ماذا لو أتلفت أو أحرقت شهادات ميلادنا أو لم توثق أصلاً، ماذا لو سرقت منا ولم نعد نجدها، هل سيتغير الكون ويتبدل حاله، أم المجرات ستغير مسارها، أم الليل والنهار سيختلفان أيهما أسبق، أم الشمس بشروقها وغروبها.
لنفترض أننا كباقي مخلوقات هذا الكون، فهل للأسماك شهادات ميلاد وللأشجار والطيور والحنون والزعتر والياسمين شهادة ميلاد.
أم لشجرة الأرز والزيتون والنخيل.
لم نصر وضع العصي في الدواليب، ونعتقد أن عمرنا الزمني هو المعيار والمسطرة الذي نقيس به سلوكياتنا أم البوصلة الموجهة لتنظم إيقاع حياتنا وتضبطها.
عندما نفرح ونغني ونراقص الصديق والحبيب نستكثر على أنفسنا باعتقادنا أننا تجاوزنا هذه المرحلة، أما الهموم فنحن نسعى لها ونهرول عليها، بل نطوف حولها مرات ومرات حتى تسكن فينا.
وهنا يراودني عدد من الأسئلة، هل للموت علاقة بتأريخ ميلادنا، أم للصحة والمرض، أم للهموم والفرح والنجاح والفشل علاقة بذلك.
من الصعوبة بمكان استخدام مسطرة واحدة للحكم على أعمار الناس من خلال العمر الزمني.
لّم يبد بعضنا أصغر سناً من عمره الزمني، في الوقت الذي نجد البعض وعدد من الناس وكأنه فاق عمره الزمني بسنوات وسنوات وتبددت تقاسيم وجهه لترسم خرائط وخيوطاً وتعرجات لا نعلم بدايتها من نهايتها.
ليس لي علاقة بيوم ميلادي، ولا يعنيني ذاك اليوم الذي رأيت به نور الحياة بدون موافقتي، بل فرض علّي، ولا أدري مشاعر من حولي وقت ميلادي إن كانوا راغبين بهذه الرزقة أم لا.
لست ضد استصدار شهادة ميلاد لي لاستخدامها لأغراض رسمية، لم تعنيني الكثير وليست البوصلة التي ستحرك مجرى حياتي.
إن العمر الزمني وتأريخ ميلادنا هو ثابت وليس بمقدورنا التحكم به أو تغييره، أما مفاتيح عمرنا الفسيولوجي والبيولوجي غالباً من صنع أيدينا، وكل منا يملك الرقم السري الخاص به، فأنت الذي تتحكم أيهما يسبق الآخر، إننا نسعى للعيش بجودة ونوعيه حياة Quality of life)) وليس إلى سنوات من العمر تجري بلا معنى.
وكم من أناس أحياء وهم على ذمة الموت، وكم من أناس غادرونا وهم على ذمة الحياة,
ولعل أنفسنا الجميلة وقلوبنا الدافئة بالحب والعطاء والتسامح والتحلي بالقيم الانسانية والسامية هي أسمى شهادات ميلاد لنا وأرقاها.
ولعل النفاق والكذب والحقد والأنانية والكراهية هي بمثابة إعلان شهادة وفاة لنا.
فلا حياة بلا قيم وأخلاق وحب، ولا شهادة ميلادنا تمنحنا هذه القيم.
وحتى أسامينا على رأي السيدة فيروز" شو تعبوا اهالينا وشو افتكروا فينا، الأسامي كلام ..، وشو خص الكلام ، عينينا هي أسامينا.
استمتعوا بالحياة وراقصوا أنغامها وألعبوا على اوتارها، ولعل نفوسنا الجميلة تتلاقى سواء كنا هنا أو كنا هناك، صغاراً أو كباراً
فالحياة لا تقف عند عمرنا الزمني، وليست شهادة ميلادنا تهبنا الحياة.
فالمثابرة والعطاء والحب والانجاز والتسامح هي حياتنا وشهادة ميلادنا.