قابلت ذات يوم الباحث الأمريكي اللبناني الأصل ( ريتشارد أنتون ) الذي كتب كتابا ً هاما ً عن قرية كفر الماء الأردنية . وعندما سافرت إلى اليابان وجدت هذا الكتاب باللغة اليابانية . وقرية كفر الماء قرية في محافظة إربد . والباحث ( رتشارد ) هو أستاذ الأنثربولوجي في جامعة نيويورك ( برنج هامتون ) . والباحث أصلا ً من سهل البقاع . ذهب للولايات المتحدة. وهناك ولد والده ثم ولد هو هناك ولايتكلم العربية مع جيرانه إلا بالفصحى لأنه تعلمها ولم يرثها .
في عام 1959 جاء ( ريتشارد ) إلى قرية كفر الماء يبحث عن قرية مسلمة سنية عربية فيها جامع وخطيب ومسجد . طاف مع مرشد زراعي عشرين قرية في الأردن حتى وقع اختياره على كفر الماء في إربد . وقد يتساءل سائل لماذا أحب ( ريتشارد ) قرية كفر الماء من بين 20 قرية ً ؟ والسبب هو المختار . مختار القرية واسمه مصطفى مفلح السباعي .
كان عدد سكان القرية 3000 نسمة . والمواصلات مع إربد بسيارة واحدة فقط . تتحرّك صباحا ً وتعود في المساء .
وبعد الساعة الرابعة لا توجد سيارات اطلاقاً.
لفت انتباه ( ريتشارد ) الديمقراطية الحقيقية في المضافات . فإذا تنازع اثنان فإنهما يذهبان للمضافة وهناك يقدّمان حججهما أمام السامعين . وسمّى ( ريتشارد ) هذه الدبلوماسية باسم الدبلوماسية الثنائية . وهي
مأخوذة من كلمة يونانية وتعني اثنين أو ثنائي . إذ يختلي أحد الحضور مع أحد المتنازعين ، ويختلي آخر مع الآخر . ويُقنع كل واحد من الوسطاء الآخر من المتنازعين ويصلون إلى حل .
كان الذي يلفت الانتباه أن أهل القرية يعرفون بعضهم بعضا . يعني أن الواحد يعرف مئات. فهل نعرف الآن في بعض المناطق خمسة من جيراننا .
قابلت ( ريتشارد أنتون ) عام 1998 في الأردن . وقد ذهب لزيارة القرية مرة أخرى ؛ حتى يلاحظ التغيير بعد أربعين سنة فلاحظ الكثير .