نيروز الإخبارية : في تطور دراماتيكي، لإفرازات الحرب الروسية الأوكرانية، سعت العديد من الدول القطبية، والأخرى المتاخمة لحدود أوكرانيا، للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، ما أثار قلق روسيا، وأدى إلى ظهور تكهنات بتحول القطب الشمالي لساحة حرب دولية.
وتعتبر منطقة القطب الشمالي نقطة تماس بين روسيا وعدد من أعضاء «الناتو» واثنين من أهم أصدقاء الحلف هما فنلندا والسويد اللتين تسعيان للانضمام لحلف شمال الأطلسي.
وترأس روسيا مجلس القطب الشمالي وهو مجموعة من ثماني دول تضم، بالإضافة إلى روسيا، كندا والدنمارك وأيسلندا والنرويج والولايات المتحدة، (الأعضاء في الناتو)، وفنلندا والسويد، إلا أن دول الغرب، علقت عمل مجلس القطب الشمالي، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وأعربت موسكو عن قلقها من تحول منطقة القطب الشمالي إلى ما وصفته بساحة حرب دولية، وذلك على خلفية تخلي فنلندا والسويد عن سياسة الحياد العسكري وقرارهما الانضمام لحلف شمال الأطلسي «الناتو».
وينظر إلى القطب الشمالي بشكل عام على أنه «منطقة سلام» تتميز بديناميكيات أمنية تعاونية وهادئة بشكل استثنائي.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية اليوم الأحد عن نيكولاي كورشونوف، السفير بوزارة الخارجية الروسية، رئيس لجنة كبار المسؤولين في مجلس القطب الشمالي، القول: «إن منطقة القطب الشمالي تتحول إلى مسرح دولي للعمليات العسكرية، كما أنه اتجاه مقلق للغاية».
وقال كورشونوف: «إننا نرى كيف أن النشاط العسكري الدولي يتزايد في خطوط العرض العليا، كما يحدث تدويل للنشاط العسكري، وهذا بالطبع اتجاه مقلق للغاية يحول منطقة القطب الشمالي إلى مسرح دولي للعمليات العسكرية. ولا يسعنا إلا أن نقلق حول هذا الموضوع».
وأضاف: «إن السياسة التقليدية لفنلندا والسويد، وهي سياسة عدم الانحياز مع التحالفات العسكرية، قد أوجدت منذ فترة طويلة أساسا متينا للحفاظ على السلام والاستقرار في مناطق خطوط العرض العليا. ومن غير المرجح أن يساعد انضمام هذين البلدين إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في تحقيق هذا الهدف».
الاستجابة الباردة
وأجرت قوات «الناتو» تدريبات تحت عنوان «الاستجابة الباردة» في مارس الماضي، وهي واحدة من أكبر مناورات «الناتو» في القطب الشمالي على الإطلاق، نفذها في النرويج على مشارف الحدود الروسية شارك فيها 30 ألف جندي من 27 دولة، بينها فنلندا والسويد، اللتان تقدمتا بطلبين رسميين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو».
واستقرأت روسيا هذه التدريبات على أنها «مقلقة للغاية»، سيما وأنها تضمنت مشاركة 3000 عسكري من مشاة البحرية الأمريكية فيها بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وانتقد نيكولاي كورتشونوف، مبعوث روسيا بمجلس القطب الشمالي ورئيسه الحالي مشاركة دول «الناتو» غير القطبية في هذه المناورات، كما أعرب عن قلقه من احتمال انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف قائلاً: «إن توسع الناتو على حساب الدول غير الأعضاء في الكتلة التقليدية، أمر مقلق ويفقد الثقة المتبادلة في القطب الشمالي، وهو ما تنادي به روسيا باستمرار».
وقال كورتشونوف: «إن الوثائق التأسيسية والاستراتيجية تنص على أن القطب الشمالي يجب أن يظل أرضاً للسلام والاستقرار والتعاون البناء، لذلك لا ينبغي أن يخضع هذا الشكل الفريد للتأثير غير المباشر لأي أحداث خارج المنطقة".
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ قد وصف "حرب روسيا ضد أوكرانيا ب «اللحظة الفاصلة»، لافتاً إلى أن رد «الناتو» في القطب الشمالي أمر طبيعي جديد للأمن الأوروبي وكذلك لأمن القطب الشمالي.
ووصف حلف شمال الأطلسي بـ«تحالف القطب الشمالي»، لافتاً إلى أن المنطقة تتمتع بأهمية استراتيجية لأمن أوروبا الأطلسية، وحيوية لروابط الاتصال بين أمريكا الشمالية وأوروبا».
قطب اقتصادي
وتعتقد موسكو أن «القطب الشمالي لديه إمكانات هائلة للاستفادة وإنتاج طاقة مستدامة ومنخفضة الانبعاثات من حيث استكشاف المعادن الأرضية النادرة والمعادن، وكذلك الحلول المبتكرة التي قد تسرع التحول المستدام للطاقة على الصعيد العالمي».
وتتركز احتياطيات الغاز الطبيعي والطاقة الوفيرة في منطقة القطب الشمالي الروسية، والتي تعتمد عليها الدول الأوروبية بشكل كبير في إمدادات الطاقة. وفي الوقت نفسه، جعلت روسيا القطب الشمالي نقطة محورية لجهود التحديث العسكري، مما أدى إلى تعزيز مطرد للقوات الروسية وقوات الناتو في جميع أنحاء المنطقة.
ويقدر المعهد الملكي البريطانية للشؤون الدولية أن المنطقة يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 90 مليار برميل من النفط، وهو ما يعادل تقريباً احتياطي دولة الإمارات من النفط.
وكشف تقرير منظمة Reclaim Finance، غير الحكومية والمتخصصة بقضايا ربط التمويل بالعدالة الاجتماعية والمناخية، صدر عام 2021 ، عن وجود 599 حقلاً للنفط والغاز قيد الإنتاج أو قيد التقييم أو التطوير الميداني أو في مرحلة الاكتشاف داخل منطقة القطب الشمالي في الوقت الراهن.