لدينا قدرات توصيفية كبيرة، ومخزون لفظي هائل من المفردات، وشطارة في المراقبة توفره لنا همجية المستعمرة الإسرائيلية، ولكننا كعرب ومسلمين ومسيحيين نفتقد أدوات مواجهة قتل المدنيين من النساء والرجال والأطفال، وتدمير البيوت، وترحيل أهل القدس بعد تشليحهم ممتلكاتهم، ومستقر حياتهم، وجرائم عنصرية فاقعة بائنة يشمئز لها ومنها الأجنبي، حتى بما فيهم أصدقاء المستعمرة وحلفاؤها، وقعوا في الحرج بسبب سلوك الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية مع جنازة الشهيدة شيرين أبو عاقلة ومع غيرها من التجاوزات المعادية لحقوق الإنسان وكرامته، والتطاول على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والاستهتار بقيمنا وعقائدنا، ونحن مهما وصلت درجة العداء عندنا لسلوك حكومة الاحتلال وأدواتها، لا نقبل المساس بحرمة كنيس اليهود، لأننا نحترم الكنيس والكنيسة كما نحترم المسجد، ولا نسمح لأنفسنا المساس بالعقائد والمقدسات للطرف الآخر، ومع ذلك يتطاولون على المحرمات الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية.
نملك القدرة النظرية على تشخيص الحالة الواقعية في القدس، وهم لا يهابون ولا يخافون ولا يخشون من نتائج سلوكهم الهمجي ضد الفلسطينيين، بل يتمادون في تجاوزاتهم الجرمية والجرائمية لأن ردات الفعل الرسمية الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية والدولية لا تصل إلى مستوى «تدفيع الثمن».
ندقق بصورة مشهد الصدامات بين شباب فلسطين وقطعان المستوطنين، مجرد أن يتقدم شاب فلسطيني نحوهم يتراجع القطيع الإسرائيلي إلى الخلف تأكيداً على شجاعة الفلسطيني وجبن المستوطن، ولولا التفوق العددي والتسليحي وأدوات البطش لدى الإسرائيلي لتحول مشهد الصدام لصالح الأقلية المدنية الفلسطينية العزلاء، ضد الأغلبية المكدسة المسلحة من المجندين المستوطنين.
ردات الفعل الفلسطينية لدى طرفي الانقسام في رام الله وغزة، مجرد طق حكي، وتهديدات فارغة المضمون، لأن الأولوية لدى طرفي الانقسام وتخلفهم الكفاحي هو: 1- التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، 2- التهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب.
الرد على التطاول والمس بكرامة القدس والأقصى، هو خيار إنهاء التفرد والانقسام والاستئثار من قبل فتح وحماس، والخيار الوحيد المطلوب هو خيار الشراكة الفلسطينية، هو وحدة الموقف على قاعدة: 1- برنامج سياسي مشترك يشكل القواسم المشتركة المتفق عليها بين فتح وحماس والشعبية والديمقراطية والجهاد وباقي الفصائل والفعاليات، 2- مؤسسة تمثيلية موحدة وهي منظمة التحرير وأداتها السلطة الفلسطينية، تضم بدون استثناء كافة الفصائل، 3- اختيار الأدوات الكفاحية المناسبة، بحيث لا ينفرد طرف أو فصيل باختيار أداة عمل بدون موافقة الآخرين، وتوزيع المهام، وفق القدرات والفرص المتاحة.
ردات فعل سلطتي رام الله وغزة دون المستوى الكفاحي المطلوب، وكلاهما يفتقد الإرادة الوطنية نحو اختيار الأولويات، ويحكم سلوك الطرفين عوامل ذاتية مصلحية حزبية أنانية ضيقة، وهذا هو أحد أسباب تغول سلطات المستعمرة، وعدم خشيتها من ردود الفعل الجدية، باستثناء حالة الرعب التي يعيشونها من صلابة أهل القدس وشجاعة المرابطين والمرابطات، والمعتكفين والمعتكفات، والباقي طق حكي «لا يودي ولا يُجيب»، فهل من إدراك لدى طرفي الانقسام أين هو الخيار؟؟ أين هو الرد؟؟ وأن لديهما القدرة والخيار للرد على عدوانية المستعمرة والعمل على هزيمتها؟؟.