نسيان الكلمات المعبرة تمثل مشكلة حقيقية، خاصة اذا كنت كاتبا أو مدرساً، بل قد لا ينسى أحدهم الكلمات فقط، ولكن تفكيره يكون بطيئا ومشوشا، ويجد صعوبة في التركيز لفترة طويلة وغالبًا ما يفقد سلسلة تفكيره، ويبدو الأمر كما لو أن العقل مليء بالغمام.
ربما ازدادت تلك الشكوى بعد الاصابات المتكررة بكوفيد 19، ولكن هناك آخرين لا يعلمون السبب الحقيقي وراء هذا التغيير.
تتفق الدكتورة سابينا برينان، اختصاصية علم النفس الصحي وعالمة الأعصاب ومؤلفة كتاب Beating Brain Fog، بحسب صحيفة التلغراف، على أن هذه مشكلة متنامية وتقول: «أصبحت ضبابية الدماغ أكثر شيوعاً نتيجة لـ كوفيد نفسه وأيضاً نتيجة للإجهاد في العامين الماضيين».
ويدعم هذا الأمر البروفيسور جيمس جودوين، ومؤلف كتاب Supercharge Your Brain فقال: «هناك دائماً ما يمكن أن نطلق عليه مستوى الخلفية من ضباب الدماغ، فمعظم الناس مع تقدمهم في السن سيعانون من التدهور المعرفي المرتبط بالعمر، وهذا منتشر بشكل متزايد لسببين: هناك الكثير من الأشخاص الذين ابلغوا عن ذلك وأيضا لدينا ظروف أدت إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون منها».
وأضاف: يبدو أن أدمغتنا قد استنفدت ببساطة من العمل الذي كان عليها القيام به خلال العامين الماضيين. فقبل الوباء، كان حوالي 40 % من سلوكياتنا معتادة وروتينية نستيقظ في نفس الوقت في معظم الأيام، ونذهب إلى نفس مكان العمل، ونتناول الغداء في نفس المكان تقريبا. هذه السلوكيات المعتادة لديها القدرة على تحرير الكثير من الطاقة لأدمغتنا لمعالجة مشاكل محددة والانخراط في مهام جديدة.
السبب الأكثر شيوعاً
تقول برينان: «فيروس كوفيد يمكن أن يسبب ضعفًا في التفكير، ويمكن أن يستمر هذا لعدة أشهر بعد المرض». وأظهرت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج وإمبريال كوليدج لندن أنه في الحالات الشديدة، فإن التدهور يعادل فقدان 10 نقاط من حاصل الذكاء، وأن الآثار لا تزال قابلة للاكتشاف بعد أكثر من ستة أشهر من المرض الحاد.
وفي غضون ذلك، تشير الأبحاث التي أجرتها جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة إلى أنه لا يزال من الممكن الشعور بالآثار بعد 18 شهرًا من المرض. وبينت الأبحاث ايضا أنك لست بحاجة إلى أن تكون مريضاً جداً حتى تصاب بمشاكل في الذاكرة والانتباه بل قد يحدث مع الحالات الخفيفة أيضا.
لذا يُعتقد أن هذا قد يكون من استجابة الجسم الالتهابية للفيروس، وهذا الذي جعلها حالة شائعة جداً في الآونة الأخيرة وعبر مختلف المجتمعات، حيث إن العدوى الفيروسية تنشط الخلايا الالتهابية في الجسم، بما في ذلك الدماغ. رغم أن الالتهاب يهدف إلى مهاجمة الفيروس الغازي، لكنه يؤدي أيضاً إلى إتلاف خلايا المخ والخلايا العصبية في هذه العملية.
لذا يتسبب فيروس SARS-CoV-2، وهو الفيروس المسبب لكوفيد، في استجابة قوية للغاية.
نمط الحياة والإجهاد المزمن
علاوة على ذلك، أظهرت دراسة نشرت في فبراير الماضي من مستشفى ماساتشوستس العام أنه حتى الأشخاص الذين لم يصابوا بالعدوى يعانون من ضبابية الدماغ.
الجدير بالذكر أن الاضطرابات في نمط الحياة أثناء الوباء قد تكون قد تسببت في التهاب الدماغ، ما يساهم في التعب وصعوبات التركيز والاكتئاب، ومنها ما يلي:
1 - قلة النوم، والتوتر المزمن، ونقص التحفيز الذهني، جميعها عوامل أساسية تساهم في ضبابية الدماغ.
2 - الإجهاد المزمن يضعف بشكل سيئ القدرة على التفكير والتذكر، ويقتل خلايا الدماغ ويقلص حجم قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن الذاكرة والتركيز والتعلم.
3 - ارتفاع ضغط الكورتيزول المزمن يؤثر أيضاً في جودة النوم المطلوب لفلترة المعلومات واستقبال معلومات جديدة في اليوم التالي.
4 - اتباع النظام الغذائي الممتلئ بالسكريات، ما يتسبب في ارتفاع السكر وتعطل الطاقة.
5 - اعتمادنا المتزايد على التكنولوجيا وتطبيقات التواصل.
6 - تقلبات مستويات هرمون الأستروجين لدى النساء تتسبب في تغييرات في تفكيرهن وتركيزهن.
طرق الإصلاح
بالنسبة للأغلبية العظمى، وفقاً لجودوين، يمكن عكس هذه الضبابية وإصلاحها بتغيير نمط الحياة كالآتي:
1- ممارسة التمارين الرياضية: أحد أهم الأشياء التي يمكننا القيام بها لصحة الدماغ.
2- زيادة المرونة العصبية، مثل قدرة الدماغ على التكيف مع التجربة والتغيير.
3- تقليل السعرات الحرارية والصيام يؤديان إلى تحسين أعداد وإنتاجية الطاقة.
4- تجنب تناول السكر مهم جداً.
5- تناول الأطعمة التي تحتوي على العناصر الغذائية التي تدعم خلايا الدماغ السليمة عن طريق تعزيز إنزيماتها. وتشمل هذه الأحماض الدهنية أوميغا 3 (الأسماك الدهنية)، وحمض ألفا ليبوينك (اللحوم الحمراء التي تتغذى على الأعشاب، والكبد، والسبانخ، والبروكلي)، والكارنيتين والكرياتينين (اللحوم الحمراء الخالية من الدهون، والدواجن، والبيض، والمكسرات، والفاصوليا، والبذور).
6- اتباع روتين يومي يجعل العقل يزدهر.
7- ينصح بتخصيص بعض الوقت لتأمل الطبيعة حتى لو من نافذة المنزل.
8- ممارسة المسامحة للنفس والآخرين.
ما ضبابية الدماغ؟
توضح د. سابينا برينان أن «ضبابية الدماغ» هي مصطلح شامل يستخدم لوصف مجموعة من الأعراض الأكثر شيوعاً، ومنها فقدان الوضوح العقلي، وعدم القدرة على التركيز أو الانتباه. وكذلك مع ضبابية الدماغ، تكون قدرتنا على معالجة المعلومات بطيئة، ويمكن أن تكون هناك مشكلات في اللغة وإيجاد الكلمات بسهولة.
وتضيف أن ضبابية الدماغ ليست مرضاً في حد ذاته، ولكنها علامة على أن الأشياء ليست صحيحة في جسمك. وهناك أسباب متعددة لضبابية الدماغ:
1 - التغيرات الهرمونية.
2 - الأدوية المختلفة.
3 - حالات مثل ME والألم العضلي الليفي والذئبة وكذلك الاكتئاب.