المرحلة القادمة حاسمة ومصيرية بما تحمل من ملفات حساسة ومعقدة كأثر التغير المناخي على وضعنا المائي وعلى أمننا الغذائي، يضاف لها قضية نصف مليون عاطل عن العمل ينتظرون الفرج، مقابل مديونية تنمو وفقر يزداد وأسعار ترتفع ورواتب ثابتة، والأمر بحاجة لحكومة تقدم حلولا واقعية لأن الأمر ببساطة لا يحتمل التأجيل.
صحيا فالوباء الذي لا يغادر العالم يعيق وأحيانا يعطل القطاعات كالسياحة والتجارة والأعمال وغيرها فضلا عن آثاره الصحية مع ذرواته المتكررة، ويحتاج حكومة تستطيع توفير إستراتيجية وطنية للتأقلم والتعايش مع الحال القائم؛ صحيا وخدميا وكذلك إقتصاديا وإجتماعيا.
سياسيا وتنمويا، فمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أصبحت إستحقاقا يضمنه جلالة الملك، وعندما تكتمل بمراحلها القانونية ستدخل حيز التنفيذ، ويعول عليها لنقل البلاد إلى البرلمانات الحزبية وفي مراحل متقدمة إلى حكومات حزبية، تقوم على أحزاب برامجية تقنع الشارع فتصل البرلمان بأغلبية وتشكل الحكومة، مقابل إدارة محلية تحول المحافظات من حالة العوز والإعتمادية إلى محركات تنموية بميزاتها التنافسية؛ تعتمد على ذاتها وتشغل أبناءها، وهنا الأمر يحتاج حكومة على قدر إكمال المهمة.
للأسف فإن بقيت الأمور تقليدية فالحكومة القادمة ستواجه ملف شح وتناقص الإيرادات مقابل نمو النفقات وستنبطح أمامه، وستؤخذ كسابقاتها بتيار تسيير الأمور وحلول الفزعة للقصص اليومية التي يقودها التواصل الإجتماعي، ولن تستطيع تقديم إنجازات تذكر للملفات الحاسمة السابقة.
كل الملفات السابقة والحساسة وطنيا لا يمكن تأجيلها كما ولا يمكن حلها جزئيا، على أن أية حلول تجميلية شعبوية ستؤدي لمزيد من تفاقم تحدياتها، والأمر أقرب ما يكون إلى حاجة ملحة ليبدأ سيد البلاد جلالة الملك وفي دائرة صنع القرار الضيقة جدا بإختيار وتجهيز رئيس الحكومة القادمة، ليختار الأخير فريقه بهدوء تام بلا ضغوطات، والأهم من كل ذلك أن يكون الأمر وفقا لخطة مشروع متكامل من ثلاثة أعوام يتوجب فيها على الحكومة القادمة تعزيز أمننا المائي والغذائي وتوجيهنا للإنتاج والإعتماد على الذات ضمن إطار الإقتصاد التعاوني، إضافة لحل مشكلة نصف مليون عاطل عن العمل، وإدخال مخرجات لجنة التحديث حيز التنفيذ، وكل ذلك ضمن إستراتيجية ذكية للتعايش مع الوباء، مع أهمية المضي قدما بباقي الملفات التنموية والإستراتيجيات الوطنية لمختلف القطاعات بحزم ودون تردد.
الحكومة القادمة رئيسا وفريقا يجب أن يحملوا مشروعا برامجيا معلوما لتنجز مراحله كاملة في فترة ولايتهم، ودائرة صناعة القرار يتوجب عليها بناء النموذج التصوري الدقيق بواقعية لمكوناته؛ فريقا ومشروعا.
المشروع الذي سينجز في ثلاثة أعوام قادمة يتوقع منه وضعنا على المسار الصحيح لدخول المئوية الثانية بقوة، تزامنا مع دخول العالم ألفيته الثالثة وثورته الصناعية الرابعة.