يُقال: شيءٌ لا روح فيه أي أنه لا ميت لاحياة فيه، فمن ينقصه الروح فلا حياة به. وأعذبُ ما يَلفتُ إنتباهَنا عن فلان هو روحه التي يتمتع بها أكثر من أي أمرٍ آخر ونقول "روحه حلوة"، وربما عالمنا اليوم فقد الكثير من أصحاب الروح الحلوة الذين يجعلون للحياة معنى خاص..
فأي أمر نقوم به خال من الروح هو عمل مائت لا حياة فيه، لا قوة فيه ولا جمال، فالروح يحيي الأعمال ويعطيها حياة، فمن يقوم بواجباته ومسؤولياته من دون روح فقد يُنجزُها، لكنّ أعماله تخلو من نبض الحياة والإبداع والإتيان بالجديد، عندها يكونَ عملُنا عملا آلياً بلا زيادة أو نقصان. وربما حياتنا اليوم قد تحولت إلى حياة من دون روح، مما أفقدنا روح الإبداع والإبتكار والإتيان بالجديد الذي يُجدِّدُ حياتنا ومجتمعاتنا، وأصبحنا فقط مجتمعات مقلِّدة للآخرين في كلِّ شيء ولسنا بمجتمعاتٍ منتجة ومبتكرة. لذلك، فمن لا يأتي بجديد فهو فاقد لروح الحياة الإبداعية التي تُحيّي فينا أجسادنا المائتة فتتحول أعمالنُا إلى لوحات فنية فيها روحُ الحياةِ التي تنبض في عروقنا والتي بدونها نتحول إلى أموات ونحن أحياء.
فحياتنا تباعاً ليست مجرد أكل وشرب أو قيام بأعمالٍ روتينية، لكنّ حياتنا مقصود بها أنْ تُسبّح خالقها، وأنْ تبهرَ الآخرين بتلمّسها للنواحي الجمالية والفنية واللمسات الإبداعية النابعة من روح الإنسان وقلبه ومشبِعَةُ شغفَهُ نحو حبِّ الحياة وجمالِها وروعتها.
ويبقى السؤال الهام، كيف نُنَّمِي في دواخلنا وفي قلوب أبنائنا من جيل التكنلوجيا هذا الجانب الإنساني من الحياة المفعمة بحياة الروح؟ فمن تموتُ بداخلهِ روحُه لا يبقى من حياته شيء، اللهم جثّةً تدّب على الأرض. وحياتنا ليست هكذا بل يجب أنْ تنبضَ بكل أشكال الحّب والجمال والفن والموسيقى، ونيّال من يحياها بروحه لا بجسده فقط.