يجب ان لا يتم التوقف عن البحث العميق والصارم في إيجاد حلول محلية للقضايا الاستراتيجية وفي مقدمتها قضية توفير مصادر المياه بكميات كافية، ومما لا شك فيه ان الأردن تبنى عدد من الاستراتيجيات والخيارات في مسعاه لتحقيق هذا الهدف، وهذا الامر ينبغي ان يستمر الان بشكل اكبر من أي وقت مضى، وبتركيز علمي على الخيارات المتاحة محليا كافة والاستعانة بآراء الخبراء كافة من اجل إيجاد مصادر محلية للمياه.
الأردن كان يدرك حجم مشكلة المياه منذ عقود وقد حقق تقدما كبيرا في هذا المجال. والان المطلوب ان يرفع هذا الملف كاهم ملف تواجهه الدولة والمجتمع تحت بند المستعجل من اجل الوصول الى حلول كفيلة بأن تدعم مصادر قوة الدولة وأمنها الوطني.
رغم ان الجغرافيا التي جعلت البادية شحيحة المياه تشكل النسبة الأكبر من مساحته الا ان الأردن استطاع ان يعبر المئوية الأولى من عمر الدولة بنجاح وفق معادلات استطاعت ان تتعامل مع كل التحديات التي واجهت امنه الوطني واستقراره، واليوم ونحن نعبر الى المئوية الثانية انما نعبر وقد تقدمت خبراتنا المحلية بما يكفل استنباط المعادلات القادرة على جعل المئوية الثانية مرحلة بناء على الانجاز ومرحلة تقدم تستند على العلم والتجربة.
اما ما يتعلق بالتجارب الأردنية بالتعاون الإقليمي فقد قدمت هذه التجارب برهانا كبيرا على انه من الصعب الاعتماد عليها بارتياح تام، وليس ادل على ذلك من اعتمادنا على الغاز المصري وكيف انه نتيجة ظروف معينه انقطع الغاز الامر الذي جعلنا ندفع ثمنه حتى الان.
وكذلك اتفاقنا مع الشقيقة سوريا في مياه نهر اليرموك والصعوبات التي تواجهنا في الحصول على حصتنا من تلك الاتفاقية.
ما اريد ان أقوله انني لا ارى ان مصلحتنا في الملفات الرئيسية ان تكون بالاتفاق او الاعتماد على أي جهة خارجية حتى لو كانت شقيقه فما بالكم باي دولة أخرى.
على ان ذلك لا يعني ان لا يذهب الأردن في البحث عن مصادر خارجية لكن هذا الخيار يجب ان يكون خيارا (مؤقتا)اما الخيار الاستراتيجي فهو ان ينصرف جهدنا الان قبل الغد نحو البحث عن حلول داخلية مهما كان ثمنها ومهما كان الجهد الذي ينبغي ان يصرف من اجل تحقيق هذا الهدف.
هذا الهدف بحاجة اليوم الى تأسيس مرجعية عليا مهمتها الأساسية وضع البدائل وخيارات الحلول فوق الطاولة وبمدة زمنية محددة على ان تضم خيرة الخبراء في مجال المياه وأصحاب المبادرات ومن ثم البحث عن وسائل التنفيذ والتمويل.