خـلال السنوات الأولـى مـن عمـر الدولـة الأردنيـة ؛ ظهـرت الكثير مـن المؤسسات الوطنية في شتى المجالات : السياسيه والاقتصادية ، والعسكرية والأمنيـة ، ومن هذه المؤسسـات قوات البادية الملكية التابعة لجهاز مديرية الأمـن العـام ، التي مضى علـى تأسيسـها مـا يقـرب من واحد وتسعون عاماً .
تعـددت المهـام والواجبـات التـي كلفـت بهـا هـذه القوات فكانت دوريات الهجانـة تجوب مناطق البادية الوعـرة والصعبة لحفظ الأمن ونشر النظام وحماية الحدود ، وضبط المتسللين .
وفـي بداية ثلاثينيات القرن الماضي بنيت العديد من المخافر فـي مناطق الباديـة ، مثل : الأزرق وباير ، والجفـر ، وقد اختيرت هذه المناطـق بالتحديـد نـظـراً لتوفر المياه فيها ، بالإضافة إلى أنها كانـت أماكـن لتجمـع القبائـل البدوية ، وفي بداية عملها كانت قوات البادية تستخدم الإبل في دورياتهـا وجولاتهـا ، ثـم زودت بالسيارات المسلحة والرشاشات فيمـا اسـتمر استخدام الإبـل فـي المناطـق الصعبة التي لا تصلها السيارات .
لم تقتصـر مهام وواجبات قوات الباديـة على حفظ الأمـن والنظام فـي الصحـراء الأردنيـة ، بـل كلفت بأعمال أخـرى كثيرة ومتعددة ، منها : مساهمتها في صيانة وترميـم الآبار والبرك الرومانية القديمة في أماكن انتشار القبائل البدوية ، وفي بعـض الأحيان نقل المياه بواسـطة الصهاريج وتوزيعها بين القبائل .
وفي هذه المخافـر ظهرت بوادر التعليـم الأولى لأبناء القبائل البدوية فقـد تلقى الجنود تعليماً على كيفية استعمال اللاسلكي ومبادئ القراءة والكتابـة ، بالإضافة إلـى تعليم أبناء القبائل البدويـة ، فمثلاً التحق في عـام ۱۹۳۳ م حوالـي 45 طالبـا من بنـاء البدو في مخافر البادية ، وتلقوا دروسـا مجانية في القراءة والكتابة وفـي عـام ١٩٣٤ م ، افتتحت مدارس لي مخافر الأزرق والجفر وباير لتعليم بناء القبائـل الذين كانـوا ينزلون القرب من مصادر المياه في هذه مناطـق ، كان يقوم بعملية التعليم معلم واحد ، وفي بعض الأحيان كان يطلب من المساجين الذين يقضـون عقوبة السجـن فـي هـذه المخافر ، وممـنم يجيد القـراءة والكتابة بتعليم أبنـاء القبائل .
وفـي بـدايـة تأسيسـها كان لمخافـر قـوات الباديـة مسـاهمة أيضا فـي المجال الصحـي ، من خلال تقديم الخدمات الصحية البسيطة لأبنـاء القبائـل ، حيث كانت المخافر تزود بشكل دوري بأدوات الإسعاف الأولية ، وكان طبيب الحكومة ومأمور الصحـة ، يـزوران المخافـر مـن اجل تقديم الإسعافات وبعـض الأدوية للجنود ولأبنـاء القبائل ، كما كان هذا الطبيب يقـوم بالتحري عن الأمراض السارية فـي المنطقة التي يزورها وفـي عـام ١٩٣٧ م ، ظهر مـا تعرف بـ ( الوحـدة الطبية المتنقلة ) ، وهي عبارة سيارة إسعاف مجهزة بالأدوات الطبيـة ، وكانت تنطلق مـن المخافر لتجوب مناطق البادية بحثاً عن أماكن استقرار القبائل .
وكان لقـوات الباديـة مسـاهمة في حماية المواقع السياحية والأثرية وكذلـك السـياح والزوار حيث بنيت المخافـر ونقاط الحراسـة فـي هذه المواقـع ، مثل : البتـرا ، ورم والقصور الصحراويـة المنتشـرة فـي الباديـة الأردنية ، ولهذا جذبـت قوات البادية بلباسها الجميل وبسبب الإبل ؛ أنظار السياح الأجانب منذ فترات طويلـة ، فتجـد الكثيـر مـن المواقع الإلكترونيـة العالميـة تزخـر بمئات الصور والفيديوهات التي تتحدث عن قوات البادية الملكية الأردنية .