حملت أسماء تدل على الربط ما بين المقاومة وتحرير فلسطين..
تعزيز و ترسيخ ثقافة المقاومة جاء كضرورة ملحة في ظل الاستهداف الاستراتيجي الدولي ذو الطابع العدواني ، المترافق مع رزوخ تحت انظمة حكم عاجزة .
تعزيز ثقافة المقاومة يأتي من الكلمة الى الرصاصة مرورا باشكال الممانعة المتعددة في الاقتصاد والثقافة و المجتمع و الفكر وانتزاع الحكم الرشيد.
ولما مثلت انتفاضة الأقصى حالة نوعية في الحياة العربية، فقد أكد جميع الكتاب والمثقفين على أهمية تعزيز ثقافة المقاومة لإثبات ماهية الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية لأهميتها في الثقافة العربية في توليد قادة فاعلين يحملون فكر محرك لأستنهاص همم الشباب، ولكونها غدت طقساً يتجدّد مادام الاحتلال قائماً للأرض والحياة والوجود.
واعتمادها على منهجيات وقوى سياسية ليس لها علاقة بالأرض الفلسطينية بالإضافة إلى اعتماد ايديولوجيات فكرية وجعلها قاعدة تاريخية للمقاومة بعد فشل المشروع القومي العربي الذي كانت قاعدة المقاومة الفلسطينية تتشكل منه..فالانجاز الفلسطيني الحقيقي يتمثل دائما في عنصر المفاجأة وفي القدرة على الاستمرار وفي الردع النفسي الذي وفره ذلك. فتجلت المقاومة الشعبية الفلسطينية في أروع صورها عندما هبت الجماهير الفلسطينية، وفي مقدمتها أبناء مدينة القدس، لمواجهة قرارات سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المسجد الأقصى المبارك وللمطالبة بإزالة البوابات الإلكترونية والممرات الحديدية والجسور والكاميرات الذكية، وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية التي أعقبت كل عملية إغلاق؛ إذ يسارع المواطنون إلى تنظيم المسيرات والاعتصامات والمرابطة وإقامة الصلوات على عتبات المسجد الأقصى تعبيرا عن رفضهم لسياسة وإجراءات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي التعسفيه، محركها في ذلك ثقافتها المستمدة من عقيدتها الأيمانية والسياسية. وجاءت معركة سيف القدس ترجمة لمواقف الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وتوجهاته والتي تعبر عن قيامة أمة ، ومن هذا الواقع المؤلم على الأمة العربية الذي يفرض عليها ان تتحد خلف ايديولوجيا واحدة هي تحرير فلسطين، فلن تنهض الأمة الا بتحرير فلسطين، والمقاومة هي طريق التحرير، ودعمها واجب علينا شعوبا واحزابا وحكومات..
ويهدف هذا النهج إلى محاولة تحريك المجتمع الدولي، بهدف إعادة العمل على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي، والتدخل لتليين المواقف الإسرائيلية المتشددة، وحشد التأييد الدولي لمناصرة القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين جميعًا، في كافة أماكن وجودهم.
وقد حققت المقاومة الفلسطينية، وفي ظل ما يجري من ممارسات إسرائيلية في أساليب الاضطهاد وهدم البيوت ومصادرة الحقوق تحت مسمع العالم ، الكثير من الإنجازات على صعيد مقاومة الاحتلال والتصدي لجدار الفصل العنصري؛ فسطرت هذه المقاومة الكثير من الإبداعات، وفرضت نفسها على عناوين الصحافة العالمية، وعززت الرأي العام العالمي ضد شراسة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخطورته على تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية.
وضرورة إحراج الاحتلال دولياً، والعمل على تشويش وإرباك مخططات التهويد والاستيطان؛ فكل يوم يمر دون فعل كفاحي فلسطيني يُنقص قدرة الفلسطينيين على مواجهة مخططات وإجراءات وجرائم الاحتلال، ويجعل مهمتهم في كبح التوغل الإسرائيلي على الأرض والمقدسات أكثر صعوبة.
