استبعدت أوكرانيا وقف إطلاق النار أو تقديم أي تنازلات إقليمية لموسكو مع تصعيد روسيا هجومها في الأجزاء الشرقية والجنوبية من البلاد وقصف منطقتي دونباس وميكولاييف بضربات جوية ونيران مدفعية.
وأصبح موقف كييف متشددا بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة حيث شهدت روسيا انتكاسات عسكرية بينما أصبح المسؤولون الأوكرانيون قلقين من احتمال تعرضهم لضغوط للتضحية بالأرض من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.
وقال أندريه يرماك، رئيس أركان الرئاسة الأوكرانية في تغريدة على تويتر، الأحد، "يجب أن تنتهي الحرب باستعادة كاملة لسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها".
وعرض الرئيس البولندي أندريه دودا دعم بلاده وقال للمشرعين في كييف، الأحد، إن على المجتمع الدولي أن يطالب بانسحاب روسيا الكامل وإن التضحية بأي إقليم ستكون "ضربة قوية" للغرب بأسره.
وقال دودا "ظهرت أصوات مقلقة تقول إن أوكرانيا يجب أن تستسلم لمطالب (الرئيس فلاديمير) بوتين".
ودودا وهو أول زعيم أجنبي يخاطب البرلمان الأوكراني شخصيا منذ الغزو الروسي في 24 فبراير.
وقال إن "أوكرانيا وحدها لها الحق في اتخاذ قرار بشأن مستقبلها".
وفي حديثه إلى الجلسة البرلمانية نفسها، جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نداءه بفرض عقوبات اقتصادية أقوى على موسكو.
وقال "لا ينبغي استخدام أنصاف التدابير عندما يجب وقف العدوان".
وبعد وقت قصير من انتهاء كليهما من الكلام، سمعت صفارات الإنذار في العاصمة في إشارة إلى أن المعارك اندلعت على الخطوط الأمامية على بعد مئات الكيلومترات.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحفي مع دودا إن ما بين 50 و100 أوكراني يموتون يوميا على الجبهة الشرقية للحرب.
وتشن روسيا هجوما كبيرا في لوهانسك، وهي واحدة من مقاطعتين في دونباس، بعد أن أنهت أسابيع من المقاومة من قبل آخر المقاتلين الأوكرانيين في ميناء ماريوبول الاستراتيجي في جنوب شرق البلاد.
وتركز أعنف قتال حول المدينتين سيفيرو دونيتسك وليسيشانسك، حسبما قال مستشار وزارة الداخلية فاديم دينيسينكو للتلفزيون الأوكراني يوم الأحد.
وتشكل المدن الجزء الشرقي من جيب تسيطر عليه أوكرانيا تحاول روسيا اجتياحه منذ منتصف أبريل نيسان بعد فشلها في السيطرة على كييف وتحويل تركيزها إلى شرق وجنوب البلاد.
وقال سيرهي غايداي حاكم لوهانسك في مقابلة تلفزيونية محلية إن روسيا تستخدم تكتيكات "الأرض المحروقة" في المنطقة.
وقال: "إنهم يمسحون سيفيرو دونيتسك من على وجه الأرض".
وقال بيان للجيش الأوكراني إن القصف الروسي و"القتال العنيف" قرب سيفييرودونيتسك استمرا لكن القوات الغازية فشلت في تأمين قرية أولكساندريفكا القريبة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، إن قواتها قصفت مراكز القيادة الأوكرانية والقوات ومستودعات الذخيرة في دونباس ومنطقة ميكولاييف في الجنوب بضربات جوية ومدفعية.
ومساء الأحد، سمع دوي انفجارات متعددة في جميع أنحاء مدينة ميكولاييف، حسبما قال رئيس البلدية أولكسندر سينكيفيتش في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من تلك التقارير عن ساحة المعركة.
وكان الانفصاليون المدعومون من روسيا يسيطرون بالفعل على أجزاء من لوهانسك ودونيتسك المجاورة قبل الغزو لكن موسكو تريد الاستيلاء على الأراضي المتبقية التي تسيطر عليها أوكرانيا في المنطقة.
وقال الجيش الأوكراني إن سبعة مدنيين قتلوا وأصيب ثمانية آخرون خلال هجمات روسية في دونيتسك يوم الأحد، ولم يتم الكشف عن أرقام لوهانسك.
** لا تنازلات ولا وقف لإطلاق النار
واستبعد، ميخايلو بودولياك، كبير المفاوضين الأوكرانيين ومستشار زيلينسكي تقديم أي تنازلات إقليمية ورفض دعوات لوقف فوري لإطلاق النار قائلا إن ذلك يعني بقاء القوات الروسية في الأراضي المحتلة وهو ما لا يمكن أن تقبله كييف.
وقال بودولياك في مقابلة مع رويترز "يجب على القوات (الروسية) مغادرة البلاد وبعد ذلك سيكون استئناف عملية السلام ممكنا"، مشيرا إلى الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار بأنها "غريبة للغاية".
وقال إن التنازلات ستأتي بنتائج عكسية لأن روسيا ستستغل التوقف في القتال للعودة أقوى.
وجاءت الدعوات الأخيرة لوقف فوري لإطلاق النار من وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ورئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراجي.
ومنحت نهاية القتال في ماريوبول، أكبر مدينة سيطرت عليها روسيا، بوتين انتصارا نادرا بعد سلسلة من الانتكاسات فيما يقرب من ثلاثة أشهر من القتال.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن آخر القوات الأوكرانية المتحصنة في مصنع آزوفستال الصلب الضخم في ماريوبول استسلمت.
ولم تؤكد أوكرانيا هذا التطور، لكن قائدا لإحدى الوحدات في المصنع قال في شريط فيديو إن القوات أمرت بالتنحي.
وتمنح السيطرة الكاملة على ماريوبول روسيا السيطرة على طريق بري يربط شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها موسكو في 2014 بالبر الرئيسي لروسيا وأجزاء من شرق أوكرانيا يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا.
وإلى جانب العقوبات، كثفت الدول الغربية إمدادات الأسلحة وغيرها من المساعدات لأوكرانيا، بما في ذلك حزمة جديدة بقيمة 40 مليار دولار من الولايات المتحدة.
وتقول موسكو إن العقوبات والمساعدات الغربية لكييف ترقى إلى "حرب بالوكالة" من جانب واشنطن وحلفائها.
ويصف بوتين الغزو بأنه "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وتخليصها من القوميين المتطرفين المناهضين لروسيا.
ورفضت أوكرانيا وحلفاؤها ذلك باعتباره ذريعة لا أساس لها للحرب التي أودت بحياة آلاف الأشخاص في أوكرانيا وشردت الملايين.