لا جديد .. يوم عادي ، كالعادة أصوات القطط العابثة بجامعة القمامة أمام العمارة لم يتغير مواءها ولاحتى ألوانها ، أصوات أطفال الحي على غير العادة غير مسموعة ، أصوات التلفاز عال بصخب الموسيقى، وأنكر الأصوات بعض السياسيين.
يوم غير عادي ، خرجت مرغما إلى المكتب قبل شراء إفطار يوم العطلة وبعض متطلبات الغداء ، فاجئني المارة بتحايا وعناق، يا سادة لم أكن مسافرا ، فرائحة التبغ والارجيلة تفوح من نوافذ المقهى الذي التقينا فيها البارحة يعج بأصوات الفقراء.
يوم عادي .. عامل في منتصف الشهر يخشى عودة المنزل لمواجهة زوجة بات ليلته على صراخ ضرورة توفير أبسط احتياجات المنزل ، وحاجة طفلها " لنعل " أنتظره على حافة شارع بسطات العيد الأخير ، يمنون النفس باقدام تغطيها كل عام في العيد أشياء يدعونها أحذية، لكن هذا العيد بلا حتى جراب.
يوم عادي لا شيء يشبهني في المدينة سوى السوق الفارغ من كل شيء ، بإستثناء بعض الباعة المتجولين وبسطات احتلت رصيف المشاة عنوة.
هل مر الغزاة ليلا وانا اغط في النوم وربما الذهول ، هل أعلنوا عن إضراب المحال الخاصة بالفرح الذي فقدناه في صفعات الحياة المتكررة ؛ هل كان هنا أو حتى هناك ثورة لجياع هزمت المستعمرين الجدد ؟، استوقفت أحدهم لاسألة صافحنى مكتفياً لا عزاء للصامتين.
الوطن نشيد صامت وحدهم الفقراء يغنونه بصوت عال ، والتمتمتهة هنا لسيدة خمسينية، والأمهات لا تتفوه الكذب.
الجديد .. عدت مسرعا لتناول حبات الدواء الصباحية غافلتني العجلة تناولها ، رغم يقيني لا جدوى منها على المدى الطويل سوى المزيد من العناء وربما الإدمان.
أربعون عجاف ويزيد ، وسروال وقمصان " قُدّت " من كل إتجاه ، ما راودت يوما امرأة عن نفسها ما شرب حتى من نبيذهم ، ارصد صوت جياع الأرض يرتلون الفقر والعوز نشيدا لكل الجائعين ، لا زلت أذكر كيف احالتني والدتي في عامي الأول إلى الشاي كعاطل عن العمل في مقهى، لادمن لاحقا الخبز المبلول في الشاي.
سنوات الفقد والتيه وربما ضياع يخاصمنى في داري " شلل " تراهم سجدا لغير ربي ، والقابضين المبدأ صلاة لا سجود فيها نصلي أن الله رب لكل المصلين ، نلقي ما تبقى من قمصان علها تعود مُبصرة ولو حتى بعد طول انتظار.