ونقول ونحن بصدد الحديث عن ثقافة المقاومة في الفكر السياسي،لا بد من الإشارة إلى المقاومة السلمية التي ابتكرها غاندي عن طريق فلسفة اللاعنف ويعود ظهور هذا المفهوم إلى تجربة غاندي في المقاومة المدنية السلمية في الهند ضد التاج البريطاني، وتجربة المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري
، ولها العديد من المبادئ التي تقوم عليها كأسس اجتماعية وسياسية واقتصادية و دينية في آن واحد. كان غاندي يهدف إلى هزيمة المحتل عن طريق الوعي الشعبي، ومواجهته سلمياً. فقال غاندي: " إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشرية، إنها أقوي من أقوى سلاح دمار صنعته براعة الإنسان""فهي المقاومة الأكثر حضوراً على كافة المستويات وهي مقاومة دائمة وأبدية، وهي ما نقصده من كل هذا الحديث عن ثقافة المقاومة، فالسلم أكثر حضوراً من الحرب ، وفي حالة السلم يجب أن تظل المقاومة تعمل في كل الميادين، وحتى في حالة الحرب والمواجهة تظل المقاومة السلمية السند الحقيقي والرافعة الأصيلة للدولة والأمة والشعب. وهناك قول للجنرال الفيتنامي الشهير (جياب) فقال:"إن على النضال السياسي أن يسيطر في البداية بينما يلعب النضال المسلح دوراً ثانوياً، وبالتدريج يلعب الاثنين دوراً متساوياً في الأهمية إلى أن يسيطر النضال المسلح، وفي النهاية يسيطر النضال السياسي مرة أخرى، ويضيف:"إذا كانت الانتفاضة الشعبية فناً فإن الخاصة الرئيسة لقيادتها هي القدرة على تغيير شكل النضال تبعاً لتغير الأحداث.
ويقول الكاتب إبراهيم غرايبة في هذا المجال بأن..
"والمقاومة وإن ارتبطت أساسا بمواجهة الاحتلال بالقوة والنضال السياسي والمدني فإنها تعنى أيضا حالة المواجهة مع الظلم والهيمنة والسعي للتحرر السياسي والاجتماعي سواء من الاحتلال أو من الاستبداد السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي، والسعي إلى حياة أفضل.. ويفترض في ثقافة المقاومة أن تطالب بالديمقراطية والتنمية، وهي في الوقت نفسه ملزمة بمواجهة الاحتلال والاستلاب، وهنا يجب أن تأخذ ثقافة المقاومة أوضاعا جديدة وتخوض جبهات مختلفة.
ونرى أن تطوير ثقافة المقاومة وتنميتها، تبدأ من خلال الوعي الموضوعي بالتحديات، التي تواجه الإنسان والوطن والأمة، في الوقت الراهن والمستقبل، وبناء رؤية متماسكة، في ضوء مراجعات فكرية لثقافة المقاومة، وإدراك واع للواقع، وضروراته واكراهاته وأدواته، وتعزيز قيم واليات تعزيز ثقافة المقاومة بما يتناسب مع الظروف والتحديات السياسية التي يعيشها الناس سواء تحت الاحتلال أو الاستبداد السياسي الذي يصادر الحقوق والكرامة الإنسانية أينما وجد..
ويرى المفكر حسن حنفي الذي يرد العجز العربي أمام الهجمة الاستعمارية إلى غياب الخيال السياسي عند القادة العرب.
فالمقاومة تعني الدعوة لحركة النهضة والفكر التي تجعل العمل من الإيمان، وتبدأ من الإنسان والمجتمع والأرض والدولة، وتفك الارتباط بين أيديولوجية السلطة وأيديولوجية الطاعة.والمقاومة حركة في التاريخ، تبدأ من رفض العبودية؛ والاختلافات والأيديولوجية التي تختفي أمام النضال اليومي والقضايا التي تشغل المجتمعات، سواء أكانت مقاومة الاحتلال، أم مكافحة الفقر، أم التقدم العلمي والمهني، أم تنمية الموارد...
