كبير بدأ بين الكبار وعاش معهم ، وعلى نهج الكبار خط منهجه في الحياة مطبوع على الصـدق ، والعفوية ، والوضـوح ، وفيما يلي تفصيل عن ذلك : جمال حديثة الخريشا المولود في الموقر شرق العاصمة عمان لأب هو أحد وجهاء قبيلة بني صخر والمملكة على حد سواء ، كانت المدرسة الاولى له بمثل المدرسة التعليمية التي تلقى فيها العلوم الاكاديمية المختلفة .
تلقى تعليمه في مدرسة القرية على يد معلمين قادمين من الخليل ، الاستاذ محمود والاستاذ احمد فيما كان زملاؤه هم أبناء الأخوة والعمومة ، مجحم الخريشـا ومحمد فهاد واحمد رشيد ومتعب وفلاح الخريشا .
وتابع دراسته في كلية الشهيد فيصل الثاني في عمان باعتبارها الحاضنة العسكرية الأولى في حياته حيث بعض المعارف والتعليمات والأنظمة شبه العسكرية بما يهيا لاستقبال حياة عسكرية جديدة ، والتحق بالكلية العسكرية الملكية في ١٩٥٨/١١/31 دورة الضباط الثانية البالغ عددها ۲۰۰ تلميذ بينهم عشرة جزائريين ومن تلاميذ الدورة كل من : - الفريق المتقاعد فاضـل علي فهيد ، والفريق المرحوم محمد سلامة الحويان ، واللواء المرحوم كامل الزهير والمقدم المرحوم محمد فالح الفايز والمقدم رمضـان صلاح وتتلمذ في الكلية العسكرية على يد نخبة من ضباط الجيش والمدربين منهم : العقيد قاسم العايد والمقدم عمر المدني والمقدم فائق ياسين ، والمرحوم اللواء يوسـف كعوش ، ومشهور يعيش ، وهايل الروسان ، ومن العراقيين مقدم محمود عريم .
وتكتمل المسيرة بالتحاقه بعد التخرج برتبة ملازم في اللواء الهاشمي المتواجد منطقة حواره قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة ، وفي كتيبة المشاة السادسة التي يقودها انذاك المرحوم المقدم ارشيد مرشود ، وهو رجل له البصمات الواضحة في بناء القوات المسلحة الاردنية بتاريخه المشهور بالتدريب وتشكيل الوحدات ورفع مستواها التدريبي والاداري فكان الخريشا أحد الضباط الذين يعتزون بخدمتهم في معية المرحوم ارشيد مرشود . . في كتيبة المشاة السادسة له الذكريات مع الضباط.
المميزين من أمثال : مصاخب سالم ، والنقيب علي السطل ، والنقيب عداد مصایح...
وإلى الكتيبة الهاشمية العاشرة كانت محطته التالية ضابطاً للاستخبارات فيها وهي تقيم في كفار عصيون ثم القدس واللطرون وباب الواد الى ان حدثت حرب 1967 التي لدى الخريشا العديد من صور البطولة والشجاعة فيها ما يحتاج الى صفحات كتابية طويلة تدون ذلك القتال والاصرار على ملاقاة العدو وحماية البلاد واهلها والدفاع عن أرض العرب في كل مكان .
ومنها حادثة استشهاد ضابطين مثلا قمة التضحية والفداء في الهاشمية العاشرة وهما النقيب محمد علي سعود والملازم شكري الحدو اللذان اصرا على مقاومة الدروع الاسرائيلية المتقدمة والرماية عليها بمدافع 106 ملم وعلى خطورة هذا الاقدام انهما كانا لا يقبلان الوقوف دون الرماية على القوات المعادية .
