لقـد كـان قـرار الحسين هذا خطوة على المسار الصحيح لاستقلال الأردن من النفـوذ الأجنبي ونقطة تحول هامة في تاريـخ الـعـرب الحديث ودافعاً قوياً للأردن للدفاع عن استقلاله وكرامته وحريتـه .. وقد أتاح هذا القرار للأردن بسط سيادته السياسية على كل إقليم الدولة ومؤسساتها وأعاد الهيبة للجيش والأمة بامتلاك حريتها وصنـع قرارها بعيداً عن التهديدات والضغوطات التي كانت تمارس بحقها وأعطى الفرصة لأبناء الوطن لتولي المسؤولية والتدرب على القيادة العسكرية وخلق القادة من أبناء الأردن .
كمـا أدت خطـوة تعريب قيادة الجيش إلى توظيف كافة قدرات الجيش وإمكانياته لخدمة أمن الوطن وصون حقوقه والمحافظة على ترابه ومكتسباته كما مكـن القرار صانعه جلالة المغفور له الملك الحسين من بنـاء مؤسسة عسكرية حديثة امتازت بالانضباط ومشاركة القوات المسلحة - الجيش العربي بالخطط التنموية وبناء الوطن والمشاركة الفاعلة لجيشه في رفد مسيرة البناء والعطاء.
هـذا الجيش الذي ساهم في استقرار الكثير من الدول العربية وتمكن من بناء الروابط القوية مع جيوش المنطقة من خلال تبادل الخبرات وفتح مدارس التدريب لكافة الصنوف والمعاهد العسكرية العليا التي أهلت ضباط وأفراد هذا الجيش ليكونوا في الطليعة كما أرادهم الحسين رحمه الله.
واليـوم وبعد مضي سته وستون عاماً على هذا القرار التاريخي يمضي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على خطى الملك الباني رحمه الله في تأهيل وتدريب وتسليح القوات المسلحة حتى غدت أنموذجاً في المنطقة والعالم ومثالاً بين جيوش العالم في احترافيتها وانضباطها وقوتها، تحمل رسالة الثورة العربية الكبرى، وتدفع العاديات عن وطننا وتضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمنها وأمانها، وسكن هذا الجيش في قلوب الأردنيين وكل أرض حل الابتسامة على وجوه من شردتهم الكوارث والحروب، وقدموا مواكب الشهداء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من أجل فلسطين، قدسها ومقدساتها وبياراتها التي نطقت أشجـار زيتونها تروي قصص الشهداء الأبطال، وها هم اليـوم يسجلون للعرب مسلمين ومسيحيين صدق قوميتهم وعروبتهم ورسالة إسلامهم السمحة في التعامل مع الأشقاء الذين ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت من تشريد وتدمير وقتل ودماء تراق وبيوت تتهدم...