لقد وجد العرب أنفسهم أمام أزمة سياسية كبرى وخاصة أنه في زمن الاحتلال وقيام دولة إسرائيل كانت القومية العربية في أوجها، ولذلك تعهدت الدول العربية حديثة الاستقلال آنذاك من الاستعمار الغربي بالمقاومة، لذلك تم بناء الأسس والخطوات الأولى لمشروع المقاومة العربية في العواصم العربية التي كانت تدير المقاومة وخاصة في جانبها العسكري بمنهجية سياسية يمكن وصفها بأنها فشلت دون شك والدليل موجود في عدد الحروب ونتائجها التي خاضتها الدول العربية ضد إسرائيل.
هذا الاتجاه والاندفاع الكبير من جانب العرب نحو السلام السياسي تم على حساب المقاومة العسكرية التي وصلت في النهاية إلى مشهد مرتبك في كيفية المقاومة واعتمادها على منهجيات وقوى سياسية ليس لها علاقة بالأرض الفلسطينية بالإضافة إلى اعتماد ايديولوجيات فكرية وجعلها قاعدة تاريخية للمقاومة بعد فشل المشروع القومي العربي الذي كانت قاعدة المقاومة الفلسطينية تتشكل منه.
وفي ظل الجمود الذي تمر به عملية السلام، وتعثر المفاوضات؛ بسبب إصرار قيادة الاحتلال على مواصلة التوسع الاستيطاني؛ كان لزامًا على القيادة الفلسطينية اللجوء إلى خيارات أخرى شعبية ودبلوماسية مقبولة دوليًا لكسر هذا الجمود الذي رافقته سياسة الاحتلال الإسرائيلي القائمة على القتل والاغتيالات؛ للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني الإحلالي...
ومن قرأتنا للواقع العربي والإسلامي الهزيل في مواجهة المخططات الغربية مع الكيان الصهيوني وما يحاك للأمة العربية من مؤامرات لأضعاف مواقفها تجاه القضايا المصيرية ومنها القضية الفلسطينية فإنه يتوجب علينا ضرورة مسايرة روح وواقع الثورات الشعبية العربية وتعزيز فكرها ومرجعياتها الفكرية لتبقى جدار صد ضد هذة المؤامرات التي عليها إجماع من تلك الأطراف في حياكة المؤامرات والمخططات تجاه الأمة العربية فجميعهم يتغذون من نفس المدرسه الفكرية في العداء للأمة الإسلامية باعتبارها صاحبة مفهوم الإسلام السياسي الذي يدعو إلى الإرهاب حسب رأيهم، وهذا مخالف للمنطق والشريعه الإسلامية التي تدعو إلى السلام والمحبة والتعايش السلمي بين الحضارات المختلفة. وهذه الثورات قدمت أروع النماذج في كيفية تغيير الواقع عبر استنهاض البعد الشعبي ، بعيداً عن اللجوء إلى العنف المسلح وأدواته، وقد تجلت عظمة هذه الأساليب في المقاومة الشعبية في المقاطعة الاقتصادية للاحتلال، والتي تعدّ خطوة تدق مساميرها في نعش الاحتلال دون عنف، فالشعب الذي يريد مقاومة عدوه يقاومة مقاومة بكل الأساليب المتاحة ومستمرة وجادة يبدأ أولًا بالمقاطعة الاقتصادية التي تلحق ضررًا باقتصاد الاحتلال الغاصب، أو تحول دون إفادة العدو اقتصاديًا من أموال ومقدرات ضحيته؛ وتشجع المنتج المحلي الذي يعتبر أحد أركان استمرار المقاومة؛ ما يحتم ضرورة نشر الوعي الوطني الذي يرسخ المسؤولية الفردية والجماعية لدى أبنا هذا الشعب المنكوب؛ لتغليب القيم الوطنية على القيم الاستهلاكية، والتي تتوارى معها مبررات شراء المنتج الصهيوني وهذا ما تم تعزيزه كنهج سلوكي وأصبح أحد العقائد والاتجاهات السياسية في الثقافة العربية الفلسطينية.