ليست الهاشمية العاشرة وحدها بل كانت التاسعة أيضا تقدم شهداءها وتلملم جراح جنودها الذين على اجمل ما كان فمن الشهادة واروع ما تم من القتال والبطولة التي اكملت مع نيران كتيبة المشاة الرابعة سداً نارياً
ولظى على العدا وكبيراً كعادته فقد مثل القوات المسلحة خارج الأردن في كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ، في الأولى تلقى دورة القيادة والأركان المملكة وفي الثانية ملحقا عسكريا بوصفه أول ضابط اردني يتسلم مهامها في عمان وتوسع في انشاء البعثة العسكرية الاردنية وتولى بطلب السلطان من قابوس توسعت مهامها وتمكنت من ادخال تدريب الدروع وانشاء القوة المدرعة العمانية التي تسلحت بدبابة الباتون وتمكن أعضاء البعثة الأردنية من تدريب الاشقاء العمانيين في مدة اربعين يوماً تمكنوا فيها من استيعاب هذا السلاح الجديد .
أما الوحدات التي تسلم قيادتها فهي متميزة بتاريخها العسكري ايضاً وسيرتها فمن كتيبة زيد بن حارثة الى كتيبة شرحبيل بن حسنه ولواء الاميرة عالية ، وقد شهد في كتيبة شرحبيل مرحلة مهمة من تاريخها اثناء توليه قيادتها عندما تحولت الى كتيبة مدرعة سلاحها الأول دبابة السنتوريون وما يتطلبه ذلك التحويل من الجهد والاعداد والتدريب وتغيير المفاهيم..
التي كانت تسير عليها الوحدة وتأهيل القوى البشرية لاستخدام السلاح الجديد .
وتنقل في عدة مواقع اخرى فقد اشرف على تنفيذ برنامج خدمة العلم في العام 1968 الذي تولى تهيئة واعداد الشباب الأردني آنذاك الذي يحمل أفكاراً أيديولوجية مختلفة لكن القوات المسلحة دائماً تستوعب كل ما في الطريق وتتخطى كل العقبات في سبيل بناء الوطن والحفاظ عليه .
ونتيجة طبيعية لهذه الخبرة والدراية الواسعة جاء ليتولى موقعاً متقدماً القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية مساعداً للمفتش العام وهذا الموقع يتطلب فهماً واسعاً لطبيعة كل وحدة وتشكيل من وحدات الجيش لذا كان من خيرة الضباط الذين تولوا هذه المسؤولية .
مطلع عام 1987 أحيل الى التقاعد بعد خدمة قاربت ثلاثة عقود ليدخل الحياة السياسية وبدأها عيناً في مجلس الاعيان ثم نائبا في البرلمان الاردني في مجلس النواب ووزيرا لاكثر من مرة لكن الجيش العربي قد بقي هو الاساس الذي يستند اليه في كل يومياته و اعماله وقدراته باعتبار القوات المسلحة لها ميزات قلما تتوفر عند غيرها من نواحي الانضباطية والوضوح والانجاز والمصداقية والانتماء وتغطيها الكرامة والشهامة وهذا ما كان يلتقي فيه مع المرحوم الامير زيد بن شاكر القائد العام للقوات المسلحة حتى اثناء الوزارة كانا قريبين في التصورات والافكار وكل مناحي ا الحياة السياسية .
في الجانب الآخر من حياته فهو متزوج من كريمة اللواء الركن المتقاعد الدكتور معن ابو نوار وهي من أسرة والدها واشقاؤها من كبار ضباط القوات المسلحة ورزق منها بالابناء عبير دكتورة في القانون الدولي من لندن ومعالي المهندس حديثة والاستاذ الدكتور محمد .
من الكبار هو دائما اينما كان وتجمع قلبه حديث وذكريات الكبيرين المغفور له الملك الحسين وجلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الملك عبد الله الثاني عبر سنوات الخدمة العسكرية والسياسية ولقاءات القائد برموز الوطن ، لمعالي جمال الخريشا كل التحيات والحياة السعيدة في ربوع وطنه وبين أهله وأصدقائه الذين في يذكرهم ويترحم على من انتقل منهم إلى الرفيق الأعلى وهم من الضباط غازي عربيات وصالح الحباشنة ومطيع حماد ونصر ضامن الحمايدة وعلي الشبيلات واللواء موسى ابراهيم العودات واسماعيل ادهيمان الزبن وآخرون لهم كل التقدير والاحترام .