الغطرسة ليست مسحوقاً تجميلياً يغطي ملامح الخوف الوجودي في العقل الصهيوني الذي هزمته المقاومة في حرب الإرادات، وضربته في العمق عدة مرات، واستحوذت على قواعد الاشتباك، لا بل تمكنت من أسر جنوده فيما ظلت تطور سلاحها وتتلقى الدعم من محور المقاومة دون رادع.
هذه حقيقة ستجعل من تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة مجرد كلام مرسل..
فقد قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد، إنه "يسعى لإيجاد بدائل في التعامل مع قطاع غزة بديلاً عن احتلاله أو الدخول في جولات قتال لا تنتهي".
وكأن احتلال غزة مجرد نزهة في الوقت الذي عجز فيه جيش الاحتلال عن تنفيذ ذلك.. هذه مساحيق تضليلية يبتغي لبيد منها التستر على عجز الكيان من مواجهة المقاومة المتنامية كماً وكيفا رغم ما تتعرض له من حصار يساهم فيه القريب والبعيد. هذه هي الحقيقة الدامغة التي لا تغطيها مساحيق الغطرسة والتضليل الإعلامي.
وزعم لابيد في كلمة له، خلال مراسم تأبين قتلى عدوان 2014 الوحشي على قطاع غزة، بأن "لدى جيشه القوة للعمل بحرية في غزة، كما أن هذه القوة تتيح له أيضًا حرية العمل ضمن خيارات اقتصادية وسياسية".
وهذا الكلام يفسر المغزى من زيارة بايدن المنتظرة إلى الشرق الأوسط في جانبها المتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث سيطرح موضوع الحل الاقتصادي الذي قد يبعد قطاع غزة عن مربع الصراعات، دون أن يدرك بأن المقاومة تتعامل من الملف الفلسطيني كوحدة واحدة تقوم على أن فلسطين محتلة من قبل الصهاينة، وأن المقاومة خيار استراتيجي تتبناه الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، وأن الكيان الصهيوني مجرد احتلال سينتهي وفق منطق الأشياء، وهو كيان هش واهن غير متماسك وضعيف الإرادة، مجرد مخزن للأسلحة التي يستحكم خلفها جنود احتلال لا يؤمنون بأن قضيتهم عادلة، ويتحكم بهم رهاب المقاومة، والدليل أن إرادة الأخيرة في عموم فلسطين هي الأقوى، وبات العمق الإسرائيلي مكشوفاً لصواريخها، ما يقلل من فاعلية السلاح الإسرائيلي المتفوق، كونه لم يحقق للإسرائيليين الأمان.
وأضاف لابيد خلال حديثه "نحن لسنا على حق فقط وأصحاب القضية العادلة، بل نحن أقوياء أيضًا، والجيش الأقوى في الشرق الأوسط، ونملك تكنولوجيا متقدمة، إلى جانب قوتنا السياسية والاقتصادية والتي هي ضمانة لأمننا".
وهذا هراء ولا ينطلي حتى على الطفل في القماط.. هذا احتلال غاشم وحق فلسطيني مهدور.
ويزعم لابيد بأن الحكومة الإسرائيلية في العام الماضي انتهجت سياسة عدم الصبر على غزة، لافتًا إلى أن "أي نشاط عدائي لقي رد فعل قوي كان يحمل رسالة أنه لا يمكن العبث معنا، وهذه السياسة كانت ناجحة جدًا ومنعت البالونات الحارقة ونقل حقائب الأموال بشكل نهائي". هذا هراء.
ألا يدرك لابيد بأن كلامه مرسل لا جديد فيه! وأن جيش الاحتلال ما لبث يقف عاجزاً عن اقتحام غزة لأن المواجهة على الأرض تقوم على الإرادات التي يتفوق فيها صاحب الحق الذي يدافع عن حقوقه المسلوبة.. الشعب الفلسطيني الذي يورث مطالبه المشروعة للأجيال المتلاحقة حتى النصر المبين.
وشدّد لابيد على التزام "إسرائيل" بإعادة الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، بما فيها جثث الجنود لدفنهم.. ويدرك لابيد بأن هذا الأمر لن يكون إلا ضمن اتفاق تبادل أسرى، وليس من خلال إرسال قوات خاصة لتحريرهم!
ولا نريد التعليق على أضاليل وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، الذي ما زال يتوعد ويتهدد المقاومة في غزة منذ ثماني سنوات مدعياً بأن قواته عملت على تدمير البنية التحتية لحركة (حماس) وضربت لها الكثير من الأهداف، وأن "إسرائيل" أيضًا دفعت ثمنًا غاليًا بعد فقدانها لجنودها. وفق تعبيره.. دون أن يشير في حديثه إلى مدينة الأنفاق تحت الأرض التي وضعت العقل الإسرائيلي في مأزق حقيقي.
هذا كلام مرسل لا جديد فيه.. وهذا يدل على عجز الاحتلال الإسرائيلي عن اجتثاث المقاومة التي أقامت مدينة من الأنفاق تحت الأرض رغم ما يمتلكه كيان الاحتلال من تقنيات هي الأكثر تطوراً في العالم..
ففي حرب الإرادات لا يحسم التفوق العسكري الحروب، والمقاومة مثل نبتة النعناع ممتدة الجذور فيصعب اجتثاثها.