وخلاصة القول... نقول ما أحوجنا في هذه المرحلة التي تمر بها مجتمعاتنا في تأزم سياسي وتردي اقتصادي واحتقان اجتماعي الى اعادة احياء روح المقاومة وتعزيز ثقافتها ومبادئها ، وما احوجنا أيضاً الى ثورة ثقافية واعيه تدرك حجم المخاطر التي تحيط بالأمة العربية وتفعل فعلها في استنهاض الحالة الجماهيرية على طريق ارساء نهضة عربية جديدة شاملة ومقاومة لكل صنوف الاستبداد السياسي أو الثقافي أو مصادرة الأرض والحقوق، فتحرير الأوطان متطلباته بناء فكر سياسي لمشروع مقاومة يُبنى سياسياً وعسكرياً وثقافياً، وعلينا صناعة ثقافة وازنه للمقاومة تنمي الفكر السياسي العربي والإسلامي وكيف تولد مشاريع للمقاومة تتجاوز كل الأخطاء التاريخية التي ارتكبت خلال السنوات الماضية بحق فلسطين ومقدساتها وأهلها، فالمجتمعات التي تعاني من ويلات الاضطهاد سواء كان في صور الاحتلال أو من الاستبداد السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي بحاجة إلى ثقافة المقاومة الواقعيه ذات القدرات الاستشرافية لخلق مصدات ضد سياسة الغطرسة والتهميش أي كان، ليس بوصفها نمطاً من الفكر الإنساني الثابت وإنما بوصفها أسلوب حياة يجسّد قيم النبل الخلقي الإنساني التي ترفض العنف والعدوان والإكراه، لتصبح ثقافة المقاومة ميزاناً عقلياً للتوازن والتطور ومعرفة الحق والخير والجمال.
وكذلك العمل المنظم بضرورة إبقاء روح المقاومة حية ومتقدة في نفوس العرب وخاصة الفلسطينيين الذين هم في مواجهة دائمة مع الكيان الصهيوني المحتل لاراضيهم..
فالناس الذين قد تأثروا بالمحتل وعانوا من ويلات الحروب وطرق اغتصاب الحقوق المشروعة وختلطت تربيتهم بهذة التجارب القاسيه التي مروا بها، لا يمكن أن يكونُوا تلاميذ لأي جهة تفرض عليهم سلطتها كما تشاء، ذلك هو الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض كل التسويات مع الكيان الصهيوني الذي يسعى دائما إلى إنقاص حقوقهم من خلال عمليات التسويف والمماطلة قبل وبعد المفاوضات التي تجرى لإيجاد الحلول المناسبة لأنهاء الصراع العربي الإسرائيلي..
ترسيخ مفهوم المواطنة، لأن مبدأ المقاومة، مرتبط ارتباطاً عضوياً بمفهوم الدولة - الأمة، فهو دفاع عن الأرض، ومن يحيا على هذه الأرض، بمعزل عن دينه أو عرقه، وهذا ما يميزها عن الحركات الإسلامية التكفيرية التي ولاؤها ليس للأرض، بل للانتماء المذهبي العابر للدول والقوميات والشعوب. ولكي تنجح المقاومة عليها أن ترسّخ في مدارسها وجامعاتها وثقافتها، المبدأ الوطنيّ/ القوميّ، وأن تسعى لدمج مصالحها مع مصالح الفئات الأخرى من شعبها على كافة الصعد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، لأن الكتلوج السياسي النمطي المُتّبع لا يكفي، ولا يحلّ المعضلة، بل يفاقمها حدة..
ولكن ما يقلقنا اليوم بأن ثقافة المقاومة يكمن الخوف عليها في جانب مهم وهي فكرة التنقل بين البدائل الأيديولوجية فكل ما نشهده في مسار ثقافة المقاومة وخاصه ما تمارسه المقاومة الفلسطينية اليوم على الأرض يعد شكلاً من التغيير الايديولوجي حيث تقوم بتجربة وتبني الايدولوجيا الدينية بعد أن فشلت لديها الأيدولوجيا القومية ، فما فشلت في تحقيقه القومية في اعتقادها، يمكن تحقيقه بالأيديولوجيا حسب أراء بعض المنظرين والباحثين...ولكن مهما حدث اختلاف في الآراء والتوجهات السياسية لقادة المنظمات الفلسطينية فأن الشعب الفلسطيني في مقاومتة للاحتلال الإسرائيلي يعد بوابة صلبة، وصخرة تكسرت عليها كل المؤامرات بسبب الوعي الفكري الذي يعتبر أحد سمات الشعب الفلسطيني المناضل.. هذا الشعب الفلسطيني قال عنه الكثير من المنصفين والداعمين له ونحن منهم... قالوا
لا تَخَافوا علىَ شعب يتناول افطاره علىَ صَوت القذائف
لا تَخَافوا علىَ رِجال عزيمتهُم تُزلزل الأرض وتُرعب الأعداء
لا تَخَافوا علىَ أطفال يولدون وفي أيديهم الحجارة،
لا تَخَافوا علىَ نساء يُرضعن أبنائهنّ العِزّة والكرامة...
ففلسطين نُقطة الضوء الوحيدة في ظلام هذا العالم..
وأخيرا نقول بأن ثقافة المقاومة في الفكر السياسي هي جزء من العقيدة السياسية للأمة وهذا نابع من ثقافة الأمة واحتياجات الشعب وطموحاته التي تهدف إلى انتزاع حريته، والحرية لايمكن أن تتنزع إلا بقوة المقاومة الشرسه .. والمقاومة فرضت على العدو الصهيوني تأكل في قدراته العسكريه ولم يستطيع أن يحقق أهدافه السياسية وهذا يعني أن قدرته لم تحقق الردع وفرض الأهداف التي يسعى إليها كما هي في خططه الاستراتيجية العسكرية ويدعي بأنه يمتلك قدرة الردع المناسبة في مقاومة الشعب الفلسطيني وتنظيماته، وبالتالي لم يستطع إنجاز أي تقدم سياسي يذكر لأن المقاومة تملك الإرادة التي تصنع ثقافة المقاومة وتحركها لأستنهاص طاقات الأمة نحو العدو الصهيوني المغتصب بقوة السلاح لحقوق الشعب الفلسطيني في الأرض والمقدسات والتهديد وممارسة العنصرية بجميع أشكالها ورغم ذلك فإن الشعب الفلسطيني صامد ومقاوم شرس نيابه عن الأمة الإسلامية والعربية بالامكانيات المتاحة له، وأعظمها وأقواها هي قوة الإرادة والعزيمة التي تصنع المستحيلات وستحقق النصر بأذن الله تعالى ولم تذبل جهودهم يوماً في مقارعة عدوهم ، ومشاريع الشهداء التي تزف يومياً شاهداً على عظمة هذا الشعب وتاريخه المجيد.
ولأهمية ثقافة المقاومة في الفكر السياسي العربي والإسلامي وتطورها لتحقيق أهدافها ورؤيتها ورسالتها نرى بأنه يحب أن يعي القائمين عليها وخاصة من المثقفين العرب والكتّاب في الشأن الإعلامي والسياسي طبيعة التحديات التي تواجهها الأمة، ويبنوا رؤية إستشرافيه متماسكة و متطورة لفكر المقاومة لتبقى تتصف بالديمومه وتصب بالتالي في فعل المقاومة ويعطيها الأستمرارية طالما هناك محتل يغتصب الأرض والعرض والحقوق الشرعية التي كفلتها جميع الشرائع السماويه والتي أكدتها الشرعية الدولية في مواثيقها وقوانينها ، والأبتعاد عن الطائفية والجهوية والعنصرية التي لا تبني أوطانا متماسكة بل تدمرها ويسهل إختراقها من عدوها، خاصة عندما يكون الجسم ضعيفا يكون جاذباً لكل الأمراض ، فالجسم العربي للأسف اليوم عاجز ومريض وفي غيبوبه سياسية وجاذب للأمراض والأختراقات الخارجية وبحاجة إلى عملية جراحية عاجله تعيد له توازنه لكي يفيق من غيبوبته التي طال انتظارها...وعسى أن تكون قريبه.!!!